أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعا..
ومنذ وضع يمينهفي يمين الرسول
أصبحت يده اليمنى موضع تكريم كبير فآلى على نفسه ألا يستخدمها الافي كل عمل طيّب، وكريم..
هذه الظاهرة تنبئ عما يتمتع به صاحبها من حسّ دقيق.
و رضي الله عنه صورة رضيّة من صور الصدق، والزهد، والورع،والتفاني وحب الله وطاعته...
وان معه من توفيق الله ونعمة الهدى لشيئا كثيرا ومع ذلك فهو لا يفتأ يبكي، ويبكي، ويقول:
" يا ليتني كنت رمادا،تذروه الرياح"..!!
ذلك أن هؤلاء الرجال لم يكونوا يخافون الله بسبب مايدركون من ذنب فقلما كانت لهم بعد اسلامهم ذنوب..
انما كانوا يخافونهويخشونه بقدر ادراكهم لعظمته وجلاله وبقدر ادراكهم لحقيقة عجزهم عن شكره وعبادته فمهما يضرعوا، ويركعوا، ومهما يسجدوا، ويعبدوا..
ولقد سأل أصحاب الرسول يوماً رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
" يا رسول الله، مالنا اذا كنا عندك رقّت قلوبنا وزهدنا دنيانا وكأننا نرى الآخرة رأي العين.. حتى اذا خرجنا من عندك،ولقينا أهلنا وأولادنا، ودنيانا، أنكرنا أنفسنا..؟؟"
فأجابهم عليه السلام:
" والذي نفسي بيده لو تدومون على حالكم عندي لصافحتكم الملائكة عيانا، ولكن ساعة.. وساعة.
وسمع (....) هذا الحديث. فاشتعلت أشواقه.. وكأنما آلى على نفسه ألا يقعد دون تلك الغاية الجليلة ولو كلفته حياته وكأنما لمتقنع همّته بأن يحيا حياته ساعة.. وساعة.. فأراد أن تكون كلها ساعة واحدة . موصولة النجوى والتبتل لله رب العالمين
** وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أرسله الخليفة الى البصرة ليفقه أهلها ويعلمهم .. وفي البصرة حطّ رحاله وأقبل عليه أهلها مذ عرفوه يتبركون به ويستضيؤون بتقواه. كان (....) يرفض أن يشغله عن الله وعبادته شاغل استغرق في العبادة واستوعبته العبادة حتى صار كأنه لا ينتمي الى عالم الدنيا التي يعيش فوق أرضها وبين ناسها.. أجل.. صار كأنه ملك يحيا بين الملائكة يحادثونه ويحادثهم.. ويصافحونه ويصافحهم..
** ولما وقع النزاع بين المسلمين لم يقف موقف الحيدة وحسب بل راح يرفع صوته بين الناس داعيا ايّاهم أن يكفوا عن الاشتراك في تلك الحرب حاضنا قضية الاسلام خير محتضن.. وراح يقول للناس:
" لأن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل حتى يدركني الموت أحبّ إليّ من أن أرمي في أحد الفريقين بسهم أخطأ أم أصاب".. وكان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلا:
" الزم مسجدك.. فان دخل عليك، فالزم بيتك.. فان دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالكفقاتله"..
** وحقق أعظم نجاح حين أصابه مرض موجع لبث معه ثلاثين عاما ما ضجر منه ولا قال: أفّ.. بل كان مثابرا على عبادته قائما، وقاعدا وراقدا.. وكان اذا هوّن عليه اخوانه وعوّاده أمر علته بكلمات مشجعة، ابتسم لها وقال:
" ان أحبّ الأشياء الى نفسي، أحبها الى الله"..!! وكانت وصيته لأهله واخوانه حين أدركه الموت:
" اذا رجعتم من دفني، فانحروا وأطعموا"..
أجل لينحرواويطعموا فموت مؤمن ليس موتا انما هو حق زفاف عظيم، ومجيد تزف فيه روح عالية راضية الى جنّة عرضها السموات والأرض أعدّت للمتقين
مواقع النشر (المفضلة)