+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 3 4 5
النتائج 41 إلى 50 من 50

الموضوع: أعلام من العرب

  1. #41

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    أبو علي الحسن المراكشي

    العالم المسلم الفلكي أبو علي الحسن بن علي بن عمر المراكشي


    عاش في عصر دولة الموحدين في المغرب في النصف الأول من القرن السابع الهجري الموافق لمنتصف للقرن الثالث عشر الميلادي

    توفي سنة 660 للهجرة الموافق للعام 1262 للميلاد .

    وقد اشتهر المراكشي في علم الفلك والرياضيات والجغرافيا وصناعة الساعات الشمسية

    و تعكس أعماله التكوين العلمي الذي تلقاه في المغرب إضافة الى مواهبه الشخصية


    إسهاماته العلمية


    له بحوث في المثلثات مع إدخال عدد من التجديدات عليها ، فقد أدخل فيها الجيب ، وجيب التمام ، والسهم ، وعمل يضا الجداول للجيب،

    كما انه قدجاء بحلول لبعض المسائل الفلكية.

    وقد قدم تفصيلات عن أكثر من 240 نجما لسنة 622 هجرية . وهو أول من استعمل الخطوط الدالة على الساعات المتساوية إضافة إلى

    ذلك قام بإدخال تصحيحات جغرافية مهمة وجدد في خريطة المغرب.



    من مؤلفاته

    الكتاب الشهير ( جامع المبادئ والغايات في علم الميقات )


    بهذا الكتاب اشتهر المراكشي بين علماء الغرب واعتبروه من أعظم فلكيي العرب والمسلمين ، واعتبر حاجي خليفة الكتاب


    أعظم ما صنف في هذا الفن

    وقال إنه مرتب على أربعة فنون ، هي الحساب ، ووضع الآلات ، والعمل بالآلات ، ومطارحات تحصل بها الدراية والقوة
    على الاستنباط

    وهو يشتمل على بعض المسائل في الجبر والمقابلة . وقد عالج المراكشي في هذا الكتاب الشهير مبادئ علم الفلك

    التطبيقي، خصوصا تلك التي تؤدي الى الميقات (المعروف أيضا بالتوقيت)، و كان هذا الكتاب قاعدة لمدة طويلة جدا لهذا
    العلم

    هذا العلم لمدة طويلة ، ويعد الكتاب موسوعة علمية نادرة ألهمت أعمال كل من اهتم بالتوقيت من العلماء والمؤقتين في عهود مختلفة

    أما سارطون فيقول عنه إنه من أحسن الكتب ، وفيه بحوث نفيسة في المثلثات والساعات الشمسية المتنوعة .

    وقدترجمه إماونويل سيديو ونشر ابنه لويس إميلي سيديو هذه الترجمة بين سنتي 1834 و 1936 ، كما أن كارادي فو نشر من هذا الكتاب الجزء المتعلق بالأسطرلاب

    للمراكشي كتب أخرى في الرياضيات منها :


    كتاب القطوع المخروطية

    جامع المبادئ

    وصف الكون

    رسالة تلخيص العمل في رؤية الهلال

    حليمة الغراري ( بناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية ملامح من سير علماء مسلمين من عصور مختلفة )

    وله مؤلفات أخرى .

  2. #42

    • د. محمد سعيد عيسى غير متواجد حالياً
    • مشرف

    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    العمر
    75
    المشاركات
    1,147

    افتراضي

    دائما ابدا يفوح العبير فى ارجاء
    المنتدى من كل كلمات تختاريها
    وكل كلمات يخطها قلمك
    وتثيرى فى القلوب شغف وشوق
    لتلك الايام السالفة التى ولت وراحت
    بجمالها وحلاوتها وصبر وشجاعة رجالها
    بوركتى وبورك قلمك وبورك العقل الذى يختار

  3. #43

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    السلام عليكم

    نتابع اليوم أيها السادة بعلم من الأعلام الإسلامية ذاع صيته وتعددت اختصاصاته ألا وهو


    ابن ملكا البغدادي


    ابن ملكا البغدادي أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي، طبيب وفيلسوف اشتهر في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. لقب بأوحد الزمان، وعرفه عامة الناس باسم البلدي. ولد ونشأ بالبصرة ، ثم سافر إلى بغداد وعمل في قصور الخليفتين العباسيين المقتدي ، والمستنصر، وحظي بمكانة عظيمة، حتى لقب بفيلسوف العراقيين في عصره

    ولد ابن ملكا البغدادي سنة 480 هجرية الموافق لعام 1087 للميلاد في أسرة من أصل يهودي وترعرع بين آل ملته ولكنه قبل وفاته اعتنق الإسلام وتفقه فيه حتى صار حجة وصار في مقدمة علماء المسلمين في العلوم التطبيقية. وكان سبب إسلامه أنه دخل يوما إلى الخليفة المستنجد بالله، فقام جميع من حضر إلا قاضي القضاة كان حاضرا ولم يقم مع الجماعة لكون ابن ملكا ذميا. فقال يا أمير المؤمنين إن كان القاضي لم يوافق الجماعة لكونه يرى أني على غير ملته، فأنا أسلم بين يدي مولانا، ولا أتركه ينتقصني بهذا وأسلم. وقد كان لابن ملكا البغدادي اهتمام كبير بالطب في صغره، حتى إنه صار يجلس عند باب كبير الأطباء في زمانه وهو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين يستمع لشرحه لطلابه كي يتعلم مهنة الطب. وكان الحسن من المشايخ المتميزين في صناعة الطب، وكان له تلاميذ عدة يأتون إليه كل يوم للقراءة عليه، وكان يرفض أن يحضر مجلسه يهوديا أصلا. وكان ابن ملكا يريد أن يجتمع به، وأن يتعلم منه، وحاول ذلك بكل الطرق، فلم يقدر على ذلك. فكان يتخادم للبواب الذي له، ويجلس في دهليز الشيخ بحيث يسمع جميع ما يقرأ عليه، وما يجري معه من البحث، وهو كلما سمع شيئا تفهمه وعلقه عنده. وذات مرة كان الشيخ الكبير يناقش مسألة مع طلبته محاولا الحصول على الإجابة، فصعب ذلك على الشيخ وعلى تلاميذه. وبقوا مدة يتداولون هذه المسألة واحدا بعد الآخر حتى ألهم الله سبحانه ابن ملكا حل هذا المشكلة. فلما كان بعد مدة سنة أو نحوها. جرت مسألة عند الشيخ، وبحثوا فيها فلم يعثروا لها عن جواب وبقوا متطلعين إلى حلها. فلما تحقق منها أبو البركات، دخل وخدم الشيخ، وقال: يا سيدنا، عن أمر مولانا أتكلم في هذه المسألة؟ فقال: قل إن كان عندك فيها شيء فأجاب عنها بشيء من كلام جالينوس، وقال:- يا سيدنا، هذا جرى في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني، في ميعاد فلان، وعل ق بخاطري من ذلك اليوم. فبقي الشيخ مستعجبا من ذكائه وحرصه، وطلب منه أن يخبره عن الوضع الذي كان يجلس فيه ويستمع إلى هذه الدروس، فأعلمه به. فقال: من يكون بهذه المثابة ما نستحل أن نمنعه من العلم، وقربه من ذلك الوقت، وصار من أجل تلاميذه. ولقد اشتهر ابن ملكا البغدادي بجرأته في مداواة المرضى، فكان لا يتردد في أخذ القرارات في إجراء العمليات الجراحية الخطيرة، كما كان ينصح طلابه بأن الطبيب الناجح إذا اقتنع بأن ليس لديه حل بديل عن إجراء العملية الجراحية، فإنه لا يجب أن يعطي المريض الانطباع في أنه ليس مقتنعا، حتى لا يجعل المريض متخوفا، وربما يقوده تخوفه إلى صعوبة شفائه

    أقواله وحكمه

    الحق يقال.. إن لكل إنسان في حياته إيجابيات وسلبيات، ولم يبلغ أحد درجة الكمال إلا الأنبياء، لذلك أُخذت على ابن ملَكا بضعة مآخذ، أخذت عنه قبل إسلامه، منها كبرياؤه وقد وصفه بعضهم شعراً في ذلك..، لكن الإسلام صقل شخصيته وغسل كبرياء نفسه فاتصف بالصفات الحميدة المنتظرة من العلماء العاملين المخلصين. وقد أجمع المؤرخون الذين كتبوا عنه أنه من العلماء الذين يفخر تاريخ الإسلام بنصائحهم المفيدة، والتي صار العلماء يتناقلونها واحداً بعد الآخر، ومن هذه النصائح والتي أوردها البيهقي في كتابه (تاريخ حكماء الإسلام) قوله:

    - الخطيب هو الذي تصدر عنه الخطابة، ومن شرطه أن يكون متنسكاً متعسفاً فصيحاً بليغاً، يقدر على استمالة السامعين واستدراجهم، ويعرف أخلاق الناس، ويكلمهم على قدر عقولهم.
    - الخير الحقيقي أربعة (العفة الشجاعة الحكمة والعدالة).
    - سعادة الدنيا لطف الحواس.
    -الشهوات أجر تستخدم بها النفوس في عمارة عالم الطبيعة لتذهل عما يلزمها من التعب، ويلحقها من الكلال، فأعلمها في ذلك أخسّها، وأزهدها أحسها.


