خطرت على بالي فكرة
وهي أن نأتيَ بكلمات قد يجهل البعض منّا معناها وتفيسرها ونحاول البحث عن أصلها وشرحها
أرجو أن تروقكم الفكرة كما آمل أن تكون هذه المساحة بها ما يفيدنا وهي منكم وإليكم أيّها الأحبّة
أفتتح بهذه الكلمات الثلاث
البَلْطَجِيّة والمُرْتزِقة والشِّبِّيحة :
********
كتب د . سعيد بن محمّد القرنيّ .
البَلْطَجِيّة والمُرْتزِقة والشِّبِّيحة :
مصطلحاتٌ ذاعَ في النّاس أمرُها ، واستُنبِتَتْ في غير ترابٍ ؛ فالبلطجيّة في أرض مصر ، والمرتزقة في أرض ليبيا ، والشّبّيحة في أرض سوريا . بينها قواسِمُ في المعنى والمغنى ؛ فكلّها منصرفةٌ للدّلالة على المأجورين على قتل العباد وإفساد البلاد ؛ ممّن باعَ دينَه بعَرَضٍ من الدّنيا ؛ لجهلٍ أو طمَعٍ .
تأمّلْتُ أُصولَ تلك المصطلحات اللغويّة ؛ فوجدتُ أولاها ( البَلْطجيّة ) ترتدّ في دلالتها إلى البلاط ؛ وهو وجْهُ الأرض ، والفعلُ منه الدّالّ على الإفساد أَبْلَطَ ؛ يقالُ : " أَبْلَطَ ؛إِذا أَفْلَس فلزِق بالبَلاط " ، و " وأَبْلَطهم اللِّصُّ إِبْلاطاً: لم يدَعْ لهم شيئاً " ؛ فالإبْلاطُ من أفعال اللصوص على وجه الإفساد . وأَبْلَطَ المطرُ الأَرضَ: أَصاب بَلاطَها، وهو أَن لا ترى على متنها تراباً ولا غباراً " ؛ ومنه سُمِّيَ البَلاطُ بَلاطاً ؛ " البلاطُ ضرب من الحجارة تفرش به الأَرض " لا يستبقي ولا يُبْقي .
وكان النّسَب القياسيّ إليه على " بَلْطِيّ " ؛ فخِيفَ الالتباس فزيدت الجيمُ على التّلفيق بين العربيّة والتّركيّة ، وليست الجيمُ في العربيّة حرفَ زيادةٍ ، وما شذّ عن القياس في العربيّة عالجوه بحرفَيْ الزّيادة ؛ الواو تارةً ، والنّون أخرى . ولكنّ التّركيّة تعالِج النّسب أو النّسبة بالجيم وياء النّسبة ؛ نحو : " جوهرْجيّ ، وصفْرجيّ " منسُوبيْن إلى الجَوْهرة والصُّفْرة .
وثانيها " المُرتزِقة " اسمُ فاعلٍ من الفعل الخماسيّ مبنًى ، الثّلاثيّ المزيد بهمز الوصل من أوّله وتاء الافتعال في حشْوه تحريراً لمزيد الحروف وأصليّها " يَرْتَزِقُ " ؛ أي : يطلُبُ الرّزْقَ مجتهِداً في ذلك . وقد شاعَ في ليبيا ، وهو من باب وضْع الشّيء في غير موضعه ؛ فقد أُجرِيَ الرّزقُ على ما ليس برزقٍ ، بالحَمْل على جمع المال في زمانك من حِلٍّ أو حرَمٍ . فالتّكسّب بالكبائر وقتل النّفس الّتي حرّمَ الله صار ارتزاقاً . وأجراه السّائسُ السّياسيّ على النّفير النّصير لإخوانه المسلِمين حيث كانوا ؛ من باب وضع الشّيء في غير موضعه أيضاً ؛ فشتّان بين الأجر والأجرة ! .
ولعلّ ثانيهما جارٍ على أصله الغربيّ " Mercenaries " الّذي يتغيّا المالَ حيثُ كان سلماً وحرباً ، وحلاًّ وحرمةً .
وثالثُها " الشِّبّيحة " ؛ وهو صيغة مبالغةٍ غير قياسيّةٍ على زنة فِعِّيلٍ ؛ من الشّبح ؛ وهو " الشَّبَحُ: ما بدا لك شخصُه من الناس وغيرهم من الخلق " . " وفي صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان مَشْبُوحَ الذراعين أَي طويلَهما، وقيل: عريضهما؛ وفي رواية: كان شَبْح الذراعين؛ قال ذو الرمة: إِلى كل مَشْبُوحِ الذِّراعَيْنِ، تُتَّقَى به الحربُ، شَعْشاعٍ وأَبيضَ فَدْغَمِ تقول منه: شَبُحَ الرجل، بالضم.
وشَبَّحَ الشيءَ: عَرَّضَه، وتشْبِيحُه: تعريضه " .
وقد أجراه كلُّ جبّارٍ عنيدٍ في سوريا على أشْباح المُعَذَّبين بظلّهم ، وعلى كلّ مشْبوح الذّراعَيْن عريضهما ؛ من الجلاّدين المتكسّبين بالعذاب والتّعذيب ؛ فغنموا منه كلّ ما شبُح من السّيّارات وما في حكمها .
