السكان



توزيع السكان: تعتبر الصين أكثر دول العالم سكانا , حيث يقطنها ما يزيد عن 1250 مليونا من البشر, يمثلون في مجملهم خمس عدد سكان الكرة الأرضية , ومع هذا العدد الكبير فإن زائر الصين , سوف يلاحظ كثافة سكانية محدودة في المدن, وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في السابق للحد من هجرة سكان الريف إلى المدن , فقد كان الانتقال من منطقة إلى أخرى , بل من مدينة إلى مدينة داخل المنطقة نادر الحدوث , وفي حدود ما قد تستوجبه ظروف معينة , إضافة إلى أن الصينيين في المناطق الغربية والوسطى قد اعتادوا عبر الأجيال المتعاقبة على البقاء في ديارهم, وعدم الترحال من منطقة إلى أخرى , فالمجتمع هناك ينظر إلى الانتقال عن الأرض إلى غيرها تفريطا في أرض الأجداد , وهو فعل يعاب فاعله . لكن معظم الصينيين يقطنون في شرق الصين وجنوبها بمحاذاة السواحل , حيث تصل الكثافة السكانية في تلك المناطق إلى نحو 360 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد , وتظل منخفضة عن أعلى معدل كثافة سكانية في العالم وهي منطقة غزة الفلسطينية . وفي المناطق الجبلية في الغرب والوسط ينخفض معدل الكثافة السكانية ليصل إلى نحو 10 أفراد في الكيلومتر المربع الواحد. لقد ارتفع عدد سكان الصين في ثلاثة عقود ارتفاعا كبيرا , حيث زاد العدد من 540 مليون نسمة في عام 1949 إلى نحو 800 مليون نسمة , وقد كان للحكومة آنذاك يد في تلك الزيادة , فقد كانت تشجع الشعب على الإنجاب رغبة منها في تعويض ما فقدته من أيد عاملة أثناء حرب التحرير , لكن تبين لها فيما بعد أن تلك الأفواه القادمة , تحتاج إلى المأكل والمشرب والخدمات , مما حدا بها أن تتخذ عدة إجراءات للحد من النمو السكاني, ومن ضمن تلك الإجراءات قصر الإنجاب على طفل واحد للأسرة الواحدة , مع السماح للأقليات بإنجاب طفلين , وقد يكون أكثر في حالات معينة , ومع هذا فإن النمو السكاني مازال مستمرا ولكن بنسبة أقل. ومن المتوقع أن يصل العدد إلى نحو 1500 مليون نسمة في عام 2025 , وإذا تم النمو المتوقع فإن عدد سكان الصين سوف يزيد بمقدار عدد سكان المملكة العربية السعودية عدة مرات . أي أن الضيوف الصينيين القادمين دون السابقين سيحتاجون ما يحتاجه الفرد السعودي من سبل العيش الصينية أضعافا مضاعفة . وتتوقع الأمم المتحدة أن ينخفض العدد السكاني انخفاضا طفيفا في علم 2050 , حيث سيبلغ ألف وأربعمائة وثمانون مليون نسمة , غير أن العقود القادمة ستكون حبلى بالكثير من التغيرات الاقتصادية والسياسية , التي ستعمل على تجاذب النمو السكاني ارتفاعا وهبوطا , طبقا للظروف السياسية والمعيشية السائدة خلال تلك الحقبة القادمة من الزمن , فالصين ماضية في سياسة الانفتاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على العالم , وسيعمل ذلك على التحرر من سياسة تحديد النسل و مما يؤدي إلى زيادة في نسبة الولادة , في الوقت الذي ستعمل فيه الظروف الاقتصادية على تغيير نمط الحياة للشعب الصيني , مما يعمل على الحد من الرغبة في الإنجاب , وستكون الزيادة أو النقص بمقدار غلبة احد العاملين على الآخر.
عند الحديث عن الكثافة السكانية في الصين يتبين للمرء كثير من المتناقضات , فكثافة السكان في عموم الصين تبلغ نحو 110نسمة في الكيلومتر المربع الواحد, بنما تبلغ نحو 330 في اليابان , أي أن الفرد الصيني الواحد يحظى بأكثر من ثلثي ما يحظى به نظيره الياباني من الأرض و بل أكثر مما يحظى به نحو 90% من الصينيين أي أكثر من ألف مليون من البشر لا يسكنون إلا في 35% من الأرض الصينية , وذلك بسبب جغرافية الأرض الصينية , التي تحول دون انتشار هذا العدد الهائل , بمقدار متساو في هذه البقعة الشاسعة, مما جعل الكثافة السكانية لمعظم الصينيين تبز كثيرا من الدول , حيث تصل إلى 354 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , ومما يزيد المرء انبهارا أن هؤلاء التسعين في المائة, فهناك 130 مليون صيني أي10 % من عدد السكان يعيش في 47000كيلومتر مربع من الأرض فقط , أي في ما يقارب 0.5% من الأرض الصينية وهي نسبة تدعو إلى الاستغراب , ولهذا فإن متوسط الكثافة السكانية في بعض المدن الصينية مرتفع جدا , حيث يصل إلى 2428 فردا في الكيلومتر المربع الواحد . وبينت الإحصاءات أيضا أن 50 % من الصينيين يعيشون في 778000 كيلومتر مربع من الأرض , أي في ما يساوي 8.2 % من إجمالي مساحة الصين , أي بمقدار كثافة سكانية قدرها 740 فرد في الكيلومتر المربع الواحد , وعلى النقيض من ذلك فإن تلك المساحات الشاسعة من الأرض الصينية المتبقية ذات كثافة سكانية محدودة تتراوح بين فردين للكيلومتر المربع الواحد كما في التبت , و19 فردا في الكيلومتر المربع الواحد في منغوليا الداخلية , وفي الواقع فإن عدد القاطنين في هذه الفيافي الشاسعة والجبال العالية ذات المنحدرات الحادة لا يتجاوز3.6% من إجمالي عدد السكان .