أهميــة الأســرة كمؤسسة اجتماعيــة :
تعتبر الأسرة اللبنة ا لأولى في كيان المجتمع ، وهي الأساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان .
فبصلاح الأساس يصلح البناء ، وكلما كان الكيان الأسري سليماً ومتماسكاً كان لذلك انعكاساته الإيجابية على المجتمع . إن الأسرة التي تقوم على أسس من الفضيلة والأخـلاق والتـعاون تعتبر ركيزة من ركائز ذلك المجتمع الذي سيكون مجتمعاً قوياً متماسكاً متعاوناً ، يسير في ركب الرقي والتطور.
وتكتسب الأسرة أهميتها كونها أحد الأنظمة الاجتماعية المهمة التي يعتمد عليها المجتمع كثيراً في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى هذا الوجود وتربيتهم وتلقينهم ثقافة المجتمع وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه والعلاقة بين الفرد والأسرة والمجتمع علاقة فيها الكثير من الاعتماد المتبادل ولا يمكن أن يستغني أحدهم عن الآخر . فالأسرة ترعى شئون الأفراد منذ الصغر والمجتمع يسعى جاهداً لتهيئة كل الفرص التي تمكن هؤلاء الأفراد من أداء أدوارهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم بالشكل الذي يتوافق مع أهداف المجتمع كما تتضح هذه العلاقة في أوقات التغير الاجتماعي . فعندما يتغير المجتمع فإن الأسرة تتأثر بهذا التغير وتستجيب له وتحاول أن تتكيف مع الأوضاع الاجتماعية الجديدة بتغيير الوظائف أو البناء . ولعل الأسرة هي النظام الاجتماعي الوحيد الذي يرتبط بكل أنظمة المجتمع حيث أن الأفراد الذين يمثلون أنظمة المجتمع المختلفة ينتمون إلى أسر كان لها الأثر في تهيئتهم ووصولهم إلى ما وصلوا إليه .
فالكيانات الأسرية التي نعايشها في وقتنا الحاضر ليست تلك التي عاشت في الزمن الماضي ، فالبناءات تغيرت والوظائف تحولت .
ومن الركائز التي تبرز أهمية الأسرة في المجتمع أنها المصدر لإشباع كثير من الاحتياجات لأفرادها كالحاجات النفسية والفسيولوجية والاجتماعية وهنا أيضاً تبرز العلاقة واضحة بين الأسرة ومؤسسات المجتمع الأخـرى لتحقيق مثل هذا الإشباع .
وتتأثر الأسرة بالتغير الاجتماعي الذي يعايشه المجتمع من خلال أنظمتها المختلفة كونها تمثل الوحدة الاجتماعية الصغرى في المجتمع فهي العنصر الأساسي في التنظيم الاجتماعي ، منها تبدأ حياة الأفـراد ، ومن خلالها يتشربون قيم المجتمع وعاداته ومعاييره وهي في نفس الوقت ترتبط بالعديد من المؤسسات في المجتمع ولا يمكن أن تعيش بمنأى عنها .
ركـائز الأسرة في حفـظ أمن المجتمع :
لأن الأسرة تمثل ذلك النظام الأساسي والمهم في المجتمع فإنها قادرة على أن تلعب دوراً مهماً في رعاية أمن المجتمع والمحافظة عليه ، وتبقى السد المنيع فيوجه من تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع وراحته وطمأنينته . فالأسرة تملك العديد من الأسلحة التي تستطيع من خلالها أن تزود عن حمى الوطن . تتمثل هذه الأسلحة في العديد من الوظائف التي تؤديها الأسرة من خلال أفرادها جميعاً ، الأب ، الأم ، الأخوه ، الأخوات ، الأجداد ، الأعمام ، الأخوال وغيرهم من الأفراد الذين ينتمون إلى هذا الكيان الاجتماعي المهم . وسوف سنتعرض فيما يلي بعضاً من هذه الوظائف والتي إذا أديت بشكل سليم من قبل أفراد الأسرة جميعهم نستطيع القول بأن الأسرة تمكنت من القيام بهذه المهمة وأدت رسالتها على الوجه المطلوب تجاه أمن المجتمع والمحافظة عليه . هذه الوظائف أساسية وتنم عن تفاعل متبادل بين أنظمة المجتمع المختلفة والكيان الأسري . وبالرغم من التغير الذي لحق بالنظام الأسري إلا أن تأثيرها كمؤسسة اجتماعية الاجتماعي لا يزال واضح المعالم من خلال الوظائف التي تؤديها .
أولاً : التنشـئة الاجتمـاعية : تعتبر وظيفة التنشئة الاجتماعية والتي تعني نقل الموروث الثقافي للمجتمع عبر الأجيال من أهم وظائف الأسرة والتي لم تتغير . فلا زالت الأسرة في كل المجتمعات تمارس هذه الوظيفة لاسيما وأن الأطفال بعد ولادتهم يبقون مع أسرهم لسنوات عديدة . فهي المعلم الأول ويقع عليها عبء كبير من خلال هذه الوظيفة ، ولو أن بعض المؤسسات الاجتماعية بدأت تشاركها هذا الدور مع تقدم أعمار الأطفال . ولكنها لا تزال تقوم بدور المتابعة لما يتعلمه الأبنـاء خارج المنزل في المدارس وغيرها وإذا سلمنا بارتفاع المستوى التعليمي للأب والأم في الوقت الحاضر نجد أن هذا الدور أصبح مضاعفاً والتأثير مهماً .
