الأصل في الأخوة أن يُذهب الأخ عن أخيه البؤس والحزن
ويبعث في نفسه الطمأنينة بالود والقرب منه. ما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا فتجد فيها أخا عزيزا
أو صديقا حميما يشاركك أحزانك و يُواسيك في همومك. وأجمل من ذلك حين يُقاسمك، الشراكة في العمل الصالح
﴿ اشدد بهِ أزري وأشركهُ في أمري كي نُسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا ﴾
سُئل حكيم: كيف تعرف ود أخيك؟
فقال: يحمل همي، ويسأل عني، ويسد خللي، ويغفر زللي، ويذكرني بربي. فقيل له: وكيف تكافئه؟ قال: أدعو له بظهر الغيب.
قال ابن تيمية رحمه الله:
مثل الأخوة في الله كمثل اليد والعين
إذا دمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها.
قالَ الشيخُ رَحِمَهُ الله :تأمل هذهِ الآية من عدةِ وجوه:
أولاً: أنهم لم يسألوا الله سبحانه وتعالى ، وإنما طلبوا من خزنة جهنم أن يدعوا لهم .
لأن الله قال لهم :
﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ )
المؤمنون: ١٠٨
فرأوا أنفسهم أنهم ليسوا أهلا لأن يسألوا الله ويدعوه بأنفسهم بل لا يدعونه إلاّ بواسطة .
(ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفَّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ)
ثانياً: أنهم قالوا ( ادعوا ربكم )
ولم يقولوا : ادعوا ربّنا لأن وجوههم وقلوبهم لا تستطيع أن تتحدث
أو أن تتكلم بإضافة ربوبية الله لهم , أي بأن يقولوا ربنا
فعندهم من العار والخزي مايرون أنهم ليسوا أهلا
لأن تضاف ربوبية الله إليهم بل قالوا ( ربكم ) .
ثالثاً: لم يقولوا يرفع عنا العذاب
بل قالوا ( يُخفّف ) لأنهم نعوذ بالله آيسون من أن يرفع عنهم .
رابعاً: أنهم لم يقولوا يخفف عنا العذاب دائما
بل قالوا ( يوما من العذاب ) يوما واحدا
بهذا يتبين ما هم عليه من العذاب والهوان والذل.
﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ﴾
الشورى: ٤٥
أعاذنا الله منها .
( من كتاب تفسير جزء عمّ للشيخ بن عثيمين رحمه الله ج١ ص٣٣)
مواقع النشر (المفضلة)