    مؤلفاته


    يدهش مؤرخو العلوم من ثراء هبة الله بن ملكا البغدادي، ومن عمق مصنفاته الضخمة الحافلة بالمبتكرات والنظريات والآراء العلمية التطبيقية، تلك المؤلفات التي تعتز بها الحضارة العربية الإسلامية، وقديماً قال ابن أبي أصيبعة.. وتصانيفه في نهاية الجودة، فقد كان له اهتمام بالغ في العلم وفطرة فائقة فيها، ومن مؤلفاته:

    1 ـ كتاب (المعتبر في الحكمة) عدة أجزاء، من أشهرها وأهم كتبه، تحدث فيه عن النبات والحيوان، والحكمة الإلهية، والطبيعيات، طبع منه الجزء الأول في حيدر آباد عام 1357هـ، وهو في الحكمة
    2 ـ مقالة في سبب ظهور الكواكب ليلاً واختفائها نهارا.
    3 ـ اختصار التشريح من كلام جالينوس.
    4 ـ كتاب الأقراباذين (ثلاث مقالات).
    5 ـ مقالة في الدواء الذي ألفه برشعثا، استقصى فيه صفته وشرح أدويته.
    6 ـ مقالة (أمين الأرواح)، في دواء على شكل معجون.
    7 ـ رسالة في العقل وماهيته.
    8 ـ كتاب النفس.
    9 ـ كتاب التفسير.


    ابن ملكا والفيزياء

    يقول هبة الله بن ملكا البغدادي في كتابه (المعتبر في الحكمة): ( فعلى هذا يسهل طريق التعليم الحكمي الذي يكون بالنظر والاستدلال، وهذا القانون بعينه يستعمل في هذا العلم المسمى بالعلم الطبيعي المنسوب إلى الطبيعية، وهو المشتمل على العلم يساير المحسوسات من الحركات والتحركات ،والمحركات وما مع الحركات وبالحركات والمتحركات وفي المتحركات من الآثار المحسوسة). ويمضي ابن ملكا في الورقة الخامسة من نفس المخطوط يقول: ( وقوم سموا بالطبيعية كل قوة جسمانية، أعني كل مبدأ فعل يصدر عن الأجسام مما وجوده فيها، فتكون الأمور الطبيعية هي الأمور المنسوبة إلى هذه القوة، أما على أنها موضوعات لها، وكما يصدر عنها كالأجسام، فيقال أجسام طبيعية، وإما آثار وحركات وهيئات صادرة عنها كالألوان والأشكال. والعلوم الطبيعية هي العلوم الناظرة في هذه الأمور الطبيعية، فهي الناظرة في كل متحرك وساكن، وما عنه، وما به، وما منه، وما إليه، وما فيه الحركة والسكون. والطبيعيات هي الأشياء الواقعة تحت الحواس من الأجسام وأحوالها، وما يصدر عنها من حركاتها وأفعالها، وما يفعل ذلك فيها، من قوى وذوات غير محسوسة، فالعلم يتعرض لأظهرها فأظهرها أولا، ويترقى منه إلى الأخفى فالأخفى).


    ابن ملكا وعلوم الميكانيك

    في كتاب ابن ملَكا (المعتبر في الحكمة) نصوص هامة تختص بحركة الأجسام، ومنها:

    أنواع الحركة :

    يشير ابن ملكا إلى نوعين من الحركة، هما الحركة الطبيعية والحركة القسرية، حيث يقول: ( فإن الحركة أما طبيعية وإما قسرية، والقسرية يتقدمها الطبيعية، لأن المقسور إنما هو مقسور عن طبعه إلى طبع قاسره، فإذا لم يكن حركة بالطبع لم يكن حركة بالقسر، والطبيعية إنما تكون عن مباين بالطبع إلى مناسب بالطبع، أو إلى مناسب أنسب من مناسب).

    يقول د/ علي الدفاع : يقصد ابن ملَكا بالحركة الطبيعية حركة الجسم تحت تأثيره قوة الجاذبية الأرضية، حيث أن الجسم يسعى في طلب وضعه الطبيعي عند مركز الأرض، ومن ثم جاءت تسمية هذا النوع من الحركات عن تعريض الجسم لمحرك خارجي يجبره على تغيير مكانه أو وضعه، مثال ذلك رمي السهم أو الحبة أو الحجر. ويؤكد ابن ملَكا هذه المعاني في موضع آخر من كتابه فيقول: (فبهذا يعلم أن لكل جسم طبيعي حيزاً طبيعيا، فيه يكون بالطبع، وإليه يتحرك إذا أزيل عنه، وهذا الحيز ليس هو للجسم بجسميته التي لا يخالف بها غيره من الأجسام، بل بصفة خاصة به هي طبيعية فقوة أو صورة خاصة بذلك الجسم، خصته بذلك الحيّز، وحركته إليه، فتلك الطبيعة الخاصة في ذلك الجسم مبدأ حركة بالطبع وسكون بالطبع، والتحريك النقلي المكاني إنما يكون عنها بعد سبب طارئ يخرج الجسم عن حيزه الطبيعي، فتحركه هي إليه. يوضح ابن ملكا في هذا النص سمات الحركتين الطبيعية والقسرية كما أنه يشير إلى وجود خاصية مدافعة الجسم عن بقائه على حاله، وهي بعض معاني القانون الأول للحركة، أو على وجه أصح قانون ابن سينا في الحركة والسكون.

    كمية الحركة :

    كتب ابن ملكا عن حركة التساقط الحر للجسم تحت تأثير قوة جذب الأرض له، وأشار إلى أن حركة الجسم تتزايد في السرعة كلما أمعن الجسم في هبوطه الحر، بحيث أن تأثيره يشتد مع طول المسافة المقطوعة، يقول ابن ملكا:
    ( فإنك ترى أن مبدأ الغاية كلما كان أبعد، كان آخر حركته أسرع، وقوة ميله أشد، وبذلك يشج ويسحق، ولا يكون ذلك له إذا ألقي عن مسافة أقصر، بل يبين التفاوت في ذلك بقدر طول المسافة التي يسلكها).

    يقول د/ الدفاع : هذا قول صحيح تماما إذا إن سرعة الجسم الساقط سقوطا حرا (أي تحت تأثير الجاذبية الأرضية فحسب) تتزايد بحسب المسافة التي يهبطها الجسم، وبالتالي فإن كمية حركته (وقد عبر عنها ابن ملكا بقوة الميل) تزيد ويشتد تأثيرها، فالحجر الساقط من علٍ كلما كان موضع بدء هبوطه أعلى كلما كانت شدة وقعه أقسى، فيشج ويسحق على حد تعبيره.

    التساقط الحر للأجسام :

    وقف علماء العرب والمسلمين على حقيقة تساقط الجسم تساقطا حرا تحت تأثير قوة جذب الأرض، متخذا في ذلك أقصر الطرق في سعيه للوصول إلى موضعه الطبيعي، وهو الخط المستقيم، وفي هذا الشأن يقول ابن ملكا:

    (فكل حركة طبيعية فعلى استقامة)، ويقول في موضع آخر: (ثم سماء بعد سماء، كل في حيزه الطبيعي، إلا أن هذه التي تلينا تسكن في أحيازها الطبيعية، وتتحرك إليها (إذا أخرجها مخرج عنها) حركة مستقيمة تعيدها في أقرب مسافة إليها على ما يرى).