ولعل الأسرة ومن خلال علاقتها بالمجتمع ومن خلال هذه الوظيفة ودورها في حفظ أمن المجتمع تستطيع أن تفعل الجوانب التالية :
1. غرس تعاليم الدين الإسلامي . فنحن في مجتمع إسلامي دستوره كتاب الله وسنة نبيه وفيها من التعاليم والإرشادات والتوجيهات ما يجعل الفرد يستشعر أهمية الوطن الذي يعيش فيه والمجتمع الذي هيأ له كل ما يريد. إن الأسرة ومن خلال تربيتها الإسلامية لأبنائها تنشئ هؤلاء الأبناء على الفضائل والقيم الإسلامية الكريمة والتي إذا أخذ بهـا الأبناء سعدوا في حياتهم وكانوا خير أفراد لمجتمعاتهم . إن الدين الإسلامي يتضمن العديد من الآداب والأخلاقيات التي تجعل الفرد عضواً صالحاً في المجتمع مثل الصدق والمحبة والتعاون والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإخلاص وإتقان العمل وغيرها والأدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة كثيرة . يقول الله سبحانه وتعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } وقوله تعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر } وقوله تعالى { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } وقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) . إذن الأسرة تستطيع أن تغرس في أبنائها مثل هذه الأخلاقيات والفضائل والعادات والقيم الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وهو يأخذ دوره في الحياة والذي يشعره بمسئوليته تجاه مجتمعه وأمتـه .
2. تعليم الأبناء كيف التفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية . يتعلم الأبناء في محيط الأسرة الكثير من أشكال التفاعل الاجتماعي والذي تكون بداياته مع أفراد الأسرة من إخوه وأخوات والأم والأب وغيرهم . وهنا يبرز دور الأسرة في تكييف هذا التفاعل على النحو الذي يتوافق مع قيم المجتمع ومثله ومعاييره . ومن الأسرة تكون إنطلاقه الأبناء في تفاعلاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين في المحيط الأكبر المجتمع . فعلى قدر ما يكون التفاعل منضبطاً ومتوائماً مع ما يرتضيه المجتمع داخل الأسرة على قدر ما يكون ذلك هو الهادي لسلوك الأبناء وعلاقاتهم مع الآخرين في المجتمع الكبير . إن الأسرة خير من يعلم الأبناء مراعاة معايير المجتمع وأنظمته والالتزام بها وعدم مخالفاتها . إن الأبناء في كثير من الأحيان يتخذون من آبائهم وأمهاتهم وبقية أفراد الأسرة القدوة والمثل الأعلى في السلوك . لذا يجب أن يكون أفراد الأسرة الآخرين خير قدوة للأبناء من خلال تمثلهم أنفسهم لمعايير المجتمع وللفضائل والآداب الحسنة في تفاعلهم وعلاقاتهم مع الآخرين وبذلك يصبحوا حال تقليد أبناءهم لهم خير قدوة ومثال . إننا ندرك جميعاً أن كثيراً من سلوكيات الأطفال في مقتبل عمرهم تعتمد على تقليد من حولهم في القول أو الفعل ، فلابد للآباء والأمهات أن يمثلوا الصور الإيجابية لأبنائهم في أقوالهم وأفعالهم . والمجتمع الذي تكون علاقات أفراده على نحو من الالتزام والتمثل لقيم المتجمع ومعاييره حري به أن يكون آمناً مطمئناً ويسير في ركب التقدم بخطى ثابتة لأن افراده مدركون للكيفية الصحيحة للتعامل مع بعضهم البعض فكأنهم أكثر إدراكاً للأدوار الاجتماعية التي يؤدونها والتي من خلالها يسهمون في رقي مجتمعهم وتطوره .
3. غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء . الوطن هو تلك البقعة من الأرض التي ولدنا بها ونموت فيها ونستمتع بخيراتها ونعيش في دفء أمنها ورعايتها . الوطن هو ذلك الكيان الذي يلفنا تحت جناحيه ، يمدنا بكل ما نريد يرعانا منذ الصغر وحتى بعد الممات . من لا وطن له لا هوية له ومن لا هوية له فحياته ومماته سوى .
الأسرة لبنة المجتمع الأولى ومصدر أفراده وحضن الرعاية والاهتمام بهم والمعلم والمربي الأول من خلالها يخرج الطفل إلى المجتمع مزوداً بالكثير من جوانب التربية وحصيلة من المعلومات الجيدة . فكما أن الأسرة تقوم بذلك الدور الأساسي والمهم في غرس الكثير من المبادئ والقيم والأخلاقيات والتي تسهل على الطفل كيفية التعايش مع غيره في مجتمعه وبناء ذاته الخاصة به فإنها قادرة على أن تغرس فيه معاني الوطنية وتحقيق الهوية الاجتماعية ويمكن للأسرة أن تشبع في أبناءها هذا الهدف بأساليب متعددة فيعيش الأبناء في مجتمعهم مدركين لما يعنيه الوطن ولديهم الانتماء الحقيقي لهذا الكيان . فالوطن امتداد لحياة الأباء والأجداد وبدونه لا يكون الإنسان شيئاً . ويجب أن يعي الأب والأم أولاً معنى الوطنية والانتماء قبل أن ينقلوها إلى أبناءهم وفي مجتمعنا الذي بدأت فيه المستويات العلمية لأفراد الأسرة بالرقي والتميز يصبح من السهل على أفراد الأسرة إيصال هذه المفاهيم إلى الأبناء بشكل صحيح .
ومن الأساليب والطرق التي يمكن من خلالها تفعيل هذا الدور ما يلي :
أ ) الشرح والتوضيح للأبناء في مراحل تعليمهم الأولى عمـا يتعلمونه في المدرسة من مواضيع ذات الصلة بالوطن سواء في مقررات التاريخ أو الجغرافيا ماذا يعني توحيد القطاعات المشتتة في كيان واحد أو دولة واحدة. ماذا يعني أن يكون للمجتمع حدوده التي تميزه من الذي سعى إلى توحيد هذا الشتات ؟ الفوائد التي يجنيها أفراد المجتمع في ظل مجتمع واحد متماسك كيف أن هويتنا من خلال مجتمعنا تميزنا عن غيرنا من الناس في مجتمعاتهم. الخصوصية التي يتميز بها مجتمعنا من حيث وجود الأماكن المقدسة به . ما تميز به الوطن من خصائص إقتصادية واجتماعية وطبيعية وأثر ذلك على ما ينعم به الفرد في هذا المجتمع من أمن ورخاء وسؤدد .
