الغذاء الملكي Royal Gely



يتساءل الباحثون منذ زمن ارسطاطاليس عن ملكة النحل وعن سبب نموها بالطول و الحجم الكبير نسبة للنحلة العاملة، رغم أنهما ينتجان عن نفس النوع من البيض، ثم عن قدرتها العجيبة على وضع البيض بتلك الأعداد الهائلة ، إذ تضع الملكة في موسم الربيع حوالي 2000بيضة في اليوم الواحد .ثم لماذا تعيش طويلاً لتصل إلى 6-7سنوات من العمر المديد نسبة للنحلة العاملة التي لا تعمر لأكثر من35يوما؟؟....نعم لقد استطاع علم الكيمياء الحيوية حل كل هذه الألغاز

فالعاملات تضع البيضة التي انتقيت لتكون ملكة في بيت شمعي خاص على هيئة تمرة الفستق السوداني، و الذي يدعى بالمهد الملكي .واليرقة التي تفقس عنها البيضة تغمر في مهدها ،ضمن مادة قشدية القوام، غروية، لؤلؤية أو حلبية اللون هي الغذاء الملكي أو الهلام الملكي،أو ما يسميها المؤلفون الروس "حليب الملكات" ذات طعم حامضي و رائحة نوعية خاصة تفرزها العاملات"الصبايا" بواسطة غددها اللعابية الفكية العلوية و تسكبها ضمن المهد الملكي.

لقد كان عالم الطبيعة سيفاميردام[17]أول من لفت النظر إلى أهمية الغذاء الملكي في نمو و تطور الملكات منذ أكثر من أربعة قرون. ثم إن فرانسوا هيبر1 وفي القرن الثامن عشر هو الذي سمى هذه المادة "الهلام الملكي" . أما كابلاس Kaplassفهو الذي نوه عام 1953إلى إمكانية الاستخدام الطبي للمعالجة بهذه المادة العجيبة.



ما هي مكونات الغذاء الملكي:

الغذاء الملكي مادة معقدة جداً تتكون بشكل رئيسي من البروتينات 18% وسكريات 10ـ17% ودهنيات 5.5% ومن أملاح معدنية 1% وإذا قارنا هذه النسب في مكونات الغذاء الملكي مع نظائرها في حليب البقر، والذي يحتوي على بروتينات 3.3% وسكريات 6.4% ودهنيات 4%، ندرك عندها القيمة الغذائية الكبرى لهذه المادة.

وفي الغذاء الملكي الطازج غير المجفف نجد العديد من الفيتامينات بنسبة وافرة وهي ب1، ب2، ب3، ب6، ب ب ، هـ H. أما الفتياميتات آ و د و ج فنسبتها ضئلية في الغذاء الملكي.

وتتكون من البروتينات الغذاء الملكي من أكثر من 22 حمضاً أمينياً يأتي في طليعتها الأرجنين والأسباراجين والغالين والغليكول والغلوتامين والليسين والميتيونين والتربتوفان والهستدين والسيستين والتيونين والليفسين وغيرها.

وهذه المكونات تجعل من الغذاء الملكي مادة حيوية فعالة جداً وذات قيمة غذائية كبيرة.

ونشير بشكل خاص إلى أهمية احتواء الغذاء الملكي على الفيتامين و= Eالذي ينشط الوظيفة الجنسية[18]، في حين أن الغذاء الذي تطعمه اليرقات التي تنتج ذكوراً وعاملات يبدو خال تماماً من هذا الفتيامين، وتبين للباحث غيلي[19]أن إطعام الفئران من غذاء العاملات يجعلها غير مخصبات فالغذاء الذي تطعمه يرقات الذكور والعاملات، وإن كان له نفس مكونات الغذاء الملكي لكنها هنا أقل كثافة بكثير مما هي عليه في الغذاء الملكي.