    كذلك أيقن ابن ملكا أنه لولا تعرض الأجسام الساقطة سقوطا حراً لمقاومة الهواء لتساقطت الأجسام المختلفة الثقل والهيئة بنفس السرعة، وبذلك يكون ابن ملكا أول من نقض القول المأثور عن أرسطو طاليس بتناسب سرعة سقوط الأجسام مع أثقالها، وهو قول خاطئ تماما، فيكون ابن ملكا قد حقق سبقا أكيدا في مجال حركة الأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية قبل جاليلو جاليلي (1564 ـ 1642م) بحوالي خمسة قرون من الزمان. ويقول ابن ملكا:

    (وأيضا لو تحركت الأجسام في الخلاء، لتساوت حركة الثقيل والخفيف، والكبير والصغير، والمخروط المتحرك على رأسه الحاد، والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة، في السرعة والبطء، لأنها تختلف في الملء، بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه من المقاوم المخروق كالماء والهواء وغيره).

    القانون الثاني للحركة :

    لعل أقرب ما توصل إليه علماء العرب والمسلمين من معاني ما تعارفنا على تسميته بالقانون الثاني للحركة، هو قول ابن ملكا:
    (وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّية تحرّك أسرع، وفي زمان أقصر، فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة، فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك أن تصير الحركة في غير زمان وأشد، لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة). يشير ابن ملكا في هذا النص إلى أن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة.

    كما قال د/ الدفاع، فابن ملكا لم يقل سلبا لزمان في قطع المسافة (ويعني ذلك زيادة السرعة، حيث السرعة تساوي المسافة مقسومة على الزمان)، وإنما قال سلب الزمان في السرعة، وهذه إشارة إلى التسارع (أو العجلة) حيث التسارع يساوي السرعة مقسومة على الزمان (أو هي على وجه الدقة معدل تغير السرعة بالنسبة للزمن). ويتضح من هذه المعاني أن ابن ملكا يشير إلى تناسب القوة مع تغير السرعة بالنسبة للزمن، وهذا معنى قريب جدا من القول بتناسب القوة مع التسارع.

    القانون الثالث للحركة :

    يشير ابن ملكا إلى القانون الثالث للحركة في قوله:

    (إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبهما قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب).
    وهذا قول واضح في أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، فالحلقة التي أشار إليها في المثال ما هي إلا جسم في حالة اتزان تحت تأثير قوتين متساويتين مقداراً متعاكستين اتجاها. ابن ملكا الطبيب ولننصف ابن ملكا لا بد أن نتكلم عنه كطبيب كما تحدثنا عنه كفيزيائي. يؤكد القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء) وغيره، أن ابن ملكا كان موفق المعالجة، لطيف المباشرة، خبيراً بعلوم الأوائل، حسن العبارة، لطيف الإشارة، وقف على كتب المتقدمين والمتأخرين في الطب، واعتبرها واختبرها، فلما صفت لديه وانتهى أمرها إليه، صنف فيها كتابا سماه المعتبر أخلاه من النوع الرياضي، وأتى فيه بالمنطق والطبيعي والإلهي، فجاءت عبارته فصيحة، ومقاصده في ذلك الطريق صحيحة، وهو أحسن كتاب صنف في هذا الشأن في هذا الزمان.


    اهتماماته في مجال الطب

    كان لأبي البركات هبة الله بن ملكا البغدادي اهتمام كبير بالطب منذ صغره، حتى أنه كان يجلس عند باب كبير الأطباء في زمانه أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين (435 ـ 494هـ) يستمع لشرحه لطلابه كي يتعلم مهنة الطب. يقول المؤرخ الطبيب ابن أبي أصيبعة في كتابه (عيون الأنباء في طبقات الأطباء): وكان مبدأ تعلمه صناعة الطب أن أبا الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن كان من المشايخ المتميزين في صناعة الطب، وكان له تلاميذ عدة يتناوبونه في كل يوم للقراءة عليه، ولم يكن يقرئ يهودياً أصلاً، وكان أبو البركات يشتهي أن يجتمع به، وأن يتعلم منه، وثقل عليه بكل طريق، فلم يقدر على ذلك، فكان يتخادم للبواب الذي له، ويجلس في دهليز الشيخ يسمع جميع ما يقرأ عليه، وما يجري معه من البحث، وهو كلما سمع شيئاً تفهمه وعلقه عنده. وكان الشيخ الكبير يناقش ذات مرة مسألة مع طلبته محاولاً الحصول على الإجابة، فصعب ذلك على الشيخ وعلى تلاميذه. وبقوا مدة يتداولون هذه المسألة واحداً بعد الآخر، حتى ألهم الله أبا البركات بن ملكا حل هذا المشكل. فدخل ابن ملكا إلى الشيخ وقال: يا سيدنا، عن أمر مولانا أتكلم في هذه المسألة؟ فقال: قل إن كان عندك فيها شيء، فأجاب عنها بشيء من كلام جالينوس، وقال: يا سيدنا، هذا جرى في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني، في ميعاد فلان، وعلق بخاطري من ذلك اليوم، فبقي الشيخ مستعجباً من ذكائه وحرصه، واستخبره عن الوضع الذي كان يجلس فيه، فأعلمه به، فقال: من يكون بهذه المثابة ما نستحل أن نمنعه من العلم، وقرَّبه من ذلك الوقت، وصار من أجلِّ تلاميذه.


    ابن ملكا والطب النفسي

    مما اعتنى به ابن ملكا الطب النفسي، فعالج الأمراض النفسية التي تصيب الناس، وحاول جاداً أن يعالجها بالطريقة النفسية التي أدهش لها علماء الطب في العصر الحديث، فقد ذكر ابن أبي أصيبعة في ( عيون الأنباء ) أن مريضا ببغداد كان عرض له علة (الماليخوليا)، وكان يعتقد أن على رأسه دنا (وعاء كبير للخمر من الفخار)، وأنه لا يفارقه أبدا، فكان كلما مشى يتحايد المواضع التي سقوفها قصيرة ويمشي برفق، ولا يترك أحدا يدنو منه حتى لا يميل الدنُ أو يقع عن رأسه، وبقي بهذا المرض مدة وهو في شدة منه، وعالجه جماعة من الأطباء ولم يحصل بمعالجتهم تأثير ينتفع به، إلى أن عرض على ابن ملكا، ففكر في أنه ما بقي شيء يمكن أن يبرأ به إلا بالأمور الوهمية، فقال لأهله: إذا كنت في الدار فأتوني به، ثم إنه أمر أحد غلمانه بأن ذلك المريض إذا دخل إليه وشرع في الكلام معه، وأشار إلى الغلام بعلامة بينهما، أنه يسارع بخشبة كبيرة فيضرب بها فوق رأس المريض على بعد منه كأنه يريد كسر الدن الذي يزعم أنه على رأسه، وأوصى غلاما آخر، وكان قد أعد معه دنا في أعلى السطح، أنه متى رأى ذلك الغلام قد ضرب فوق رأس صاحب الماليخوليا أن يرمي الدن الذي عنده بسرعة إلى الأرض. وكان ابن ملكا في داره، وأتاه المريض وشرع في الكلام معه وحادثه، وأنكر عليه حمله للدن، وأشار إلى الغلام الذي عنده من غير علم المريض فأقبل إليه، وقال والله لا بد لي أن أكسر هذا الدن وأريحك منه، ثم أدار تلك الخشبة التي معه وضرب بها فوق رأسه بنحو ذراع، وعند ذلك رمى الغلام الآخر الدن من أعلى السطح. فكانت له جلبة عظيمة، وتكسر قطعاً كثيرة، فلما عاين المريض ما فعل به ورأى الدن منكسرا، تأوه لكسرهم إياه، ولم يشك أنه الذي كان على رأسه بزعمه، وأثر فيه الوهم أثراً برئ من علته تلك. وقد قال ابن أبي أصيبعة عن عمله هذا: (وهذا باب عظيم في المداواة، وقد جرى أمثال ذلك لجماعة من الأطباء المتقدمين مثل جالينوس وغيره في مداواة الأمور الوهمية).