ب) التذكير دائماً بأن كل الخدمات التي يوفرها المجتمع هي من أجل راحة المواطن وسعادته فالطرق والمطارات والمنتزهات والحدائق والمدارس والجامعات والمستشفيات ما هي إلا أمثلة على ما يقدمه الوطن لأبنائه من خدمات ويجب على أبنائه أن يدركوا كم تكلف هذه الخدمات حتى تصل إليهم ليستفيدوا منها ويستمتعوا بها ، ويقدروا لوطنهم توفير مثل هذه الخدمات والتي قد لا تتوفر بسهولة لأبناء مجتمعات أخرى . فهذا جانب مهم يمكن من خلاله أن تعزز الأسرة حب الوطن في نفوس الأبناء .
جـ) تشجيع الأبناء ومن خلال واجباتهم المدرسية وما يكلفون به على الحديث عن الوطن ومنجزاته من خلال مواضيع التعبير أو البحوث فهذا يربط الأبناء بمجتمعهم أكثر . كما لا ينسى دور الأسرة في هذا الجانب بتوفير ما قد يحتاجه الأبناء لإنجاز مثل هذه المهمات . فالدعم والتأييد مادياً ومعنوياً ضروري حتى تزيد معرفة الأبناء بوطنهم . أو حتى من خلال المواضيع التي تقدم من خلال الاذاعات المدرسية .
د ) حث الأبناء على حسن التعامل والاستخدام الأمثل لكل ما يقدمه الوطن ويهيئه من خدمات وغيرها وأهمية المحافظة عليها وعدم العبث بها . ويبدأ دور الأسرة هنا بالتأكيد على أهمية المحافظة على محتويات المدرسة من أجهزة وأدوات وأثاث وكذلك ما يتعامل معه الأطفال في المنتزهات والحدائق من أجهزة وآلات . إن الأسرة بهذا تستطيع أن تغرس في نفوس الأبناء أن المحافظة على المرافق العامة والاستفادة منها كما يجب يعتبر من حب الوطن والولاء له . يجب على الأبناء أن يدركوا أن هذه المنجزات تكلف الكثير من الجهد والمال حتى تصل إليهم وعليهم واجب رعايتها والمحافظة عليها فهي من حق المجتمع ولراحة الجميع .
هـ) السفر إلى أماكن مختلفة في الوطن وأخذ الأبناء ليتعرفوا على أرجاء وطنهم وما تتميز به كل منطقة وذلك في أوقات الاجازات . يجب أن تستغل العطلات لتعريف الأبناء بمجتمعهم لاسيما أن مجتمعنا مترامي الأطراف ويتميز بخصائص طبيعية مختلفة . إن السفر بالأبناء إلى الأماكن المقدسة لتأدية العمرة ومشاهدة ما هيأه الوطن للمسلمين في هذه الأماكن والذي يعتبر مفخره ليس لأبناء الوطن أنفسهم ولكن لكل المسلمين أينما وجدوا . إن الإطلاع على هذه المنجزات الضخمة والتي كلفت الوطن الكثير ليزيد الإنسان حباً لهذا الوطن المعطاء وفخراً أن يكون منتمياً إليه . ويزداد الإنسان فخراً عندما يشاهد منجزات الخير في المنطقة الشرقية أو المزارع العملاقة في القصيم أو منجزات السياحة والترفيه في أماكن الاصطياف . يجب أن تكون الأسرة خير دليل ومرشد يؤصل في الأبناء حب الوطن وأهمية رعايته والذود عنه .
و ) احتواء المنزل على الأشياء التي تذكر أفراد الأسرة بالوطن ومنجزاته وتغرس فيهم حبه والولاء له إن وجود بعض الرموز التي تمثل الوطن تربط الأبناء أكثر بمجتمعهم مثل علم المملكة الذي يحمل راية التوحيد أو خارطه المملكة والتي يتضح من خلالها للأبناء موقع المجتمع من العالم وحدوده ومناطقه ومدنه وقراه فتكون بمثابة الكتاب الذي يطلع عليه الأبناء في دخولهم وخروجهم . يضاف إلى ذلك الصور التي تمثل مناطق المملكة أو منجزاتها مثل صور الحرمين الشريفين او بعض الرموز التي تمثل التطور الاقتصادي أو الخصائص الطبيعية للوطن .
ثانيـاً : المراقبـة : تعتبر هذه الوظيفة في نظري إمتداداً لوظيفة التنشية الاجتماعية والتي لا تتوقف ولا تتقيد بمرحلة عمرية معينة . فالأبناء حتى وإن كبروا فلا يزالون بحاجة إلى توجيه وتوعيه من قبل الأسرة فدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية لا يتوقف حتى وإن تزوج الابن وأستقل عن الأسرة فهو لا يزال يستعين بالأسرة لتوجيهه في كثير من المواقف .
إن دور المراقبة الأسري دور مهم في التنشئة الاجتماعية لضمان الانضباط والتقليل من التجاوزات قدر الإمكان والمراقبة هنا تعني ملاحظة سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم من خلال العديد من المواقف التي يعايشونها . إنني أرى أن وظيفة الأسرة هنا يمكن أن تتم من إتجاهين :
الاتجاه الأول : المراقبة الداخلية في المنزل أو داخل الأسرة .
