المصريون في انتظار أن تهطل السماء دولارات

لا يجد المصريون في ليالي الشتاء الطويلة ما يؤنس وحشتهم ويبدد مخاوفهم من المستقبل الغامض سوى القيام بعمليات جمع وطرح وقسمة لمجموع الاموال الهاربة في بنوك سويسرا وأوروبا وبعض دول الخليج والتي تقوم حكومة
الدكتورعصام شرف
على قدم وساق ببذل الجهود المكثفة لإستعادتها من أجل ضخ الدماء في قلب الإقتصاد المصري الذي يواجه حالة موت سريري بسبب تراجع الإستثمارات وكثرة المظاهرات الفئوية وتراجع السياحة ومع تزايد الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها السواد الأعظم من المصريين وتزايد الحديث عن الثروات الهائلة التي يمتلكها العديد من رموز النظام البائد ورجال الأعمال.
يقضي المصريون حالياً وقتهم بتقسيم تلك الثروات على أفراد الشعب المصري ..وبالرغم من تراجع آمال بعض المراقبين في إمكانية استعادة معظم تلك الثروات إلا أن احاديث المجالس في الوقت الراهن بمختلف المدن والقرى لا تنفك ان تبرح عن تلك اللحظة التي تعود فيها الأموال لخزانة الحكومة المصرية.
وإذا كنت من رواد مقاهي وسط القاهرة ستجد الكثير من العاطلين عن العمل أو الذين خرجوا للمعاش المبكر بعد ان بيعت المؤسسات التي يعملون بها وهم يحسبون حجم ما سيحصل عليه كل مواطن ومن خلال الإستعانة بالهاتف النقال في عملية الحساب جلس خمسة من المواطنين على مقهى (أم كلثوم) يقومون بتقسيم 70 مليار دولار وهي حجم ثروات مبارك وفق بعض التقارير المنشورة وضج المكان بالتصفيق بعد ان كشفت النتيجة ان كل مصري سيحصل على خمسة آلاف جنيه وإذا ما أضيف لها ثروة زوجة الرئيس السيدة سوزان مبارك ونجليه جمال وعلاء فان المبلغ سيتضاعف ليصل لخمسة عشر الف جنيه .. يقول أسامه سعيد حارس امن في احد الفنادق اتفقت مع اشقائي في حال تقسيم تلك المبالغ على الشعب في عمل مشروع تجاري من أجل تأمين المستقبل.
ويقول البعض في حال تقسيم تلك الأمول بالعدل وهو ما يطمح إليه العديد من البسطاء فإن كل أسرة بوسعها أن تنجو من الفقر الذي ورثه عموم المصريين من زمن الرئيس المخلوع مبارك وان غالبية المصريين يريدون ان تقسم تلك الأموال المنهوبة فور إستردادها ويضيف فمنهم من بلغ الأربعين من العمر ولم يتمكن من الارتباط حتى الآن والمتهم الرئيسي في تحطيم قلبهم هو مبارك وبطانة السوء التي كانت تحيط به فراتبهم لا يتجاوز ستمائة جنيه وهو لا يكفي لحلم العمر فبالكاد يكفي قيمة المواصلات وتناول كوب شاي مع الأصدقاء لذا فالشباب وجدوا في ثورة 25 يناير الفرصة التاريخية للتخلص من الياس والإحباط المخيم على الجميع واصبح هناك طاقة نور وامل في ان نلحق بقطار الزواج بعد ان امضينا في سجن العزوبية كل تلك السنوات في زمن الحكم البائد..
وتعد وسائل المواصلات ساحة للحديث عن الثروات الهاربة وعادة ما يدور حوار ساخن بين السائق والركاب حول نفس الموضوع فما بين بائس ومتفائل في إمكانية نجاح حكومة تسيير الأعمال في إستعادة تلك الأموال يشتعل الحديث بين الحاضرين الذين لا يسمحون في أغلب الاحيان ان يكون بينهم من يشكك في إمكانية عودة الثروات باعتبار أن الأمل في نقل غالبية المصريين من جداول المستدينين إلى عالم المستورين يبقى الحلم الأكثر أهمية بالنسبة لهؤلاء.
وبات من التلقائي عندما تجلس على اي من المقاهي ان يباغتك سائل لا تعرفه عن موعد إعادة ثروات مبارك وأسرته ويتعرض النائب العام لإنتقاد بالغ بسبب ما يعتبره المراقبون بطيئا في ملاحقة سدنة النظام البائد، خاصة اولئك الذين لازالوا مطلقي السراح وعلى رأسهم صفوت الشريف الأمين السابق للحزب الوطني وزكريا عزمي أمين مؤسسة الرئاسة الذي يطلق عليه (ظل مبارك) بالإضافة لفتحي سرور رئيس مجلس الشعب كما يشع غالبية المواطنين بالغضب بسبب فرار حسين سالم صديق مبارك وصاحب صفقة تصدير الغاز لإسرائيل ومحمد رشيد وزير التجارة والاستثمار السابق وعدم عودتهم حتى الآن وبالرغم من ان وزير المالية المصري أعلن قبل يومين بأن الكثير من الأنباء التي تنشر حول الثروات الهاربة لرموز حكم مبارك والعديد من رجال الأعمال مبالغ فيها إلا أن السواد الأعظم من المصريين لا يعبأون بمثل تلك التصريحات ويتشبثون بالأمل وبما ينشر كل يوم وقد أسفر هذا الإهتمام البالغ بالأموال الهاربة عن حالة من الرواج غير المسبوق لسائر الصحف والمجلات مما أسفر عن سعادة تخيم على وجوه بائعي الجرائد الذين يبدأون يومهم بالدعاء للثورة وصناعها لأن سلعهم التي كانت راكدة باتت تنفد بعد ساعات قليلة من عرضها وقد انتبه معظم المشرفين على تلك الإصدارت اهتمام القراء بمتابعة ملف الأموال المنهوبة لذا حرصوا على أن تكون معظم المانشيتات حول ذات الموضوع حتى ان الحرب التي تشهدها ليبيا وأحداث اليمن وسورية المشتعلة تتوارى في الصفحات الداخلية.
وعلى لسان عامل نظافه قال أحلامي متواضعة للغاية فانا متزوج واعول خمسة اطفال وراتبي لا يزيد على 300 جنيه تكاد تكفي للإيجار ورسوم الكهرباء والمياه مما جعلني أشعر بالخجل من اسرتي وحينما أعود للمنزل يكرر الأولاد سؤالا وحيدا ( إمتي هتجيب لنا لحمة)..