    جرأته في المداواة بالعمليات الجراحية


    اشتهر هبة الله بن ملكا بجرأته في مداواة المرض، فكان لا يتردد في أخذ القرارات في إجراء العمليات الجراحية الخطيرة، كما أنه كان ينصح طلابه بأن الطبيب الناجح إذا اقتنع بأن ليس لديه مناص من إجراء العملية الجراحية فإنه يجب أن لا يعطي المريض الانطباع في أنه ليس مقتنعا، مما يجعل المريض متخوفاً، وربما يقوده تخوفه إلى صعوبة شفائه. يذكر ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء.. أن ابن ملكا جاءه رجل به داحس، إلا أن الورم كان ناقصاً، وكان يسيل منه صديد، فحين رأى ذلك بادر إلى سلامية إصبعه فقطعها، فقال له تلاميذه: يا لقد أجحفت في المداواة، وكان يغنيك أن تداويه بما يداوي به غيرك، وتبقى عليه إصبعه، ولاموه وهو لا ينطق بحرف، وفي اليوم الثاني جاء رجل آخر مثل ذلك سواء، فأومأ إلى تلاميذه بمداواته، وقال افعلوا في هذا ما ترونه صواباً، فداووه بما يداوي به الداحس، فاتسع المكان وذهب الظفر وتعدى الأمر إلى ذهاب السلامية الأولى من سلاميات الإصبع، ولم يتركوا دواء إلا وداووه به أو علاجاً إلا وعالجوه به، وهو مع ذلك يزداد ويأكل الإصبع أسرع أكل، وآل أمره إلى القطع، فعرفوا حق قدره، وقال تلامذته: وفشى هذا المرض في تلك السنة، وغفل جماعة منهم عن القطع فتأذى أمر بعضهم إلى قطع اليد، وبعضهم إلى هلاك أنفسهم.


    دقته في التشخيص

    وذكر القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء) رواية تدل على دقته في التشخيص، وهي:
    إن ابن ملكا كان جالسا في مجلسه للإقراء، وعليه ثوب أطلس مثمن أحمر اللون من خلع السلجوقي، إذ دخل عليه رجل من أوساط أهل بغداد، وشكا إليه سعالا أدركه وقد طالت مدته ولم ينجع فيه دواء، فأمره بالجلوس، وقال له: إذا سعلت شيئا فلا تتفله حتى أقول لك ما تصنع، فجلس ساعة وقطع فاستدعاه إليه، وأدخل يده في كم ذلك الثوب الأطلسي وقال له: اتفل فيه، فتوقف خشية على موضع يده من الثوب، فتفل وضم ابن ملكا يده على ما فيها من الثوب والتفلة، وأخذ فيما الجماعة فيه من استفهام وإفهام ساعة، ثم فتح يده ونظر إلى الثوب وموضع التفلة منه ساعة يقلبه ويتأمله ثم قال لبعض الحاضرين: اقطع من هذه الشجرة نارنجة وأحضرها، وكان في داره شجرة نارنج حاملة، ففعل الرجل المأمور ذلك، فلما أحضر النارنجة قال للرجل الشاكي كل هذه، فقال أيها الحكيم متى أكلته مت، فقال: إن أردت العافية فقد وصفتها لك، فشرع الرجل وأكل منها أولا فأولا إلى أن استنفدها، وقال له امض وانظر ما يكون في ليلتك، فمضى الرجل، ولما كان في اليوم الثاني حضر وهو متألم فقال ما جرى لك؟ قال: ما نمت لكثرة ما نالني من السعال، فقال لأحد الجماعة: أحضر لي نارنجة من تلك الشجرة إياها، فقال للشاكي: كلها أيضا، فقال: إذا أكلتها ما يبقى في الموت شك، فقال: كلها فهي الدواء، فأكلها الرجل ومضى، فلما كان في اليوم الثالث جاء فسأله عن حاله، فقال: بت خير مبيت ولم أسعل، فقال له برأت ولله الحمد وإياك وأكل النارنج بعدها، وإن تأكل بعدها نارنجة أخرى يحصل لك ما لا يرجى لك برءه، وأمره بما يستعمل في المستقبل. فلما خرج المريض من مجلسه سأله الجماعة عن السبب، فقال: أخذت تفلته في الثوب الأطلسي الأحمر وأحميتها في كفي ساعة، ونظرت فيها هل بقي بعدما تشربه الثوب مما تفل كالقشور والنخالة فلم أجده، ولو وجدته دلني على أن السعال من قرح إما في الرئة أو في الصدر، وكلاهما صعب، فلما لم أجد شيئا من ذلك علمت أنه بلغم لزج زجاجي وقد لحج بقصبة الرئة وآلات التنفس، فأردت جلاءه من هناك، وأمرته بتناول النارنجة، فلما عاد إلي ووجد شدة علمت أنها قد جلت وقطعت ما هناك ولم تستنفده، فأمرته بتناول الأخرى فجلت ما بقي، ونهيته عن استعمال أخرى لئلا يقرح الموضع بكثرة الجلاء، فيقع فيما احترزنا منه، فاستحسن الحاضرون ذلك من صناعته اللطيفة. وأخيراً... لقد تلقى هبة الله بن ملكا البغدادي جميع علومه التي تفنن فيها على كبار علماء العرب والمسلمين في بغداد، ففاضت قريحته، ولمع اسمه بين معاصريه حتى صار إنتاجه متداولا بين العلماء في العلوم آنذاك، وهناك نوع من الإجماع بين مؤرخي العلوم على أنه يعدّ بحق من عباقرة العالم الذين وضعوا الأسس الهامة، وأضافوا الأفكار المنيرة في علمي الطبيعة والطب، حقاً لقد أنجبت الحضارة العربية والإسلامية من العلماء الأفذاذ من لا يستطيع مؤرخ في العلوم أن يتجاهلهم، ومن بينهم..هبة الله بن ملكا البغدادي، الذي تردد اسمه في كتب المستشرقين، ونعتوه بالعالم اللامع بين علماء عصره في العلوم الطبيعية

    وقد كانت وفاته سنة 560 للهجرة الموافق لعام 1165 للميلاد.

  4. #44

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    أهلا بكم

    ها نحن مرة خرى نحلق في سماء سير هؤلاء العلماء الذين كان لهمباع وصيت وشهرة
    لما تركوه لنا من علم واكتشافات أنارت دروب من جاء بعدهم من علماء
    واليوم نتابع هذه السلسة مع العالم العربي

    أبو جعفر الغافقي

    رائد موسوعات الصيدلة عالم بالطب والصيدلة والنبات

    أبو جعفر أحمد بن أحمد بن السيد الغافقي، نسبة إلى مدينة غافق التي تقع شمالي قرطبة في الأندلس
    ( 650هـ/1164م) ولد فيها وعاش فيها عمره كله
    وهو من علماء القرن السادس الهجري
    وقد كان احمد الغافقى من اكثر علماء النبات في العصور الوسطى أصالة ومعرفة
    ووضع أول موسوعة صيدلية في الأدوية النباتية

    وردت لمحة موجزة عن سيرة الغافقي الذاتية ومكانته العلمية في الجزء الثالث من كتاب
    (عيون الأنباء في طبقات الأطباء )- لابن أبي أصيبعة-
    والذي قال عنه :«إمام فاضل وحكيم عالم، يعد من أكابر أهلالأندلس. كان أعرف زمانه بقوى الأدوية المفردة ومنافعها وخواصها وأعيانها، ومعرفة أسمائها. وكتابه في الأدوية المفردة لانظير له في الجودة، ولا شبيه له في معناه. لقد استقصى فيه ما ذكره - ديسقوريدس- و - جالينوس - بأوجز لفظ وأتم معنى».
    ويقول ابن أبي أصيبعة في الجزء الثاني من كتابه المذكور ـ عند الكلام عن العالم ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي والمعروف بابن البيطار ـ إنه كان أشهر أطباء زمانه في معرفة أوصاف النباتات ونوعية تأثيرها في شفاء الأمراض، وإنه (ابن أبي أصيبعة) كان يحضر مجلسه حيث كان المجتمعون يتداولون في موضوعات تتعلق بتأثير بعض النباتات في شفاء الأمراض، معتمدين على ثلاثة مؤلفات في الأدوية المفردة وهي من تأليف: ديسقوريدس وجالينوس والغافقي، وأمثالها من الكتب الجليلة.
    وقد بين ابن البيطار في مقدمة كتابه «الجامع لمفردات الأدوية والأغذية» أسماء المصادر التي اعتمد عليها حين قام بتأليفه وهي:
    الخمس مقالات من كتاب ديسقوريدس
    والست مقالات من مفردات جالينوس
    ثم ألحق بها ما قاله المحدثون في صفات الأدوية النباتية والمعدنية والحيوانية وخواصها، وأسند جميع تلك الأقوال إلى قائلها، مع ذكر رقم المقالة التي ورد فيها ذكر كل عقار ، ولما كان كتاب الغافقي في الأدوية المفردة أحد تلك المصادر التي اعتمدها ابن البيطار، فقد أصبح من الممكن معرفة أسماء العقاقير التي اقتبسها من كتاب الغافقي.
    ويذكر المؤرخ والطبيب الفرنسي لوسيان لوكلرك LucienLeclerc في كتابه «تاريخ الطب العربي» أن اسم الغافقي ورد أكثر من 200 مرة في كتاب مفردات ابن البيطار، وأنه من ناحية منزلته العلمية يأتي بعد الرازي وابن سينا، وذكر لوكلرك أيضا أن الغافقيكان يحسن اللغة البربرية، بدليل أنه غالبا ما أورد أسماء النباتات التي تكلم عليها باللغة البربرية إضافة إلى أسمائها بالعامية الأندلسية، ومما لاحظه لوكلرك اكتشاف الغافقي لأخطاء بعض من سبقه من الأطباء الأندلسيين ومنهم ابن سمجون وابن وافد، كما انتقدالغافقي بعض من عاصره من الأطباء، والذين كانوا مثلا يعدون نبات الكزبرة Coriandrum من العقاقير المخدرة.