كما ذكرت سابقاً فإن المراقبة تعني ملاحظة السلوك الذي يصدر من الأبناء وهل هذا السلوك يسير وفق ما ترتضيه الأسرة ويقبله المجتمع أم لا . يمكن للأسرة متابعة أبناءها داخلياً من خلال ملاحظة علاقاتهم ببعضهم البعض داخل المنزل وهل هي تتمشى مع الآداب والاخلاقيات والفضائل التي تربيهم عليها أم أن هناك شيء من الاختلاف . إن مبادئ الحب والتعاون والصدق التي تعلموها يجب أن تفعل من خلال تفاعلهم مع بعضهم البعض في المواقف المختلفة داخل المنزل ، أثناء اللعب أو الحديث أو أداء الواجبات .
كما يجب على الأسرة ملاحظة مواضيع النقاش التي يتحدث من خلالها الأبناء وتوجيههم إلى المواضيع البناءه المفيدة والابتعاد عن تلك المواضيع التي قد يكون لها آثاراً سلبية عليهم أو على أسرهم أو مجتمعهم . إن على الأسرة أن ترشد وتوجه أبناءها إلى المواضيع الجيدة وتشاركهم الحديث والنقاش فتستمع إليهم وتبدي رأيها بصراحة ووضوح حول ما يمكن أن يكون مجالاً للنقاش والحوار . إن الدور الأكبر في هذه المهمة يقع على الأب وبالأخص عندما يكون متعلماً ولديه دراية بكثير من المواضيع والأمـور التي تهم أبناءه وأسرته فيجب أن يكون الموجه الأول والقدوة المثلى للأبناء والا يرمي الحمل من على كاهله الأم ويتعذر بالتزاماته خارج المنزل وضيق الوقت . إن مثل هذا الحوار العائلي ودائرة النقاش الأسرية توطد العلاقة بين الآباء والأبناء وتجعل الآباء هم المرجع الأول والأخير لأبناءهم والمصدر المهم للمعلومات حول القضايا التي تهمهم . من خلال النقاش الأسري تعرف المواضيع ويتم التوجيه والإرشاد وضمان سلامة الرأي والفكر الذي ينشأ عليه الأبناء .
وتضطلع الأسرة من خلال هذه الوظيفة بالتركيز على جانب آخر وهو ملاحظة انواع القراءات والكتب ومصادر الإطلاع التي يقضي معها الأبناء جزء من وقتهم وهنا أيضاً يأتي دور الأسرة كمرشد للأبناء حول ما يجب الإطلاع عليه ومتابعته من الكتب و المجلات وجميع أشكال النشر الأخرى حتى يستفيد الابن فكرياً ويستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع في مستقبل حياته إن على الأسرة القيام بمهمة تزويد الأبناء بالمفيد مما يجب أن يقرأوه فتذهب معهم إلى المكتبات وتساعدهم في اختيار الكتب والمجلات ووسائل الترفيه المفيدة ، وتوجههم بالابتعاد عما لا فائدة لهم منه كما يجب على الأسرة أن تنشئ مكتبة منزلية تحوي العديد من الاصدارات القيمة و المفيدة والتي تشجع الأبناء على الإطلاع والقراءة من خلال مجموعة من الكتب التي يتم اختيارها من قبل أفراد الأسرة جميعهم في مواضيع مختلفة تشبع رغبات الأبناء المختلفة وتمنعهم من البحث عنها أو غيرها من مصادر خارج الأسرة . وقد تحتاج الأسرة أحياناً إلى اصطحاب أبناءها إلى معارض الكتب المحلية فتنتقي لهم منها المفيد الصالح الذي يملأ وقت فراغهم بما يفيد ويصبح جزء من مكتبة الأسرة ومن الضروري أن تحتوي المكتبة الأسرية على كتب تتحدث عن الوطن والا تخلو قراءات الأبناء من مواضيع لها صلة بالوطن ومنجزاته وما يتميز به .
الاتجاه الثاني : المراقبة الخارجية ( المراقبة خارج المنزل أو خارج الأسرة)
إن هذا الجانب يعتبر من المهمات الشاقة في زمن تيسرت فيه سبل التواصل والاتصال لكنه قد يسهل في الأسر التي تقوم علاقاتها على الحب والصدق والتعاون . هذا الأمر قد يكون يسيراً في الأسر التي لا تشكو من التفكك والانحلال والانفصال بين الأبوين . إن الأسر المفككة قد تدفع بالأبناء ليبقوا خارج المنزل زمناً أطول من بقاءهم داخلة .لذا حتى تستطيع الأسرة أن تقوم بهذا الدور على أكمل وجه يجب أن تكون سليمة في تركيبها وعلاقاتها.
إن أول مهمات الملاحظة الأسرية هنا تتضح من خلال معرفة الأصدقاء من هم أصدقاء الأبناء ومع من يجتمعون خارج المنزل . إن على الأسرة أن تلاحظ نوعية الأصدقاء ومدى مناسبتهم للأبناء من حيث السن والمستوى الدراسي والفكري والاقتصادي والقرب المكاني والالتزام الديني والأخلاقي.
كما يجب على الأباء التعرف على أصدقاء أبناءهم ومعرفة أماكن سكنهم ولا مانع من أخذ بعض المعلومات عن أسرهم ، ودعوتهم إلى المنزل للقاء بهم كل هذه الخصائص مهمة عند التعرف على أصدقاء الأبناء لأن التقارب في مثل هذه الجوانب قد يبعث على الاطمئنان قليلاً ويسهل أمر المتابعة والملاحظة . كما لا يفوت التنبيه إلى أهمية معرفة الاماكن التي يرتادها الأبناء مع أصدقائهم سواءاً للنزهة أو الاجتماع أو المذاكرة وملاحظة الزمن الذي يقضيه الأبناء خارج البيت في هذه الأماكن وكذلك النشاطات التي يمارسونها ومحاسبتهم عند ملاحظة التقصير أو الانحراف ومنعهم من اللقاء بالأصدقاء الذين يلاحظ عليهم ما قد يؤثر سلباً على سلوكياتهم أو توجهاتهم كما يجب مناقشة الأبناء عند العودة إلى المنزل حول ما تم أداءه خارج المنزل ويجب أن يوجه الأباء الأبناء إلى عدم التذمر من المساءلة لأن هذا من أجل مصلحتهم . وبهذا تستطيع الأسرة أن تكون على صلة بالعالم الخارجي لأبنائها أولاً بأول وتكون قادرة على التدخل عندما ترى ما يخالف النهج الذي تسير عليه فتوقف مثل هذه العلاقات وتبعد الأبناء عن الشبهات.
