طرق الباب بكل وجل وخجل طالبا اذن الدخول
وكأن قدماه لاتحملانه أوربما كان مريضا وكانت الرجفة طاغية على حركاته يقدم خطوة ويؤخر عشراً ولم يكن يستأذن ليدخل على رئيسه في العمل ولا يطرق بكل تأكيد عرين الأسد بل كانت زميلته في الدراسة ...
ألقى عليها السلام كما اعتاد دائما وقدمت له تحيته وبدأ الحديث كالعادة في امور الحياة والمشاكل اليومية وخلافه حتى صمت فجأة وكأن الكلمات على طرف لسانه ولايريد لها ان تخرج وكأنه يريد كتم صوته وفورا يغير الموضوع
وعاد الى الصمت ثانية ونظر اليها قائلاً ... كيف حالكِ؟؟
فأجابت والبسمة تعلو وجهها في تعجب : بخير والحمد لله
ثم أردفت قائلة : أتدري كم مرة سألت عن حالي ؟؟؟
وخدعها ذكاؤها هذه المرة فلم تتوقع من عينيه الكلمات ولكنها انتظرت ليفصح عن امر يكتمه
فقال : أود اخبارك بأمر ٍما
فقالت : بكل سرور تفضل
بدأ الحديث وكأنه طفل صغير يتلعثم في الكلمات ولاينظر في عينيها على غير العادة
وقال: أريد أن أتزوج ...
فقالت وابتسامة تعلو محياها : وماالمانع ؟؟
فقال : لي عامين احب فتاة وأريد أن أصارحها بما اكن لها ولكنها لاتلتفت الى اي فعل مني أو مبادرة لأن أستميل قلبها
وكنت أريد اطلاعكِ على الأمر وكنت اخجل منكِ ...
فقالت : ولم الخجل ؟؟ ألست لك أختا ً فقل مالديك
فقال : انها فتاة من عائلة محترمة ومركزها ممتاز وأخلاقها عالية جدا فتاة جمعت كل المميزات وكل المتناقضات وكأنها لوحة تجريدية ابدعها فنان ولم ينتج غيرها مقطوعة موسيقية تعزف اجمل الألحان يسمعها القلب حين تتحدث تعاملت معها كثيرا وأطلعتها على تفاصيل في شخصيتي وحاولت منها معرفة مايستهويها فاأكملت دراستي في أكثر من مجال واتقنت عملي واخذت فيه اعلى المراكز لأكون لها كفؤا وكل ذلك كان تحت ارشادها وتوجيهها لي
أحببتها ولي عامين أكتم عنها واخشى ان اخبرها فأخسر زوجة أريدها وأختا املكها !!
فقالت : أقصر الطرق للوصول الخط المستقيم فلماذا تمكث في عذابك عامين فلتخبرها ولتدخل من الباب وكفاك اختلاس النظر من النوافذ فمم تخاف ؟؟
قال : أعلم اني لست لها أهلا وأعلم أنني قد لااحتمل كونها لاتبادلني الشعور
فقالت : انت اهل لكل خير وتستحق ملكة الفتيات
فقال في لهفة وعيناه تلمعان : صدقا ً
فقالت : ماكنت لأكذبك حديثاً فأنا أعلمك وكم مرة دفعتك لأن تتزوج باكراً
فقال : لااتحمل أن لاتكون في حياتي وان رفضت قتلتني واخشى ان يكون حبي من طرف واحد
فقالت : أنت رجل تقدم بكل ثقة فالمرأة تحب الرجل الصريح وتحب البوح الواضح ولابد ان فتاة بمثل مواصفاتها ستحترم موقفك وحبك لها
واردفت (( هيا تطول ))
فصمت برهة .... وطال الصمت حتى قطعت صمته بقولها : مابك ... أين ذهبت والى اين وصلت ؟؟
فأجابها : أليست الصراحة أبسط الحلول
قالت : بلى
قال : ستحترمني
قالت : بلى
قال : فلتسمعي مني
قالت : أسمعك تحدث
فأجاب : أحبكِ وأريدك لي زوجة وأم اطفالي
وهنا عضت على شفتيها وارتفعت حرارتها وكادت تفقد وعيها من الصدمة
حاولت لملمة أشلاء مشاعرها جراء انفجار حبه
وحاولت أن تستجمع قواها
ولكنها لم تجد من الكلمات في قاموسها كلمة تجمع مابين السعادة والحزن والاكتئاب والذهول والصدمة والدهشة والرغبة في الضحك والبكاء كلها معا ً
وفي لحظات مر امامها شريط الذكريات وكأنه قال كلمة السر لحل كل الالغاز بداية من سرده لكل تفاصيلة لها لياخذ رأيها واستشارته لها في كيف يخطو لكي لاترفضه فتاة وسر تواجده في اي محفل تكون فيه وانه لم يكن مجرد صدفة وامور كثيرة جدا حتى اهتمامه الزائد وخوفه عليها من نسيم الهواء يمر ونظرة الألم في عينيه حين تبكي
كل ذلك مر في اجزاء من الثانية وكان عليها ان تنطق برد يعبر عن موقفها وفي نفس الوقت لايجرحه
استجمعت قواها وبالكاد نظرت لعينيه لتخبره قائلة :
أنا لاأستحقك ......
بقلمي ....
