شهر رمضان في اللغة العربيةلا نكاد نجد شهراً نال مكانة متميزة مثل هذا الشهر المبارك العظيم , فالأحاديث النبوية الشريفة الواردة في فضله تكاد تجمع على مكانته بين الشهور ومنزلته المتميزة عند المسلمين , وما ذاك إلا لأن الركن الثاني من الإسلامِ يكون فيه أي في صومه , ولقد نظر اللغويون العرب إلى لفظة ( رمضان ) فشرحوها ووضحوها , لكي يكتمل الدرس العلمي اللغوي والشرعي لهذه اللفظة , فمما ذكروه :1- أن لفظة رمضان على وزن فعلان , ممنوعة من الصرف ــ أي لا تنون ــ وهي في الأصلِ مصدر (رمِض) بكسر الميم إذا احترق , وذهب الخليل إلى أنه من (الرمْض) بتسكين الميم وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر وجه الأرض عن الغبار , والظاهر أن الدلالتين اللغويتين دالتان على حقيقة هذا الشهر , فهو شهر المغفرة ومحو الذنوب كما أن هذا الشهر يغلبُ عليه الحر الشديد ,2- وذكروا أسباب تسمية هذا الشهر برمضان فقالوا :سمي بذلك لأن الذنوب ترمض فيه أي تحرق الذنوب بالمغفرة , قاله: ابن عمر , وقيل: لوقوعه أيام رمض الحر , أي شدته , قال ابن دريد : لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي هي فيها , فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته , فكان اسمه في الجاهلية ناتقاًوقد جمعه العرب على صيغٍ كثيرة فقالوا : رمضانات , و رمضانون , و رمضانين , و أرمضاء, و أرمضة , و أرمض , و رِماض , و كثرة هذه الجموع تدل على كثرة استعمالهم لهذه اللفظة المباركة .3- ومما ذكروه حول هذه اللفظة ذلك الخلاف حول استعمالها , فهل يجب دائما أن تسبق بلفظة شهر فيقال شهر رمضان ؟ أم يجوز أن تطلق عارية من لفظة شهر فيقال رمضان ؟ ورد في ذلك قولان :أ‌- أنه يجب أن تسبق بلفظة شهر فلا يقال إلا شهر رمضان , والكلمتان مع بعضهما صارتا علماً على هذا الشهر الكريم , وأطبقوا على أن هناك ثلاثة أشهر لابد من سبقها بلفظة شهر وهي ( شهر رمضان , وشهر ربيع الأول , وشهر ربيع الثاني ) وفي البواقي لا يضاف الشهر إليها , وقد نظم ذلك بعضهم فقال :ولا تضف شهراً إلى اسم شهر إلا لما أوله ــ الرــ فادرواستثنِ منها رجباً فيمتـــنــــع لأنه فيما رووه ما سمــعومن أدلة هؤلاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري لا تقولوا : رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا: شهر رمضان ) .ب‌- وذهب بعضهم ــ ومنهم سيبويه وأكثر النحويين ـ إلى جواز إضافة لفظة شهر إلى جميع أسماء الشهور , فجعلوا ( رمضان ) علماً جنسياً على هذا الشهر , واستدلوا لذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )فوردت لفظة رمضان في الحديث غير مسبوقة بلفظة شهر , وانتهى الخلاف بين الفريقين إلى جواز الأمرين , وذكروا أن حديث ( لا تقولوا رمضان ... إلخ ) إن صح أنه من أسماء الله تعالى فهو غير مشتق أو راجع إلى معنى الغافر , أي يمحو الذنوب ويمحقها .والمهم كما ذكرنا جوازُ الأمرين والأفصح أن تسبق بلفظة شهر بدليل قوله تعالى : ( شهر رمضان )نسأل الله أن يجعلنا من صوامه وقوامه وعتقائه , و أن يوفقنا إلى مرضاته .