والغذاء الملكي غني جداً بالأستيل كولين حيث أن الغرام الواحد منه يحتوي على 1ملغ من الأستيل كولين الضروري لنقل التنبيهات العصبية عند الإنسان. كما يحتوي على مادة الإينوزيتول Inositol، وهي مادة على إزاحة الدسم من الكبد وخفض مستوى الكولسترول في الدم، كما يعمل على حفظ رونق الشعر.



الغذاء الملكي والهرمونات


أكد هنري هيل[1] H.Haleمنذ عام 1939 أن الغذاء الملكي يحتوي على الهرمون الجنسي الموجه للقند الغونادوتروبين Gonadotropineـ وإن التجارب التي أجراها على حيوانات المخبر بينت أن حقن الفئران بخلاصة الغذاء الملكي تحت الجلد ولمدة خمسة أيام أدت إلى نشاط جريبي في مبايضها وإلى زيادة حجم تلك المبايض.

وفي مركز الأبحاث الوطني المبصري[2]قام الباحثون الدكتور سلامة وزملاؤه بإجراء دراسة لمعرفة تأثير الغذاء الملكي على إناث الفئران. كان وزن الفأرة في بداية التجربة 37غ، وقد قسمت الفئران إلى مجموعتين، أعطيت فئران المجموعة الأولى 40ملغ من الغذاء الملكي، ولم تعطها فئران المجموعة الثانية ، وبعد أربعة اسابيع، أصبح وزن الفئران في المجموعة الأولى 79غ وأصبحت قابلات للحمل إذ نضجت جنسياً بعد 26يوماً فقط. أما أفراد المجموعة الثانية فقد وصل وزنها إلى 60غ فقط واستغرق نضجها الجنسي مدة 42يوماً.

هذه النتائج تؤكد فعالية الغذاء الملكي في سرعة النضج الجنسي وفي زيادة الوزن عند الفئران.

وأكد الباحث أحمد عبيد أن إعطاء الجرذان المستأصلة مبايضها الغذاء الملكي يزيد من وزن أرحامها وأن له بذلك خاصية الهرمون المؤنث الاستراديول، أما عند ذكور الجرذان فقد أثبتت أن له أثراً عليها شبيه بفعل التسترسترون.

خاصية الغذاء الملكي المضادة للحيوية:

أثبت س.ماكليسي و رم ميلامبي[3]أن للغذاء الملكي خاصة متفوقة في قتل الجراثيم تزيد على حمض الفينيك وهذا ما يفسر بقاءه بعد أن يجف فترة طويلة دون أن يفسد ويرى كثير من العلماء أن الغذاء الملكي يتمتع بخواص موقفة لنمو الجراثيم وأخرى مبيدة لها. ويفسرون ذلك بوسطها الباهاء = PHالحامضي، وقد قام ملادينوف[4]1961 بدراسة أثبت فيها أن الغذاء الملكي الطازج والمحفوظ جيداً يبدي خواص مضادة للجراثيم سواء منها الإيجابية أو السلبية الغرام، كما أنه قاتل لبعض الطفيليات من زمرة وحيدات الخلية كالمتحول العادي أو الزحاري، إلا أنه بعد تمديده يفقد تلك الخاصة.

ويرى كل من ميلامبي وغولبر[5]أن الغذاء الملكي يخرب العصيات السلية أيضاً. وقد كتبت الدكتورة ستسكالا فنزويل [6]أن الملكي قاتل لطفيلي اللايشمانيات المدارية Trypanosoma Cruceالمسبب لمرض مميت للإنسان، حيث ثبت أن الطفيلي يموت ضمن الغذاء الملكي خلال 4ـ8 دقائق، كما بينت المؤلفة أثراً مشابهاً ضد الأميب الزحاري.

وفي أكادمية العلوم الطبية روماني قام البروفيسور أ.ديريفتش[7] Derevichوزملاؤه بدراسة الخاصة المضادة للحمات الراشحة للغذاء الملكي. أجريت على ذراري حمات الكريب من زمرة آ وب وتبين له أن الغذاء الملكي الطازج فقط يملك هذه الخاصية. لقد تم حقن الجوف السقائي لجنين بيضة الدجاج بـ 2ملغ لمحلول مائي لخلاصة الغذاء الملكي مع مقدار من هذه الحمات الراشحة وبعد إمرارها passigesعلى 3زرعات لم يمكن في أي منها عزل الفيروسات الحمات المذكورة، كما لم يلاحظ أي أثر ضار للفيروس على أجنة البيض بعد النقل المذكور.

