تكوينه والمؤثرات عليه


لا شك في أن فترة بروز وظهور المعماري سنان باشا كانت من أقوى عصور الدولة العثمانية قاطبة، فالفترة من منتصف القرن الخامس عشر الميلادي وحتى نهاية القرن السادس عشر، تمثل فترة الازدهار والقوة في تاريخ الدولة العثمانية.
ومع ترعرعه في ظِل دولة السلطان سليمان القانوني، تأثر المعماري سنان باشا بما يدور حوله من أمور وأحداث تتعلق بكافة الميادين، ومنها بالطبع فن العمارة.


لم يقتصر الازدهار العثماني في ذلك العصر على الفنون والآداب فحسب، بل امتد إلى كل المجالات ومنها العمارة.
ومن الحقائق البارزة في تاريخ الدولة العثمانية الاهتمام بالمدارس العسكرية؛ ومن ثم كان التحاق سِنان باشا بالمدرسة العسكرية في إستانبول، وتخرّجه فيها.
وبما أن سِنان باشا قد صحب السلطان سليمان القانوني في فتوحاته الأوروبية بمنطقة البلقان، باعتباره مهندسا عسكريا فقد توفرت لسنِان فرصة الاطلاع على العمائر الأوروبية التي عرف عنها تميزها بالضخامة والاهتمام بالزينة والزخارف.
هذا ما يمكن قوله عن الجانب أو المؤثر الخارجي في عقلية سنان باشا المعمارية.


أمّا الجانب أو المؤثر التركي في مدرسته البنائية والمعمارية، فقد تفتحت عينا المعماري سنان في الأناضول على رؤية العمائر السلجوقية التي لا يخلو موقع في مناطق الأناضول من وجودها.
وإذا كان سنان باشا قد تأثر بفكرة العمائر الضخمة والعالية الارتفاع عند زيارته لأوروبا، فإنه أخذ جانب العمارة الشاملة بمفهومها الإسلامي من المدرسة المعمارية السلجوقية.


هناك أيضا مؤثر ثالث في الفكر البنائي المعماري لسنان باشا وهو كنيسة "آيا صوفيا" بإستانبول، التي تحوّلت لجامع إسلامي بعد فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية في عام 1453م. ومن آيا صوفيا أخذ سنان فكرة العمل المعماري الديني الضخم، الذي ترسخ في ذهنه بتمعنه ونظراته الطويلة لآيا صوفيا.
باختصار إذن نقول: إن المعماري التركي العثماني سنان باشا قد تأثر فكره الهندسي في مجال العمائر الدينية بروافد ثلاثة هي على التوالي: سلجوقية، وأوروبية، وبيزنطية.


بعد وفاة "عجم علي" كبير المعماريين الرسميين في الدولة العثمانية عين سنان باشا في منصبه تقديرا لكفاءته سنة (1538م)، وبتوليه هذا المنصب أصبح مسئولا عن إقامة الأعمال المعمارية من قصور ومدارس وأضرحة وسبل مياه وحمامات ومطاعم خيرية، ومتوليا شق الطرق في العاصمة وبناء الأرصفة، ومراقبة أعمال البناء في كل أرجاء الدولة العثمانية، وكانت له صلاحية اتخاذ القرارات الخاصة بهدم الأبنية المخالفة للنظام، والإشراف على أبنية القلاع، وعهد إليه بالإشراف على المهندسين المعماريين في الخاصة السلطانية، وكانوا أهم الشخصيات الفنية في عصره مثل:
المعماري داود أغا الذي بنى الجامع الجديد "يني جامع"، في إستانبول وهو أثر معماري عظيم
والمعماري محمد أغا الصدفكار الذي شيد جامع السلطان أحمد المشهور بالجامع الأزرق الذي يعد أحد التحف المعمارية الخالدة في العالم.