    من بعض مؤلفاته :

    كتاب «الأدوية المفردة»:

    وهو بمثابة موسوعة تشتمل علي أسماء النباتات بالعربية والبريدية واللاتينية كما تحتوي علي ألف
    دواء بسيط مع وصف علمي ، وشرح لطريقة استعمال كل دواء، ومع المصطلحات لغوية وردت في مختلف كتب الطب والصيدلة


    حقق قسما منه إبراهيم بن مراد، معتمدا على صورتين شمسيتين لمخطوطتين محفوظتين في الخزانة العامة في الرباط، ثم نشره في مجلة «الصيدلاني العربي» بدمشق. واختصره أبو الفرج غريغوريوس، المعروف بابن العبري (ت684هـ)، ثم نشره مع ترجمته إلى الإنكليزية من قبل ماكس مايرهوف و جورج صبحي.

    منتخب جامع المفردات

    وكتاب الأعشاب

    ويحتوي هذا الكتاب علي 380 رسما متقنا ملونا لنباتات وحيوانات وعقاقير

    رسالة في الحميات والأورام

    رسالة في دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية

    هناك مخطوطتان محفوظتان في مكتبة Bodelienne (أوكسفورد)، تكلم عليهما لوكلرك: الأولى عنوانها «مقالة في الخراجات والحميات»، والثانية عنوانها «كيفية طرد الأمزجة الضارة من الجسم».

  5. #45

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله

    نستأنف حديثنا عن أعلام العرب في مجالات مختلفة
    حديثنا اليوم عن رحالة مغربي شهير ، معروف لدة الخاصة والعامة

    ابن بطوطة



    محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي عرف بابن بطوطة (ولد في 24 فبراير1304 - 1377مبطنجة)
    (703 - 779هـ) هو رحالة ومؤرخ وقاضي وفقيه مغربي لقب بأمير الرحالين المسلمين.

    الإسم الكامل : شمس الدين أبوعبدالله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن اللواتي الطنجي بن بطوطة بن حميد الغازي بن القريش العلي. ولد في طنجة سنة(703 هـ/1304 م) بالمغرب وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325 وهو ابن 21 عاماً أن يخرج حاجاً كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد الإسلام. وخرج من طنجة سنة 725 هـ فطاف بلاد المغرب ومصروالسودان والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين الجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. وإتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر - واستعان بهباتهم على أسفاره.

    عاد إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطان أبي عنان (من ملوك بني مرين) فأقام في بلاده. وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. ترجمت إلى اللغات البرتغاليةوالفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجم فصول منها إلى الألمانية نشرت أيضا. كان يحسن التركيةوالفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة (1325-1352 م) ومات في مراكش سنة 779 هـ/1377 م حيث يوجد ضريحه بالمدينة القديمة. تلقبه جامعة كامبريدج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالة المسلمين الوطنيين

    في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:
    من طنجة مسقط رأسي في يوم الخميس 2 رجب 725 هـ / 1324 م معتمدا حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، منفردا عن رفيق آنس بصحبته، وركب أكون في جملته، لباعث على النفس شديد العزائم، وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة... فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور، وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصبا، ولقيت كما لقيا نصبا.

    في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:

    30 سنة من السفر

    قام ابن بطوطة بثلاث رحلات وقد استغرق في مجموعها نحو ثلاثون سنة وكان أطولها الرحلة الأولى التي زار خلالها معظم نواحي المغرب والمشرق وكانت أطول إقامة له في بلاد الهند حيث تولى القضاء سنتين ثم في الصين حيث تولى القضاء سنة ونصف السنة وفي هذه الفترة وصف كل ما شاهده وعاينه فيهما وذكر كل من عرفه من سلاطين ورجال ونساء ووصف ملابسهم وعاداتهم وأخلاقهم وضيافتهم وما حدث في أثناء إقامته من حوادث.

    قد سافر ابن بطوطة ما مجموعه تقريباً (120.701 كم)، وهنا قائمة بالأماكن التي زارها :



    تونس - في ذلك الوقت أبو يحيى (ابن أبو زجاريا) كان سلطان تونس.
    صفاقس
    سوسة
    قابس
    بلاد الشام



    جدة - ميناء مهم للحجاج إلى مكة.
    مكة - المخطط الرئيسي لرحلة ابن بطوطة كان للحج إلى مكة.
    المدينة المنورة - المكان الذي زار ابن بطوطة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم محمد.
    رابغ - مدينة صغيرة شمال جدة تطل على البحر الأحمر.
    بدر
    ظفار
    القطيف
    البحرين
    الأحساء
    مضيق هرمز
    العراق

    بغداد - كانت بوابة أبن بطوطة إلى الحج في الرحلة الثانية
    تركيا وشرق أوروبا

    قونية
    أنطاليا
    بلغاريا - هدفه في الرحلة، كما يذكر في كتابه أنه يود الذهاب إلى أرض الظلمات
    أزوف
    قازان
    نهر الفولغا
    إسطنبول
    ليبيا




    عليباج - ابن بطوطة كان معجب بهذه المنطقة كما ذكر في كتابه.
    أماكن أخرى في أسيا


    شاطئ الكورمانديل - في الهند(بنغلادش)
    نهر البراهمبوراتا - زار ابن بطوطة هذه المنطقة في طريقه إلى الصين
    نهر الميغنا - قرب دكا عاصمة بنغلاديش


    شبه جزيرة الملايو
    الصين

    غوانغ جو في إقليم غوانغ دونغ - كما أسماها في كتابه بمدينة الزيتون.
    هانغ جو - في إقليم جه جيانغ - وقد أسماها في كتابه بمدينة الخنساء، وقد ذكر أيضاً أنها أكبر مدينة في العالم في ذلك الوقت، وقد إستغرق عبوره خلال المدينة ثلاثة أيام، وهو شيء كبير حتى بالمقاييس الحاليّة.
    بكين - وقد ذكر ابن بطوطة في كتابه عن ترتيب المدينة، وأناقتها الكبيرتان.
    الصومال


    كلوة
    مالي



    أمه

  6. #46

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: أعلام من العرب

    أهلا بكم أيها الكرام

    وها نحن مرة أخرى تجمعنا هذه الصفحات للحديث عن أعلامنا الأفذاذ الأوائل
    الذين أضاؤوا العالم والفكر الإنساني بما وهبهم الله من علم ومعرفة






    مخطوطة أوربية من القرن الخامس عشر تصور جابر بن حيان








    "جابر بن‌ حيّان‌ أوّل‌ مَن‌ استحقّ في‌ التأريخ‌ لقب‌ كيميائيّ، كما تسمّيه‌ أُوربّة‌ المعاصرة".... المستشار عبد الحليم‌ الجندي‌ّ
    "يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوربا إلى جابر ابن حيان بصورة مباشرة. وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية" ... ماكس مايرهوف
    "جابر بن حيان من اعظم علماء الكيمياء في العصر الوسيط "... برتلو (من علماء العصر الجديث)
    "ان مؤلفات جابر في الكيمياء فتحت آفاق العلوم في هذا المجال، وان العرب في الاسلام، قادوا البشرية الى انوار المعرفة، ولا ينكر فضلهم على الانسانية الا حاقد جاحد"...هو لميارد (من علماء العصر الحديث)
    " إن فضل جابر على الكيمياء ، كفضل أبقراط في الطب ، و أرسطو طاليس في علم المنطق ، و إقليدس في علم الهندسة ، و .." ...احد المفكرين الغربيين