وقد أجرى البروفيسور أيوريش[8]تجارب سريرية لمعرفة الخواص العلاجية والوقائية لمستحلب غولي للغذاء الملكي[9]على الكريب والأنفلونزا وإن إضافة الغول إلى الغذاء الملكي علاوة على أنه ضروري لحفظه فهو يسهل امتصاصه عبر الأغشية المخاطية للفم واللسان والحلق والأنف، وقد تبين أنه من أجل الوقاية من الكريب، يكفي دهن الغشاء المخاطي للأنف بذلك المستحلب مع تناول 20 نقطة منه تحت اللسان، أو أن يتمضمض به في جوف الفم والحلق أما حالة الإصابة بالكريب فيعالج بنفس الطريقة المذكورة أن تكرر ثلاث مرات في اليوم ولمدة يوم واحد أو يومين.

الغذاء الملكي والشيوخ:

يرى البروفسور ريمي شوفان[10]وكوريوتي أن الغذاء الملكي ينشط العضوية كلها، ويحسن الشهية ويزيل الشعور بالتعب ويزيد من الطاقات الحيوية للبدن، وهذا حقاً ما يلزم الشيوخ. ففي عام 1966 كتب الطبيب الفرنسي ديسترم[11]نتيجة تجاربه عن معالجته لشكاوي الشيوخ بإعطائهم الغذاء الملكي حقن 20ملغ يومياً تحت الجلد لـ 134 شيخاً معظمهم في عمر بين 60ـ80سنة وكانت النتائج إيجابية في 60% من الحالات، فقد ازداد نشاط المعالجين ومحبتهم للعمل والحياة وتحسنت شهيتهم للطعام.

أما البروفسور بيشيف[12] Piechevوزملاؤه بلغاريا 1967 فقط أجروا دراسة سريرية على 23 شيخاً مسناً بعمر فوق الـ 60عاماً. وتبين أن إعطاء الشيوخ علاجاً مركباً من العسل والغذاء الملكي وغبار الطلع له تأثير منشط جداً حيث تحسنت صحتهم العامة ومزاجهم، وشهيتهم للطعام، كما تحسن نومهم وتراجعت الآلام القلبية واعتدل إدرار البول عندهم، كما تناقص كولسترول وضغط الدم عندهم، تحسنت لديهم الوظيفة الجنسية والتنفسية.



الاستشفاء بالغذاء الملكي

الغذاء الملكي والعقم


توصل الدكتور حسن عبد العال[13] إلى معالجة العقم عند الرجال بنجاح بإعطائهم الغذاء الملكي، حيث عالج حالات معندة من العقم فشلت فيها العلاجات التقليدية خلال فترة من 3ـ15 سنة ومنطلق بحثه ما يلفت الأنظار من قدرة الملكة على وضع البيض بأعداد هائلة بسبب تغذيتها بهذه المادة، وأن النحلات العاملات يمكن أن تبيض أيضاً إذا ما أطعمت الغذاء الملكي أما المقدار العلاجي للمصابين فهو 30ملغ على الريق قبل الإفطار يومي وينبه إلى أنه لا يجوز استعمال مواد معدنية أثناء تناوله أو خزنه لإمكانية تفاعله مع معدنها.

الغذاء الملكي في أمراض العين:

أكد الدكتور موزهرنكوف[14]أن تطبيق الغذاء الملكي موضعياً على شكل مرهم بنسبة 1% اعتباراً من اليوم العاشر لحدوث حرق في العين له نتائج جيدة على حيوية القرنية كما بين أن مشاركته في مرهم عيني مع الليثومايستين له تأثير ممتاز لمعالجة التهاب الملتحمة الحاد، والتهاب الملتحمة والأجفان المزمن، وفي حالات الإصابة بالشعيرة أيضاً الجنجل.



