بسم الله الرحمن الرحيم
أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تحصى
( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )
والبصر من هذه النعم التي امتن بها علينا البارئ عز وجل ، قال سبحانه وتعالى
( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )
وقال سبحانه
( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون )
فالواجب علينا كمسلمين أن نشكر لله تعالى هذه النعم والتي منها نعمة البصر وذلك بأن نستخدمها فيما يرضي الله ولا يغضبه .
يقول عز من قائل
( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية : هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم وأن يغمضوا أبصارهم عن الحارم
فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا .
وقال القرطبي رحمه الله : البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر ظرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه
فغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله .
ولم يختص الله عز وجل الرجال بذلك بل أمره للنساء أيضا ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) .
كما ان في السنة النبوية المطهرة أحاديث تدل على وجوب غض البصر ، فعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ اضمنوا لي ستا من انفسكم أضمن لكم الجنة ، اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا أئتمنتم وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم ].
وجاء في سنن ابن داود أن الفضل ابن عباس لما نظر إلى امرأة حول النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الشق الآخر ، قال ابن قيم الجوزية وهذا منع وإنكار
بالفعل فلو كان النظر جائزا لأقره عليه .
وكان السلف الصالح رحمهم الله يحرصون على الإلتزام بهذا الأمر وذلك حذرا من الفتنة وخوفا من العقوبة فقد كان الربيع ابن خيثم يغض بصره فمرت به نسوة
فأطرق حتى ظنت النسوة أنه أعمى فتعوذن من العمى .
وخرج حسان ابن أبي سنان يوم عيد فلما عاد قالت له امرأته - كم من امرأة حسناء قد فقال والله ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك.
وأختم كلمتي بما قاله الإمام الغزالي في - إحياء علوم الدين -
إن العين مبدأ الزنا فحفظها مهم وهو عسير من حيث أنه قد يستهان به ولا يعظم الخوف منه والآفات كلها عنه تنشأ
والنظرة الأولى إذا لم تقصد لا يؤاخذ بها والمعاودة يؤاخذ بها.
بتصرف عن مقال
لإبراهيم الجنابي الواعظ الديني والباحث في العلوم الإسلامية في أبو ظبي
مواقع النشر (المفضلة)