هذه الآية الثالثة والأخيرة من سورة الكوثر، سورة قصيرة في مبناها، عظيمة في معناها
افتتحت بقول الله - تعالى - لرسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -:
﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾
الكوثر: 1 والكوثر هو الخير الكثير العام، وهي من صيغ الأسماء الجامدة، مثل الكوكب.من هذا الخير الكثير الذي لا حد له:
نهر في الجنة أعطاه الله - تعالى - لرسوله، وردت أحاديثُ صحيحةٌ في وصفه، ثم جاءت الآية الأخيرة:
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾، وسبب نزولها أنه لما مات عبدالله ابن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان قد مات قبله ابنه القاسم
قال العاص بن وائل: صار محمد أبترَ، يموت أولاده من الذكور، فلن يخلد ذكره بموت ولده
فأنزل الله - تعالى - هذه الآية ترُدُّ مقولةَ هذا الكافر، وتؤكد بأسلوب بلاغي حكيم أن الأبتر
هو مَن يُبْغض الرسول - صلى الله عليه وسلم.والأبتر هو المقطوع بعضُه
وأصل هذا الوصف للدواب التي قطع ذنبها، فشبه مَن يبغض الرسول - صلى الله عليه وسلم -
أو ينتقص منه، بالدابة الشاذة، وحقيقة المعنى أنه زال منه ما فيه من خير، وأصبح هذا المبغض للرسول شرًّا كله
.نعم، وألف نعم، إن مبغض الرسول هو المقطوعُ ذِكرُه، الخالي من الخير، الشاذُّ بين الناس
أما الرسول، فما عرفت البشرية رجلاً أشهر، ولا أعظم منه، منذ آدم إلى قيام الساعة.
لقد دلت الإحصائيات التي تقوم بها المؤسسات الدولية أن اسم محمد
هو أكثر الأسماء شيوعًا في العالم الإسلامي، وأن المتأمل في الأذان
وفي تباين أوقاته في الكرة الأرضية، لَيعلمُ علم اليقين أنه لا تمر دقيقة واحدة
إلا يُذكر فيها اسمُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقرونًا باسم الله - تعالى. لقد صدق الله حين قال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ .
ثم نرى أمام هذه العظمة من البشر مَن هو على هيئة الدابة المقطوع ذنبها
يتطاول على مقام النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم.
مواقع النشر (المفضلة)