الغذاء الملكي في أمراض القلب والأوعية:

أكد إيوريش[15]أن الغذاء الملكي باحتوائه على مواد، تعمل عمل الأستيل كولين، فهو موسع للأوعية الدموية، وهذا ما يفسر أثره الجيد عند المصابين بارتفاع الضغط الدموي، كما تشير مشاهداته السريرية أن للغذاء الملكي تأثيراً ممتازاً عند المصابين بهبوط الضغط الدموي. وهذا ما يؤكد أن الغذاء الملكي ناظم للضغط الدموي فهو يخفضه ويعدله عند المصابين بارتفاع الضغط في نفس الوقت الذي يؤدي فيه إعطاؤه إلى المصابين بالوهط الدوراني وانخفاض الضغط الشرياني إلى ارتفاعه عندهم إلى المستوى الطبيعي.

أما ملادينوف[16]فإنه يؤكد الفعل الناظم للضغط الذي يملكه الغذاء الملكي وينقل عن ميشينكو معالجته للمصابين باضطرابات وعائية قلبية مترافقة بارتفاع الضغط الدموي أو انخفاضه، وحالات من التشنجات في الأوعية التاجية أو الدماغية، حيث يعطي مضغوطات تحوي الغذاء الملكي 10ـ20ملغ، 3مرات/اليوم بوضعها تحت اللسان ومصها. ويرى أن هذه المعالجة تمنع حصول التصلب الشرياني وتخفض مستوى الكولسترول في الدم. ويعالج كل من زايسف[17]وبورديان المصابين بالتهاب بطانة الشرايين وتصلب الشرايين المزمن بالغذاء الملكي ويرون أن له تأثيراً حسناً على سير المرض إذا كان في مراحله الأولى.

وينقل إيوريش[18]عن طبيب أرجنتيني روبيرتوهيلين شفاء مصابة عمرها 80سنة، مصابة بالتهاب بطانة شرايين متعمم بإعطائها الغذاء الملكي لكن إيوريش يرى أن حادثة واحدة لا يمكن أن تتخذ قاعدة لتقرير حقيقة ثابتة وأنه كان قد عالج عدداً من الحالات المترقية من التهاب بطانة الشرايين بالغذاء الملكي لم يشاهد شفاء أي حادثة منها.



الغذاء الملكي والحثل الغذائي عند الأطفال:


الحثل الغذائي Hypotrophiaمرض يتصف بخلل في تغذية الطفل واضطراب في نموه، مع ضعف ونحول شديدين، ومنظر الوجه الشيخي واضطراب في النوم. وينقل ملادينوف[19]عن عدد من المؤلفين نجاحهم في معالجة وإنقاذ الأطفال المصابين به بالغذاء الملكي. فمن معهد الطب الثاني موسكو عالجت ز. ليبديفا عدداً من الرضع المصابين بإعطائهم تحاميل عيار،5ملغ غذاء ملكياً ثلاث مرات في اليوم وقد تحسنت الحالة عند الجميع بعد أسبوغ كذلك فإن ي فايتيغا و ن روشال عالجا 40طفلاً مصابين باضطراب النمو، فأعطى الرضع منهم تحاميل الغذاء الملكي، أما الأكبر سناً فقد أعطوا مضغوطاته الحاوية على 10ملغ، مرتين يومياً، تمص تحت اللسان. وكانت النتائج ممتازة خلال فترة من 10ـ15يوماً.

أما أ.زيبولد[20]فقد وجد نتائج جيدة بإعطاء الأطفال المصابين بالحثل، الغذاء الملكي مشركاً مع العسل داخلاً، أو لوحده حقناً تحت الجلد 0.25ـ0.5ملغ/اليوم وأكد أن المعالجة أدت إلى عودة التوازن البروتيني الشاردي إلى طبيعته، وارتفع الخضاب وعدد الكريات الحمر في دمائهم، كما تنشطت كافة الأفعال الحياتية في عضويتهم المنهكة.




يتبع