    ((لَيْسَ فِي‌ الَعَالَمِ شَي‌ءٌ إلاَّ وَفِيهِ مِنْ جَمِيعِ الاَشْيَاءِ، وَاللَهِ لَقَدْ وَبَخَّـنِي‌ سَيِّـدِي‌ (يقصد الإمام‌ الصادق‌) عَلَي‌ عَمَلِي‌ فَقَالَ: وَاللَهِ يَا جَابِرُ ! لَوْلاَ أَنِّي‌ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا العِلْمُ لاَ يَأْخُذُهُ عَنْكَ إلاَّ مَنْ يَسْتَأهِلُهُ، وَأَعْلَمُ عِلْماً يَقِيناً أنّه مِثْلُكَ لاَمَرْتُكَ بِإبْطَالِ هَذِهِ الكُتُبِ مِنَ العِلْمِ.)) ...جابر بن حيان في كتابه الحاصل








    ((وَحَقِّ سَيِّدي‌ لَوْلاَ أَنَّ هَذِهِ الكُتُبَ بِاسْمِ سَيِّدي‌ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهِ لَمَا وَصَلْتُ إلي‌ حَرْفٍ مِنْ ذَلِكَ إلي‌ الاَبَدِ))




    من هو جابر بن حيان؟



    هو أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي الكوفي ، ولد على أشهر الروايات في سنة 101هـ (721م) وقيل أيضاً 117هـ (737م) من مواليد الكوفة على الفرات وقد وصف بأنه كان طويل القامة، كثيف اللحية مشتهرا بالإيمان والورع وقد أطلق عليه العديد من الألقاب ومن هذه الألقاب "الأستاذ الكبير" و"شيخ الكيميائيين المسلمين" و"أبو الكيمياء" و"القديس السامي التصوف" و"ملك الهندنشاته



    هاجر والده حيان بن عبد الله الأزدي من اليمن إلى الكوفة في أواخر عصر بني أمية، وعمل في الكوفة صيدلانياً وبقي يمارس هذه المهنة مدة طويلة (ولعل مهنة والده كانت سبباً في بدايات جابر في الكيمياءوذلك لارتباط العلمين) وعندما ظهرت دعوة العباسيين ساندهم حيان، فأرسلوه إلى خراسان لنشر دعوتهم وعندها شعر الأمويون خطر نشاط حيان بن عبد الله الأزدي في بلاد فارس فألقوا القبض عليه وقتلوه. ولهذا اضطرت عائلة حيان الأزدي أن تعود إلى قبيلة الأزد في اليمن. وهناك ترعرع جابر بن حيان الأزدي. وعندما سيطر العباسيين على الموقف سنة 132 هـ في الكوفة واستتب الأمن، رجعت عائلة جابر بن حيان إلى الكوفة. وتعلم هناك ثم اتصل بالعباسيين وقد أكرموه اعترافاً بفضل أبيه عليهم وكان أيضاً صاحب البرامكة. وتوفي جابر وقد جاوز التسعين من عمره في الكوفة بعدما فر إليها من العباسيين بعد نكبة البرامكة وذلك سنـة 197هـ (813م ) عاش جابر في الكوفـة حياة غير مستقرة حيث كان عليه أن يرتحل في الليل من مكان إلىآخر، وذلك حتى ينجو من أعين المتطفلين عليه والذين كان يزعجونه باستمرار في معمله بحثا عن الذهب . ويرجع مثل هذا التطفل، إلى أن جابرا كان قد عاش في فترة زمنية شاع فيها الاعتقاد بين الناس، بل الكيميائيين أنفسهم بما فيهم جابر، أنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة مثل الحديد و النحاس و الرصاص والزئبق إلى ذهب أو فضة ، وذلك من خلال مادة مجهولة الخواص تعرف باسم الإكسير أو حجر الفلاسفة. ولما كان جابر أحد النابهين في الكيمياء وأحد تلامذة الإمام جعفر الصادق في ذاك الوقت، فقد كان عدد غير قليل من الناس العاديين يتوقعون أن يكون معمل جابر مليئا بالذهب.
    تعلمه



    حينما استقر جابر بن حيان في الكوفة بعد عودة عائلته من اليمن ، انضم إلى حلقات الإمام جعفر الصادق ولذا نجد أن جابر بن حيان تلقى علومه الشرعية و اللغوية والكيميائية على يد الإمام جعفر الصادق . وذكر أنه درس أيضاً على يد الحميري . ومعظم مؤرخي العلوم يعتبرون جابر بن حيان تلقى علومه من مصدرين :-
    الأول :- من أستاذه الحقيقي الإمام جعفر الصادق
    الثاني :- من مؤلفات ومصنفات خالد بن يزيد بن معاوية
    فعن طريق هذه المصادر تلقى علومه ونبغ في مجال الكيمياء وأصبح بحق أبو الكيمياء فقد وضع الأسس لبداية للكيمياء الحديثة
    درس جابر بن حيان علومًا كثيرة،: بالاضافة الى الكيمياء منها ، التاريخ الطبيعي، والطب والفلسفة، وكان ماهرًا في كل هذه العلوم، لكنه مال إلى الكيمياء وأتقنها، حتى أنشأ معملا خاصًّا به؛ يقيم فيه تجاربه على المعادن، ويتعرف على خصائصها عن طريق التجربة والمشاهدة الدقيقة، ويكرر تجاربه أكثر من مرة حتى يصل إلى جوهر الحقيقة لذلك كان يتخير الوقت والظرف المناسب حتى يتفرغ لإجراء تجاربه العديدة في هدوء، كما أنه كان شديد الملاحظة، صادق التأمل.
    ذات مرة جاء بحجر من المغناطيس، فوجد أن المغناطيس يمكن أن يجذب كتلة من الحديد تزن مائة درهم، وبعد مدة من الزمن أراد أن يختبر حجر المغناطيس، فقربه من قطعة أخرى من الحديد فلم يجذبها، فظن أن القطعة الثانية أثقل من الأولى، فوزنها فوجدها أقل من ثمانين درهمًا، فاستنتج بذلك أن قوة المغناطيس تضعف
    بمرور الزمن، وقد سبق جابر بن حيان عصره، فقد كان خبيرًا بالعمليات الكيميائية كالإذابة والتقطير والاختزال، وتمكن من تحضير مجموعة كبيرة من المواد
    الكيميائية، وشرحها في كتبه بأسلوب سهل، يستطيع الإنسان أن يجربها بنفسه إذا أراد، وتوصل (جابر بن حيان) إلى اكتشاف العديد من طرق تنقية المعادن، ودبغ الجلود، كما تمكن من صنع ورق غير قابل للاحتراق، وتوصل أيضًا إلى نوع من الطلاء يمنع الحديد من الصدأ، كما استطاع أن يتعرف قبل غيره من علماء أوروبا على فوائد المواد المعدنية والحيوانية والنباتية في بعض الأمراض.. وغيرها من الاكتشافات التي لازالت موضع إعجاب العالم كله، وقد اعترف علماء الغرب بفضل هذا العالم الكبير، وتمثل إعجابهم في ترجمة كتبه إلى لغتهم، فلا تخلو أية مكتبة شهيرة في أوروبا مثلا من مؤلفاته، ويوجد في مكتبة باريس أكثر من 50 كتابًا له وبعض هذه الكتب يبلغ ألف صفحة.
    وقد عرف جابر أهمية التجربة في العلم، ووضعها جزءًا هامًّا من المنهج العلمي، فكان ينصح تلاميذه قائلاً: (وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب؛ لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان، فعليك يا بني بالتجربة لتصل إلى المعرفة) وقال ناصحًا أحد تلاميذه: (إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم).
    وتظهر عظمة جابر بن حيان في استخدامه المنهج العلمي الدقيق والذي يتلخص في تحديد الهدف من التجربة العلمية، وتجنب المستحيل والذي لا فائدة منه، واختيار الوقت المناسب لإجراء التجربة، والتحلي بالصبر والمثابرة، والصمت والتحفظ، وعدم الاغترار بالظواهر حتى لا يؤدي ذلك إلى نتائج خاطئة، وهو بهذا قد سبق الغرب إلى معرفة المنهج العلمي، وإن ادعوا أنهم أصحابه.
    ومؤلفات جابر بن حيان في الكيمياء كثيرة ومتنوعة أشهرها: (الإيضاح) وهو مدخل لفهم كثير من أصول الكيمياء عنده و(الخواص الكبير) و(الأحجار) و(السر المكنون) و(الموازين) وعاش جابر بن حيان ينتقل بين تجاربه وبحوثه، ومن نجاح إلى نجاح حيث قضى معظم حياته في طلب العلم ، وتعليم علم الكيمياء فأنجب تلامذة يمتازون بالذكاء بالقدرة على الإنتاج مثل الرازي ، و ابن سينا ، و الفارابي وغيرهم من الجهابذة . إلى أن لقى ربه بعد أن ترك بين أيدينا تراثًا علميًّا لا يزال موضع فخر المسلمين، وتوفي رحمه الله سنة 200هـ/ 815م
    جابر والامام الصادق





