مليلية

مدينة مليلية هي أرض ذات استقلال ذاتي تابعة لإسبانيا ومحاطة بكل الأطراف بالأراضي المغربية ، احتل خوان ألفونسو پيريز إل بوينو ثالث دوق لمدينة صيدونيا Duque de Medina Sidonia مدينة مليلية عام 1497. حدود المنطقة الإسبانية حددتها معاهدات اسبانية مع المغرب أعوام 1859، 1860 ، 1861 ، و 1894.
ترفض المملكة المغربية حاليا الإعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية و تعتبرهما جرء لا يتجرء من التراب المغربي, حيث يتمتع سكانها من أصل مغربي بحقوق كاملة داخل المغرب كباقي المغاربة ، و يطالب المغرب إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها لأجل إسترجاعهما. كما تعتبرهما إحدى أواخر معاقل الإستعمار في أفريقيا.

في مدينة مليلية التاريخ والجغرافيا يتعانقان، فهنا تزاوج سحر افريقيا وغموضها بتاريخ الأندلس فانجبا مدينة صغيرة تخلب اللب وتغري المستكشفين.
وهي اليوم جوهرة اسبانية واوروبية رصع بها تاج القارة السمراء، وغسلتها مياه البحر المتوسط فاكسبتها جمالا وضاء.
بحثت عن تاريخ مليلية فوجدت له، كما هو الحال في كثير من بقاع الارض، قراءتين. فبالنسبة لاسبانيا، مليلية وسبته أرض اسبانية، يعود الوجود الاسباني فيهما إلى القرن الخامس عشر. فقد احتلت اسبانيا مليلية عام 1497 وسبته عام 1580، وكانتا قبل ذلك جزء من الدولة الأموية في الأندلس.
وبالنسبة للمغرب فإن مليلية وسبته مدينتان عربيتان محتلتان.
ثورة الريف
كانت مليلية مركزا لثورة "قبائل الريف" عام 1921، بزعامة المجاهد عبد الكريم الخطابي، والذي حدثني عنه كل من التقيت بهم في مليلية، رغم أن أحدا منهم لم يعاصره.
قالت لي رشيدة، المرشدة فى متحف مليلية الوطني، "انه ابن الريف المغربي، وقد قضى آخر أيامه في القاهرة، ولايزال اولاده واحفاده يعيشون في مصر. لا احد هنا يجهل الخطابي، ابن الحسيمات".
وبعد تحرر الجنوب المغربي عن فرنسا والشمال عن اسبانيا، احتفظت اسبانيا بسبته ومليلية ثم اعلنتهما لاحقا في مطلع التسعينيات، منطقتين تتمعان بالحكم الذاتي.
وبعد ان كان اقتصاد المدينتين يعتمد أساسا على صيد الاسماك، والتجارة وتهريب السلع عبر نقاط الحدود المتعددة، أصبحت السياحة مصدرا رئيسيا للدخل إلى جانب المنح والوظائف الحكومية والعسكرية بكل من الحكومة الاسبانية والاتحاد الاوروبي.
تجمع الآراء على أن عدد سكان مليلية يبلغ نحو 70 ألف نسمة، وتتراوح نسبة المغاربة بينهم ما بين 30 إلى 40% منهم، يعمل معظمهم بالاعمال الخدمية الحرة كقيادة سيارات الأجرة والتجارة.
تعددية حضارية
وتعتبر مليلية نموذجا للتعددية الحضارية، والعيش المشترك بين اتباع الديانات المختلفة، فهي تضم مسيحيين ومسلمين ويهود وأقلية من الهندوس.
ويحرص المغاربة هنا على تعريف انفسهم بانهم مسلمون، وهم يتحدثون باللغة الأمازيغية المستخدمة في الريف المغربي، ولا أدل على ذلك من القاء خطيب أكبر مساجد مليلية لخطبة الجمعة كاملة بالأمازيغية. أما من يتكلمون العربية فهم قليلون ومعظمهم ممن درسوا بالمدارس والجامعات المغربية.
وتشجع حكومة المدينة على نشر وتبني اللغة والثقافة الاسبانية، وقد انشأت فوق المسجد الرئيسي بالحي الاسلامي، مركزا ثقافيا ومدرسة لتعليم الكبار اللغة الاسبانية






تولى الجنرال فرانكو دكتاتور اسبانيا السابق قيادة حامية المدينة

الريغولاريس





والزائر لمليلية يشعر بالوجود العسكري القوي لإسبانيا، فبالاضافة الى تعدد الثكنات العسكرية ووجود حامية عسكرية كبيرة، هناك وحدات عسكرية ذات طبيعة خاصة وتاريخية.
من هذه الوحدات "الريغولاريس" وهي قوة انشأها عام1936 الجنرال فرانكو، ديكتاتور اسبانيا السابق، وقوامها من جنود الريف المغربي، ويلبسون زي الجيش الاسباني ويضعون على رؤوسهم الطربوش المغربي التقليدي ويحمل شعارها الهلال الإسلامي.
اي هوية يفضلون؟
سأل كل السكان هنا من الريفيين المغاربة، هل تفضلون ان تكون مليلية اسبانية، أم مغربية؟
واجمعوا جميعا وبدون استثاء، على انهم "يحبون المغرب ويشعرون بالانتماء الشديد إليه ولكنهم يفضلون ان يحملوا هويات اسبانية"، فهذه الهوية الأوروبية تعني لهم فرصا أكبر وحياة أفضل وديمقراطية أوسع ومستقبلا أرحب.