ثالثـاً : التعاون مع مؤسسات المجتمع : يتضح تعاون الأسرة مع المؤسسات الاجتماعية الأخـرى من خلال تهيئة جميع أفراد الأسرة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع وتجنيد كل الطاقات والامكانيات واستثمار كل القدرات من أجل صالح المجتمع . إن قياس علاقة الأسرة بغيرها من مؤسسات المجتمع ومكانتها الاجتماعية يظهر جلياً بالقدر الذي تسهم به من خلال أفرادها في خدمة المجتمع حسب تخصصات الأفراد ومدى فعاليتهم في تحقيق الأهداف الاجتماعية المنشودة لهذه المؤسسات . ولأن الأسرة الوحدة الاجتماعية التي ترتبط بكل مؤسسات وهيئات المجتمع كون أفرادها يعملون في هذه المؤسسات كان لزاماً عليها أن تقوم بهذا الدور كما يجب .
فالأسرة ومن خلال التنشئة الاجتماعية السليمة تمد المجتمع بالأفراد العاملين والذين يؤدون أعمالهم واضعين نصب أعينهم إرثاً ثقافياً ومنهجاً تربوياً تعلموه من أسرهم . ويمكن أن نتلمس هذه العلاقة التعاونية الأسرية في صلتها ببعض مؤسسات المجتمع كالتالي :
1ـ المسـجد : تلك المؤسسة الدينية التي يجتمع فيها المسلمون لتأدية الصلاة كإحدى العبادات المفروضة عليهم . ولتأدية الصلاة في جماعة كما نعلم الكثير من الأبعاد الاجتماعية والتي تحرص الأسر المسلمة على استفادة أفرادها منها تأدية الصلاة في جماعة يعني الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين جيران المسجد بالسؤال عن بعضهم البعض ومعرفة الغائب عن المسجد والسؤال عنه فإن كان مريضاً يزار وإن كان مسافراً تراعى أسرته وأبناءه والمردود الاجتماعي للمسجد لا يقف عند هذا الحد وإنما يتعداه إلى كونه المقر الذي تقدم من خلاله النصائح والإرشادات والتوجيهات في خطبة الجمعة والتي يحاول من خلالها الخطيب أن يتطرق إلى قضايا المجتمع ومشاكله ويطرح الحلول المناسبة . إذن المسجد هو ذلك المكان الذي يجتمع فيه الأفراد من أسر متعددة ليكونوا أسرة واحدة تؤدي واجباً دينياً وتتدارس شئون المجتمع وهمومه . ولنا أن نتصور كم من الجماعات الاجتماعية الفاعلة في المجتمع وفقاً لإعداد المساجد فيه . وتفعيل دور المسجد لا يتم إلا إذا حرصت الأسر وحثت أفرادها على تأدية الصلاة مع جماعة المسجد ولا ننسى أن تأدية الصلاة في جماعة دليل على صلاح الرجل وخيريته . فحري بمن اعتادوا الصلاة في المساجد أن يكونوا أعضاء صالحون حريصون على مجتمعهم من كل الوجوه . وهكذا فإن العلاقة بين المسجد والأسرة تبرز من خلال التنبيه والتذكير بأوقات الصلوات وحث الأفراد على تأديتها في المسجد مع الجماعة والاستفادة مما يقدم من إرشاد وتوجيه يخص الفرد والأسرة والمجتمع ويبني الفرد المسلم على أسس من الصلاح والتقوى في دنياه وأخرته . إن المسجد في المجتمع المسلم عبارة عن منارة من منارات العلم التي تعزز ما يتعلمه الفرد من أسرته ومدرسته وهو المجال التطبيقي لكثير مما يتدارسه الأبناء نظرياً في مؤسساتهم التعليمية بما فيها الأسرة , وهو أيضاً المنبر الذي يتلمس قضايا المجتمع ومشاكله كما يعايشها أفراد المجتمع ومدى تأثيرها عليهم وكيف تكون المواجهة ويتمثل دور الأسرة في ربط الأبناء بالمسجد دائماً .
2ـ المدرسـة : إن علاقة الأسرة بالمدرسة علاقة ذات إرتباط قوي فكلاهما مؤسستان تهتمان بالجانب التربوي والتعليمي في حياة الفرد . تأتي المدرسة لتكمل ما بدأته الأسرة وتأخذ على عاتقها تكملة الوظيفة التربوية في حياة النشء وبالرغم من أن الطفل يذهب إلى المدرسة صباحاً ليتعلم ثم يعود إلى المنزل فإن صلته بالمدرسة والمقررات لا تنقطع لأن الأسرة تتابع معه واجباته وتذاكر له دروسه التي تعلمها في المدرسة وحتى تتم العملية التربوية بشكل جيد فلابد من حرص المدرسة والبيت على التواصل المستمر بينهما سواءاً من خلال مجالس الآباء والأمهات أو الزيارات المتوالية للمدرسة من قبل الآباء والأمهات ومتابعة سير أبناءهم الدراسي من فترة لأخرى إن الزيارات المستمرة للمدرسة تعطي ولي الأمر تصوراً واضحاً عن إبنه في المدرسة ، ليس فقط فيما يتعلق بوضعه الدراسي ولكن أيضاً التعرف على سلوكياته ونشاطاته داخل المدرسة ، بحيث يكون بالإمكان ومن خلال التعاون مع المدرسة تعزيز السلوكيات الإيجابية ودفع النشاطات المفيدة إلى الأمام وعلى الجانب الآخر التصدي لكل ما يمكن أن يعود بالضرر على الفرد أو مجتمعه . فنجاح الأبناء في دراستهم وتفوقهم نجاح للمجتمع ولا يتم ذلك إلا إذا قامت الأسرة بدورها في هذا الجانب على أكمل وجه من خلال المتابعة والتوجيه والسؤال وتكرار الاتصال بمؤسسات التعليم المختلفة التي يتعلم فيها أبناءها وتعاون الأسرة والمدرسة في تخريج الأفراد المتعلمين أمان للمجتمع من الجهل والسلاح الذي يقهر به المجتمع أشكال التأخر والانحطاط والفوضى وتستطيع المؤسسات التعليمية بتعاونها مع الأسرة وقاية الأبناء من خطر الانحراف واقتراف الجرائم بتربيتهم على الفضائل والآداب الحسنة وغرس مبادئ الدين الحقيقية .