    ذكر علم‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ بالكيمياء كثير من‌ المؤلّفين‌. وإنّ تلميذه‌ جابر بن‌ حيّان‌ الكوفي أخذ عنه‌ هذا العلم‌، وألّف‌ خمسمائة‌ رسالة‌ فيه‌ في‌ ألف‌ ورقة‌، وهي‌ تتضمّن‌ رسائل‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌.
    وللقدماء والمتأخّـرين‌ من‌ المسـتشـرقين‌ كلام‌ كثير في‌ شـأن‌ جابر. وقد ذكره‌ ابن‌ النديم‌ في‌ « الفهرست‌ » ، ص‌ 498 إلي‌ 503 . وأطال‌ فيه‌ الكلام‌ وذكر له‌ من‌ الكتب‌ والرسائل‌ في‌ مختلف‌ العلوم‌ لا سيّما الكيمياء، والطبّ، والفلسفة‌، والكلام‌ شيئاً كثيراً لا يكاد يتّسع‌ وقت‌ الإنسان‌ في‌ العمر الطبيعيّ لتأليفها. نعم‌ إلاّ لافذاذ في‌ الدهر منحوا ذكاءً وفطنة‌ مفرطين‌ وانكبّوا علي‌ الكتابة‌ والتأليف‌. وذكر أنّ له‌ تآليف‌ علي‌ مذاهب‌ الشيعة‌. ومن‌ ثمّ استظهر تشيّعه‌. ولعلّ أخذه‌ عن‌ الصادق‌ وائتمان‌ الصادق‌ به‌ علي‌ هذا العلم‌ شاهد علي‌ تشيّعه‌
    وذكره‌ في‌ « الذريعة‌ » في‌ عداد مؤلّفي‌ الشيعة‌ في‌ ج‌ 2 ، ص‌ 451 و 452 عند ذكره‌ لكتابه‌ « الإيضاح‌ » في‌ الكيمياء
    ولو تصفّحت‌ شيئاً من‌ رسائله‌ التي‌ نشرها المستشرق‌ « كراوس‌ » لايقنت‌ بتشيّعه‌ وأخذه‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌، لأنّه‌ أخذ عنه‌ كإمام‌ مفترض‌ الطاعة‌ متّبع‌ الرأي‌، ولعرفت‌ أنّه‌ لم‌ يأخذ عنه‌ الكيمياء فحسب‌، بل‌ الكلام‌ وغيره‌
    وقد أكبـر مؤلّفو الإسـلام‌ منـزلة‌ جابـر وعدّوه‌ مفخـرة‌ من‌ مفاخـر الإسلام‌، ولا بدع‌ فإنّ من‌ تزيد مؤلّفاته‌ علي‌ ثلاثة‌ آلاف‌ كتاب‌ ورسالة‌ في‌ مختلف‌ العلوم‌، وجلّها من‌ العلوم‌ النظريّة‌ والطبيعيّة‌ التي‌ تحتاج‌ إلي‌ زمن‌ طويل‌ في‌ تجاربها وتطبيقها ـ هذا عدا الفلسفة‌ والكلام‌ ـ لجدير بالتقدير والإكبار وأن‌ يكون‌ مفخرة‌ يعتزّ به‌.
    وقد كبر علي‌ المستشرقين‌ أن‌ يكون‌ عربيّ مسلم‌ ومن‌ أهل‌ القرن‌ الثاني‌ للهجرة‌ يمتاز بتلك‌ الآراء السديدة‌، وتكون‌ نظريّاته‌ الاُسس‌ العامّة‌ التي‌ قام‌ عليها علم‌ الكيمياء قديمه‌ وحديثه‌، فصاروا يخبطون‌ في‌ تعرّضهم‌ لكتبه‌ كحاطب‌ ليل‌، فمرّة‌ يشكّون‌ في‌ وجوده‌، وتارة‌ في‌ زمانه‌، وأُخري‌ فيما نُسب‌ إليه‌ من‌ تلك‌ الكتب‌، ورابعة‌ في‌ نسبة‌ البعض‌ ممّا يرويه‌ عن‌ أُستاذه‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، وخامسة‌ في‌ التبويب‌ والوضع‌ والاُسلوب‌، لأنّه‌ لم‌ يكن‌ يعرفه‌ أهل‌ ذلك‌ العصر، إلي‌ غير ذلك‌.

    وقد فنّـد بعـض‌ تلـك‌ الشـكوك‌ والمـزاعم‌ الكاتـب‌ إسماعيل‌ مظهر صاحب‌ مجـلّة‌ « العصـور » فيما نشـره‌ في‌ « المقتطف‌ » ( 68 / 544 ـ 551 ومن‌ 617 625 ) . وجري‌ في‌ هذه‌ الحلبة‌ الاُستاذ أحمد زكي‌ صالح‌ فيما كتبه‌ في‌ مجلّة‌ « الرسالة‌ » المصريّة‌، السنة‌ الثامنة‌ ( ص‌ 1204 ـ 1206 ، ومن‌ 1235 1237 ، ومن‌ 1268 1270 ، ومن‌ 1299 1302 ) ، ولقد فنّد تلك‌ الاوهام‌ والمزاعم‌ تفنيداً حكيماً علميّاً. وصرّح‌ مراراً بتشيّعه‌
    وقال‌ في‌ مناقشـة‌ رأي‌ الاُستاذ كراوس‌، ص‌ 1299 : ومـن‌ الجـليّ الواضح‌ لدي‌ كلّ من‌ درس‌ علم‌ الكلام‌ أنّ فِرَق‌ الشيعة‌ كانت‌ أنشط‌ الفرق‌ الإسلامـيّة‌ حركةً، وكانـت‌ أُولي‌ من‌ أسّـس‌ المذاهـب‌ الدينيّة‌ علي‌ أُسـس‌ فلسفيّة‌، حتّي‌ أنّ البعض‌ ينسب‌ فلسفة‌ خاصّة‌ لعلي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌.
    وكان‌ هذا الكلام‌ من‌ أحمد زكي‌ لتصحيح‌ ما يُنسب‌ إلي‌ جابر من‌ المقارنة‌ بين‌ الآراء الكلاميّة‌ والفلسفيّة‌.
    وجملة‌ القول‌: أنّه‌ قد أصبح‌ من‌ الواضح‌ تشيّع‌ جابر وتقدّمه‌ في‌ عدّة‌ علوم‌ لا سيّما الكلام‌، والفلسـفة‌، والطبّ، والكيمياء، والطبيعـيّات‌ عامّة‌. وما كادت‌ لتكون‌ آراؤه‌ الاُسّ العامّ لدعائم‌ علم‌ الكيمياء إلاّ لأنّه‌ أخذ ذلك‌ من‌ معدنه‌ الصحيح‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌.
    قال‌ المستشار عبد الحليم‌ الجندي‌ّ : جابربن‌ حيّان‌ أوّل‌ مَن‌ استحقّ في‌ التأريخ‌ لقب‌ كيميائيّ، كما تسمّيه‌ أُوربّة‌ المعاصرة‌.
    وهو الذي‌ يُشـير إليه‌ أبو زكـريّا الرازيّ ( 240 ـ 320 ) ـ جاليـنوس‌ العرب‌ فيقول‌: « أُستاذنا أبو موسي‌ جابر بن‌ حيّان‌ » . والمؤرّخون‌ ـ إلاّ بعضاً من‌ غير المسـلمين‌ ـ متّفقـون‌ علي‌ تلمـذته‌ للإمام‌، وعلي‌ صلته‌ أو تأثّره‌ به‌ في‌ العلم‌ والعقيـدة‌. وأكثـرهم‌ علي‌ أنّه‌ صار بعد موت‌ الإمام‌ من‌ الشـيعة‌ الإسماعيليّة‌.
    يقول‌ جابر في‌ كتابه‌ « الحاصل‌ » : لَيْسَ فِي‌ الَعَالَمِ شَي‌ءٌ إلاَّ وَفِيهِ مِنْ جَمِيعِ الاَشْيَاءِ، وَاللَهِ لَقَدْ وَبَخَّـنِي‌ سَيِّـدِي‌ (يقصد الإمام‌ الصادق‌) عَلَي‌ عَمَلِي‌ فَقَالَ: وَاللَهِ يَا جَابِرُ ! لَوْلاَ أَنِّي‌ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا العِلْمُ لاَ يَأْخُذُهُ عَنْكَ إلاَّ مَنْ يَسْتَأهِلُهُ، وَأَعْلَمُ عِلْماً يَقِيناً أنّه مِثْلُكَ لاَمَرْتُكَ بِإبْطَالِ هَذِهِ الكُتُبِ مِنَ العِلْمِ.
    وكانت‌ له‌ كتب‌ رياضة‌ وكيمياء تسبق‌ العصور بجدّتها . قيل‌ : إنّه‌ أخذ علمه‌ عن‌ خالد بن‌ يزيد، ثمّ أخذ عن‌ الإمام‌ جعفر. وهو يشير إلي‌ الإمام‌ دائماً بقوله‌: سيّديّ، ويحلف‌ به‌. ويعتبره‌ مصدر الإلهام‌ له‌

    يقول‌ في‌ مقدّمة‌ كتابه‌ « الاحجار » : وَحَقِّ سَيِّدي‌ لَوْلاَ أَنَّ هَذِهِ الكُتُبَ بِاسْمِ سَيِّدي‌ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهِ لَمَا وَصَلْتُ إلي‌ حَرْفٍ مِنْ ذَلِكَ إلي‌ الاَبَدِ.

