قال تعالى
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ»
لا بد من تربية النفوس بالبلاء، ومن امتحان التصميم على معركة الحق بالمخاوف والشدائد
وبالجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات
لا بد من هذا البلاء ليؤدي المؤمنون تكاليف العقيدة
كي تعز على نفوسهم بمقدار ما أدوا في سبيلها من تكاليف.
والعقائد الرخيصة التي لا يؤدي أصحابها تكاليفها لا يعز عليهم التخلي عنها عند الصدمة الأولى
فالتكاليف هنا هي الثمن النفسي الذي الذي تعز به
العقيدة في نفوس أهلها قبل أن تعز في نفوس الآخرين.
وكلما تألموا في سبيلها، وكلما بذلوا من أجلها كانت أعز عليهم وكانوا أضن بها.
كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها إلا حين يرون ابتلاء أهلها بها وصبرهم على بلائهاإنهم عندئذ سيقولون في أنفسهم: لو لم يكن ما عند هؤلاء من العقيدة خيراً
مما يبتلون به وأكبر ما قبلوا هذا البلاء، ولا صبروا عليه
وعندئذ ينقلب المعارضون للعقيدة باحثين عنها، مقدرين لها
مندفعين إليها
وعندئذ يجيء نصر الله والفتح ويدخل الناس في دين الله أفواجاً
ولا بد من البلاء كذلك ليصلب عود أصحاب العقيدة ويقوى.
فالشدائد تستجيش مكنون القوى ومذخور الطاقة
وتفتح في القلب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها المؤمن في نفسه إلا تحت مطارق الشدائد.
والقيم والموازين والتصورات ما كانت لتصح وتدق وتستقيم
إلا في جو المحنة التي تزيل الغبش عن العيون، والران عن القلوب.