3ـ مشاركة مؤسسات المجتمع في تهيئة الأفراد لتمثيل المجتمع داخلياً وخارجياً . للأسرة دور مهم ومميز في تهيئة الأبناء للمشاركة في كثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية وتمثيل المجتمع على المستويات الداخلية والخارجية من هنا يبرز دور الأسرة في تهيئة الأفراد لرفع اسم الوطن عالياً في المحافل الداخلية والخارجية عن طريق التشجيع وتوفير كل ما يحتاجه الأبناء ليسهموا في تمثيل وطنهم أصدق تمثيل من خلال مشاركتهم في الأنشطة المختلفة . ولولا دعم الأسرة التي تغرس في أبناءها تلك المسؤولية الاجتماعية تجاه الوطن وأن هذا واجباً وطنياً يجب أن يقوم به الأبناء خير قيام ليردوا لمجتمعهم جزء يسير مما يقدمه أو يوفره لهم . وعندما يعمل الأبناء بتفان وفاعلية في الأنشطة التي ترفع اسم الوطن عالياً فهذا دليل واضح على استشعارهم بأهمية المجتمع ومسؤليتهم تجاهه ولعل ذلك ما كان ليتم إلا بتشجيع الأسرة وحثها الدائم للأبناء للمشاركة . وهناك الكثير من الأسماء التي تذكر بما وصلت إليه في المحافل الدولية ورفعت اسم المملكة العربية السعودية عالياً في المجالات العلمية والرياضية والثقافية والاجتماعية والكل من هؤلاء يدين بالفضل للأسرة التي كانت وراء هذا النجاح والتميز . فعندما تكون هذه الروح هي المسيطرة على الأبناء وعندما تكون الأسرة هي الداعم والموجه فإن المجتمع بخير .
4ـ التفاعل مع الأنشطة التي تقدم من خلال الأسابيع الخدمية التي تنظمها بعض مؤسسات المجتمع : نعلم جميعاً أهمية هذه الأسابيع في التذكير والتوجيه إلى بعض النشاطات والممارسات التي يجب أن يأخذ بها أبناء المجتمع وأن يعتادوا فعلها بعد انقضاء هذه الأسابيع ، مثل أسبوع الشجرة ، المرور ، المساجد ، النظافة ، الصحة ، السلامة ، وغيرها .. إن الهدف من هذه الأسابيع توعية أفراد المجتمع بأهمية مثل هذه الممارسات التي يجب أن تكون جزءاً من حياة الناس في المجتمع لما تتضمنه من فوائد تعود على الفرد والأسرة والمجتمع .
ويتضح دور الأسرة هنا من خلال الاستجابة والتفاعل مع الأنشطة وتوجيه الأبناء إلى مشاركة المجتمع في هذه الأسابيع . إن المشاركة في أسبوع الشجرة أو يوم الشجرة من خلال زرع فسيلة أو نبته من قبل أحد أبناء الأسرة لتأكيد على الاهتمام الأسري بأهمية الشجرة والغطاء النباتي في المجتمع والحرص على المحافظة عليها . وكذلك الحال بالنسبة لبقية الأنشطة من خلال أسابيعها المحددة . إن الحرص على حفظ مقدرات المجتمع وثرواته من قبل الأسرة وأفرادها خير دليل على فاعلية المجتمع من أهمية لدى أبناءه واستعدادهم للمحافظة عليه والذود عنه .
ولو نظرنا مثلاً إلى أسبوع المرور من خلال جوانب مثل المحافظة على المركبة أو التقيد بحد معين للسرعة أو مراعاة حقوق المشاة في السير لوجدنا أن المردود يخص الأسرة أولاً ثم يتعداها إلى المجتمع ، وهذا ما يجب أن تؤكد عليه الأسرة وهي تدفع بأبنائها إلى التفاعل بإيجابية مع هذه الأنشطة والالتزام بالأنظمة والقوانين التي وضعها المجتمع ليحافظ بها على حياة الناس وليدرك كل فرد دوره في المجتمع . ومن هنا يبرز دور الأسرة في ربط الأبناء بالمجتمع ، فالمشاركة بفاعلية في هذه الأنشطة دليل على الاهتمام بالوطن وما يحتويه والإحساس بأن ما هيء في هذا الوطن هو للمواطن وعلى المواطن أن يراعي مسئوليته تجاه وطنه.