مصطلحان مستَنبَتان في أراضٍ إسلاميّةٍ ، وثالثٌ مستَوْرَدٌ استيرادَ الطّعام والشّراب وسائر المنافع من الغرب الموجِّه للشّرْق المُوَجَّه .
أزْلام
جاءت في القرآن الكريم في قول الله تعالى
(إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )
المائدة:90
هي سهام صغيرة كان أهل الجاهلية يكتبون على بعضها
افعل وعلى بعضها لا تفعل
ويضعونها في كيس
فإذا أراد المرء حاجة أدخل يده في الكيس لإخراج واحد منها
فإذا وجد المكتوب عليها " افعل " مضى في حاجته
وإذا وجد العكس لم يمضِ في حاجته
أنْصاب
وأمّا الأنصاب فكان قوم الجاهليّة ا ينصبونها ليذبحون عندها لأصنامهم
وهي عبارة عن حجارة كانت تُنصب حول الكعبة فيذبح عليها لغير الله
مفردها نصب وهو كل ما عبد من أصنام وتماثيل ونحوها من دون الله
وأيضاً ما رفع من حجارة أو غيرها تخليدا لذكرى الأبطال والشهداء ونحوهم (النصب التذكاري)
وهو أيضاً بلاء و شر
والنصب أيضاً يطلق على المرض ونَصَبَ معناه وقف نصب عيني أي أمامها
ومن الطّريف أنّنا في المغرب إذا أردنا مثلاً تحضير الطّعام نقول باللسان الدّارج
نَنْصَب الغدا أو العشا
أي نحضره وذلك بوضع كل المكوّنات اللازمة له
كلمة فارسية تتكون من كلمتين "بيمار" أي مريض "ستان"
أي محل و مكان أي دار المرضى
و قد دخلت هذه الكلمة اللغة العربية بهذا المعنى
يقول الجوهري في الصحاح :
المارستان بيت المرضى
وكان المراد بالمارستان مكان معالجة كافة الأمراض
ثم أقتصر بعدئذٍ على المكان المخصص لرعاية المجانين .
السفسطة : هى حب الجدل أو الجدل لمجرد الجدل وليس لاقتناع بفكرة أو مبدأ بل رغبة فى التضليل
والسفسطائى هو الشخص الذى يجادل ويضلل كل شيء وكل حقيقة و "سفسطائي"
كانت تُستعمَل في بداية الأمر للدلالة على صاحب مهنة الكلام
ولم تكن تُستعمَل بمفهومها المنتقص الذي أضحى شائعًا فيما بعد
ظهرت السفسطة حوالي عام 490 - ق. م حين كانت الفلسفة اليونانية في عز ازدهارها
وأشهرهم (بروتاغوراس)، واضع المحور الذي تدور عليه سخافات السوفسطائيين، بقوله المشهور:
(إن الإنسان مقياس كل شيء)
فقد كان العلماء والفلاسفة يرون أن الحقيقة تُدرَك بالعقل لا بالحس؛ لأن الحواس خادعة
فجاء بروتاغوراس هذا، ينكر المعرفة بالعقل، ويزعم أن الإحساس هو المصدر الوحيد للمعرفة.
ولما كان الناس يختلفون باحساساتهم، باختلاف أجسادهم وأعمارهم
فقد أصبح إدراك الحقيقة مستحيلاً، وأصبح ما يدركه كل شخص صحيحاً بالنسبة إليه
ولا يوجد شيء يمكن أن يسمّى خطأ، لأن كل رأي هو صحيح بالنسبة للشخص المدرِك ...
وقد أطلق العرب على هذا المبدأ القائل بأن الإنسان مقياس كل شيء، إسم (العِـنـديـّة)
لأنه يؤدي لاعتقاد كل فردٍ بما عنده. ومنها لفظ عنيد اى الذى لايرى سوى مايراه
ثم جاء أحدهم، (غورجياس)، فدفع السوفسطائية إلى غايتها الأخيرة في السخافة والهذيان والتعطيل
حين أنكر، دفعة واحدة، وجود الأشياء. وقال باستحالة المعرفة، والتعارف والتفاهم بين الناس
وإن كان له الفضل من حيث أنه أخرج لنا (سقراط) إن سقراط هو الذي أسس وبنى فلسفة المعرفة
فقد رأى هذا الفيلسوف، أن أخلاق عصره تنهار أمام دجل السفسطائيين
الذين أنكروا العقل، والحق، واليقين، وفضائل الأخلاق، بما زعموا من ردّ أصول المعرفة
كلها إلى الإحساس؛ فأراد أن يرد أصول المعرفة إلى العقل، الذي يتفق الناس جميعاً
على أحكامه بلا خلاف، ليصل بهذا إلى وضع حدٍّ وتعريفٍ للفضيلة.
الطابور الخامس
هو تعبير نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936 م.
واستمرت ثلاث سنوات وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال اميليو مولا أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد
وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار وقال: إن هناك طابورًا خامسًاً يعمل مع الوطنيين
لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد ويقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب.
وترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحروب واتسع ليشمل مروجي الإشاعات ومنظمي الحروب النفسية
التي انتشرت نتيجة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي .
وللعلم كلمة طابور تركية الأصل وتنطق بالتاء وهي بالعربية (الصف)
مواقع النشر (المفضلة)