5ـ المحافظة على منجزات مؤسسات المجتمع المختلفة وعدم العبث بهاأو إفسادها: الوطن هو بيت الإنسان الكبير ، فإذا كان الإنسان لا يعبث بمنزله الصغير ومحتوياته فمن الأولى ألا يعبث بمنزله الكبير ومنشآته . هذا مبدأ يجب أن تغرسه الأسرة في أذهان أبناءها وتبين لهم أن هذه المنجزات والخدمات التي تقدم لهم في مجتمعهم قد كلفت الدولة الأموال الطائلة وأنها وضعت لصالح وخدمة كل الأفراد وكل الأسر فمن الواجب رعايتها والمحافظة عليها وعدم العبث بها وحسن استخدامها . منجزات ومنشآت الوطن أمام أعيننا أينما ذهبنا كالحدائق والمنتزهات والشوارع والمدارس والمستشفيات وغيرها الكثير والكثير والذي يجب هو حسن الاستخدام لها فلا يجب العبث بالآثاث المدرسي ولا بالحدائق وقطع أشجارها ونباتاتها ولا بدورات المياه في المنشآت العامة وعدم الكتابة على الجدران وإفساد الذوق العام والعبث بالممتلكات العامة . إن المحافظة على منجزات الوطن ومنشآته يعني المحافظة على المظهر الحضاري للمجتمع الذي يمثل وجه الإنسان الذي يحرص دائماً على نظافته وبريقه ولمعانه فكيف بوجه الوطن الكبير الذي يراه الجميع من أبناءه ومن أتى من خارجه . يجب أن يكون مجتمعنا في مظهره الخارجي صورة براقة تجذب ولا تنفر وتسعد ولا تشقي إن الأسرة في صلتها بالمجتمع ومسئوليتها عنه تستطيع أن تربي أبناءها على إدراك أن المجتمع في مظهره الخارجي وبمنجزاته ومنشآته كالمرآة التي تعكس أخلاقيات وآداب أبناءه والمنهج التربوي الذي تربوا من خلاله ، فيجب على الجميع أن يكونوا أيادي تحمي وتصون وتردع من يحاول أن يعبث بمكتسبات الوطن وتأخذ على يده فعندما يتربى الأبناء على مثل هذه ا لمبادئ فإن المجتمع بمكتسباته ومنجزاته في أيدي أمينة . وأخيراً فإن العبث بالممتلكات وتدميرها عدم إعتراف بأفضال الوطن وخيراته على أبناءه .
رابعــاً : التعاون مع المؤسسات الأمنية في المجتمع :
تعتبر الأسرة جزء من مؤسسات المجتمع التي لا يمكن أن يتم الأمن أو يستتب في المجتمع دون تعاونها مع جهات الاختصاص الأمني . فتعاون هذه المؤسسات يمثل الدعم القوي لكبح الجريمة والتقليل من العدوان في المجتمع وتستطيع الأسرة أن تقوم بدور شرطي المجتمع الأول ، فتحافظ على أمن المجتمع بتعاونها مع الجهات الأمنية ومتابعتها لمدى التزام ابناءها وتطبيقهم للوائح والأنظمة في المجتمع . ويتعزز هذا الدور بتكثيف الجانب التوعوي واللقاءات المنظمة بين الأسر وأفرادها ومسؤلي الأجهزة الأمنية في المجتمع بين فترة وأخرى ، إلى جانب ما يتم عبر مؤسسات التعليم المختلفة والزيارات المتبادلة مع القطاعات الأمنية المختلفة . هذه اللقاءات التي تعرف الأبناء باللوائح والأنظمة والجوانب الأمنية المختلفة فينشأ الأبناء وهم على دراية وعلم بما يضبط السلوك والأفعال في المجتمع وما هو الصح والخطأ من التصرفات وكيف يمكن لأبناء المجتمع على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم المساهمة في أمن المجتمع ورعايته . ومن المعروف أن أجهزة الأمن بمفردها غير قادرة على مكافحة الجريمة ولابد من تعاون ومؤازرة مؤسسات المجتمع الأخرى بما فيها الأسرة .
ويتضــح دور الأسرة في تفعيل مساهمة أفرادها في أمن المجتمع والمحافظة عليه من خلال تعاونها مع المؤسسات الأمنية في الجوانب التاليــة :
1 ) تعويد الأبناء على طاعة القوانين والأنظمة واحترامها والامتثال لأوامرها ويمكن للأسرة أن تراقب ذلك وهي تركب مع الابن في السيارة فتلاحظ مدى التزامه بأنظمة المرور من حيث التقيد بالسرعة ومراعاة الإشارات المرورية وغيرها كما أنها تستطيع أن تؤصل احترام الأنظمة في أبناءها من خلال التقيد بالرخص المطلوبة والأوراق الثبوتية سارية المفعولة وتبرز المراقبة في هذا الجانب أيضاً من خلال التقيد بالسن القانوني للحصول على الخدمات الاجتماعية مثل السن القانوني للدراسة أو قيادة السيارة وغيرها .
2 ) التبليغ عن الحوادث والجرائم والمخالفات . والأسرة تستطيع أن تؤكد على أبناءها في مثل هذا الموقف أن هذا واجباً وطنياً على كل فرد من أفراد المجتمع ، ولعل في الإبلاغ مبكراً عن الجرائم ما يؤدي إلى الإمساك بالجاني والتخفيف على المصابين بسرعة علاجهم ورعايتهم . وقد يكون للتبليغ المبكر أثره في حماية المجتمع من تتابع الجريمة أو تناميها أو إنتقالها إلى مكان آخر أو التخفيف من تبعاتها .
3 ) الاستعداد لتقديم العون والمساعدة للجهات الأمنية عندما تطلبها والحرص على تقديم المعلومات المفيدة لرجال الأمن في متابعة المجرمين والحرص أيضاً على الإدلاء بالشهادة متى ما طلبت حول التعديات والجرائم حتى يأخذ كل ذي حق حقه وينال المذنب جزاءه .
4 ) عدم التستر على المجرمين وكشف هويتهم وأماكنهم والإدلاء بما يمكن رجال الأمن من ملاحقتهم والقبض عليهم حتى لو كانوا من الأقارب أو الأصدقاء .
5 ) تنبيه الأبناء إلى أخطار الجرائم والسلوكيات المنحرفة على الفرد والأسرة والمجتمع وضرورة إشعار الأسرة بكل صغيرة وكبيرة يمكن أن تؤدي بهم إلى الانحراف أو اقتراف الجرائم . ولعل في معرفة الأسرة بأصدقاء أبناءهم ما يمكنها من إكتشاف أصدقاء السوء والذين قد يؤثروا سلباً على الأبناء فتتدارك الأمر وتحفظهم من الانحراف والسير في الطريق الإجرامي وتبعدهم عن هذا النوع من الأصدقاء . إن إبعاد الأبناء عن رفاق السوء مهمة اسرية تتم عن طريق المتابعة ومساعدتهم في إختيار الأصدقاء الصالحين .
6 ) المتابعة لما يقدم في وسائل الإعلام حول أمن المجتمع والجرائم وكيفية الوقاية منها والتصدي لها وكذلك مراقبة ما تبثه وسائل الإعلام من برامج طابعها العنف والإجرام ومنع الأبناء من مشاهدتها لكي لا تؤثر على سلوكياتهم الفعلية .
7 ) اتخاذ الإجراءات الوقائية الأمنية قدر الإمكان في البيت والسيارة والشارع ومكان العمل والمدرسة وغيرها . وكما يقال “ الوقاية خير من العلاج “ ولعل أبسط صور الوقاية الأمنية والتي يجب أن تحرص عليها الأسرة تتمثل في توفر وسائل السلامة داخل المنزل وكذلك أجهزة الأمان الضرورية في الأبواب والشبابيك لمنع السرقات والسطو على المنازل .
8 ) التفاعل مع الأنشطة التوعوية التي تقدمها المؤسسات الأمنية سواءاً من خلال الأسابيع الأمنية أو التوعية المباشرة من خلال المؤسسات الاجتماعية كالمدرسة أو النادي أو الجمعيات الخيرية أو برامج التوعية التي تبث من خلال وسائل الإعلام المختلفة .
بالتأكيد أن الأسرة هي أحد الأهداف التي توجه لها مثل هذه البرامج والأنشطة التوعوية الأمنية ويجب أن تشارك وتستجيب بفعالية حتى تتحقق الفائدة المنشودة والتي سيكون لها أثراً واضحاً في زيادة الثقافة الأمنية لدى أفراد الأسرة . وإن ما يمكن أن يشار إليه هنا كنتاج لمثل هذه البرامج التوعوية وتفاعل الأسرة معها حث الأسرة أبناءها إلى عدم التجمهر عند الحوادث ومضايقة رجـال الأمن وهم يؤدون واجباتهم في مثل هذه المواقف.
وختـامــــاً .,,,
فإن دور الأسرة في أمن المجتمع عظيم فهي خط الدفاع الأول الذي يقف سداً منيعاً يف وجه الأشرار . لكنها لا تستطيع القيام بهذا الدور الحيوي إلا إذا كانت مترابطة في كيانها متينة في علاقاتها الداخلية والخارجية . فعلى قدر ما تتمتع به الأسرة من ترابط وتماسك بين أفرادها على قدر ما تدرك الطريق السليم لتربية أبناءها وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين لمجتمعهم وأمتهم .
إن من الجوانب التي يجب أن توليها الأسرة أهمية كبيرة حتى تستطيع أن تقوم بدورها ككيان أساسي في المجتمع هو التخطيط الأسري لحياة الأبناء ونشاطاتهم وممارساتهم وبالأخص أثناء الاجازات والعطل الصيفية حتى تتم الاستفادة من أوقاتها فيما يعـود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع فهناك صلة وثيقة بين سوء استغلال وقت الفراغ لدى الأبناء وعشرة قرناء السوء والوقوع في الانحراف وسوء السلوك . فيجب الاهتمام بحسن استغلال وقت الفراغ بالسفر أو الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية المفيدة .
إن الأسرة من منطلق حرصها على التنشئة الاجتماعية السليمة وحسن استغلال وقت الفراغ والتفاعل بجدية مع مؤسسات المجتمع المختلفة تسهم بشكل حيوي في صناعة الفرد الصالح في المجتمع . والفرد الصالح في المجتمع أمان للمجتمع في حاضرة ومستقبله .

بقلم
د ./ سعيد بن سعيد حمدان

الموضوع الأصلي: الأسرة درع الوطن الواقي // الكاتب: عبير العبير // المصدر: خير بلدنا الزراعي

كلمات البحث

راعي عام زراعه عامة .انتاج حيواني .صور زراعية .الصور الزراعية .هندسة زراعية.ارانب. ارنب.الارنب.خضر.خضار.خضر مكشوفة.محصول.محاصيل.المحاصيل.ابحاث زراعية.بحث زراعي.بحث مترجم.ترجمة بحثية.نباتات طبية.نباتات عطرية.تنسيق حدائق.ازهار .شتلات.افات.افة.الافة.حشرات.حشرة.افة حشريا.نيماتودا.الديدان الثعبانية.قمح.القمح.الشعير.الارز.ارز.اراضي طينية. اراضي رملية.برامج تسميد.استشارات زراعية .برامج مكافحة.امراض نبات .الامراض النباتية.مرض نباتي.فطريات .بكتيريا.كيمياء زراعية .الكيمياء الزراعيه.تغذية .التغذية.خضر مكشوفة.صوب زراعية.السمك.زراعه السمك.مشتل سمكي. زراعة الفيوم.مؤتمرات زراعية.مناقشات زراعية.التقنية.براتمج نت.برامج جوال.كوسة, خيار,طماطم.بندورة.موز.بطيخ؟خيار.صوب.عنكبوت.ديدان.بياض دقيقي.بياض زغبي.فطريا