    ذكر له‌ المستشرق‌ كراوس‌ Kraus ناشر كتبه‌ في‌ العصر الحديث‌ أربعين‌ مؤلّفاً. وأضاف‌ ابن‌ النديم‌ فـي‌ القرن‌ الرابع‌ للهجرة‌ عشرين‌ كتاباً أُخري‌. وينقل‌ ابن‌ النـديم‌ قوله أي قول جابر ‌: « أ لّفـتُ ثلثمائة‌ كتاب‌ في‌ الفلسـفة‌ وألفاً وثلاثمائة‌ رسالة‌ في‌ صنائع‌ مجموعة‌، وآلات‌ الحرب‌، ثمّ ألّفت‌ في‌ الطبّ كتاباً عظيماً، ثمّ أ لّفت‌ كتباً صغاراً وكباراً، وألّفت‌ في‌ الطبّ نحو خمسمائة‌ كتاب‌. ثمّ ألّفت‌ في‌ المنطق‌ علي‌ رأي‌ أرسطاطاليس‌. ثمّ ألّفت‌ كتاب‌ الزيج‌ أيضاً نحو ثلثمائة‌ ورقة‌. ثمّ ألّفت‌ كتاباً في‌ الزهد والمواعظ‌. وألّفت‌ كتباً في‌ العزائم‌ كثيرة‌ حسنة‌. ( وهي‌ الادعية‌ والعوذ التي‌ يكتبونها ويحملونها معهم‌ ) . وألّفت‌ في‌ الاشياء التي‌ يعمل‌ بخواصّها كتباً كثيرة‌. ثمّ أ لّفت‌ بعد ذلك‌ نحو خمسمائة‌ كتاب‌ نقضاً علي‌ الفلاسفة‌. ثمّ ألّفت‌ كتاباً في‌ الصنعة‌ يعرف‌ بـ « كتب‌ الملك‌ » . وكتاباً يعرف‌ بـ « الرياض‌ » .

    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  7. #47

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: أعلام من العرب

    السَمَوْءل المغربي




    (1130م-570هـ/1175)
    ولد الرياضي والطبيب السموءل بن يحي بن عباس المغربي الملقب بالسموءل المغربي حوالي عام 1130م بمدينة فاس المغربية وتوفي حوالي عام 1175م بمَراغَة (أذريبجان).
    وينتسب السموءل الى أسرة يهودية غادرت المغرب نحو بغداد إثر ولادته.
    وكانت أسرته تعنى بالتعليم فاهتم السموءل بدراسة الرياضيات وبرع فيها، وانشغل أيضا بالطب.
    ولعل ذلك يعود الى كون خاله كان طبيبا.
    وقد ذكر ابن أبي أُصيْبٍعة في عيون الأنباء في طبقات الأطباء أن السموءل "
    كان فاضلا في العلوم الرياضية عالما بصناعة الطب وأصله من بلاد المغرب وسكن مدة بغداد ثم انتقل الى بلاد العجم ولم يزل بها الى آخر عمره ...".

    وكان السموءل قد قدم تاريخ حياته في كتابه "
    بذل المجهود في إفحام اليهود" حيث قال :
    "
    وشغلني أبي بالكتابة بالعلم العبري ثم بعلوم التوراة وتفاسيرها حتى إذا احكمت علم ذلك عند إكمال السنة الثالثة عشرة من مولدي شغلني حينئذ بتعلم الحساب الهندي وحل الزيجات عند الشيخ الأستاذ العالم أبي الحسن الدسكري وقرأت علم الطب على الفيلسوف أبي البركات هبة الله ابن علي رحمه الله تعالى والتأمل في علاج الأمراض ومشاهدة ما ينفع مع الأعمال الصناعية في الطب والعلاجات التي يعالجها خالي أبو الفتح الطيب البصري".

    ويضيف السموءل في نفس المقام حول تحصيله العلمي :
    "
    فأما الحساب الهندي والزيج فإني أحكمت علميهما في أقل من سنة وذلك حين كمل لي أربع عشرة سنة وأنا في خلال ذلك لا أقطع القراءة في الطب ومشاهدة علاج الأمراض. ثم قرأت الحساب الديواني وعلم المساحة على الإمام العالم ابن المظفر ابن الشهرزوري ... وقرأت الجبر والمقابلة أيضا عليه وعلى الكاتب ابن أبي تراب".

    وقد تعلم السموءل الهندسة على يد أبي الحسن الدسكري وأبي الحسن بن النقاش حتى تمكّن من حلّ المقالات التي كانا يحلانها من كتاب أقليدس. ويوضح السموءل :
    "
    وأنا في ذلك متشاغل بالطب حتى استوعبت .... من هذه العلوم وبقي بعض كتاب أقليدس وكتاب الوسطى في الحساب والكتاب البديع في الجبر والمقابلة لا أحد يعرف منه شيئا وغير ذلك من العلوم الرياضية مثل كتاب شجاع بن أسلم في الجبر والمقابلة وغيره".

    ويذهب السموءل في ترجمته الى القول :
    "
    حللت جميع تلك الكتب (الرياضية) وشرحتها وأظهرت أغلاط مصنعيها وعزمت ما عجز وأعنى تصحيحه وتحقيقه".
    تجوّل السموءل بعد كتابة أشهر كتاب له، وهو كتاب "
    الباهر في الجبر"، في أوطان عديدة منها العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان وأزيربجان. ويذكر في ترجمته أنه كان في مراغة بأزيربجان يوم 8نوفمبر1163.
    واعتنق هناك الإسلام بعد تفكير طويل وعميق مكنّه من مقارنة معتقدات وشعائر مختلف الأديان. وأوضح أنه اقتنع في ذلك التاريخ بأن الإسلام هو الأفضل. ومن ثمّ كتب مؤلفه الشهير "
    بذل المجهود في إفحام اليهود".
    وكان من الطبيعي ألا يرضى الوالد عن فعل ولده. كيف لا وقد ذكر السموءل الابن بخصوص والده أنه كان يسمى
    "
    الراب يهوذا ابن أبون" من مدينة فاس التي بأقاصي المغرب، والراب لقب ليس باسم وتفسيره الحبر.

    وكان أعلم أهل زمانه في علوم التوراة وأقدرهم على التوسع في الإنشاء والإعجاز من الارتجال العبراني ومنثوره.
    وكان اسمه المدعو به بين أهل العربية أبا البقاء يحيى ابن عباس المغربي". ولذا كان السموءل حريصا على عدم إغضاب والده فأجّل اعتناقه الإسلام بأربع سنوات؛ ثم كتب رسالة الى أبيه شارحا سبب تخليه عن دينه الأصلي. وتألّم الأب لهذا القرار وعزم على السفر للالتقاء بابنه لكنه توفي خلال رحلته ولم يلتقيا.
    يمتلك السموءل أسلوبا رياضيا متميزا شبيها بالأسلوب الحديث حتى أنك تخال نفسك أحيانا، وأنت تطالع كتاب
    الباهر في الجبر، أنك تقرأ كتابا حديثا في الرياضيات. ففي الباب الأول من المقالة الثانية مثلا يستهل السموءل كلامه قائلا :
    "
    التحليل هو ردّ المركب الى بسائطه المقومة لذاته، وإليه أشار الحكيم بقوله أول الفكر آخر العمل وآخر الفكر أول العمل. ومن أراد أن يجد مطلوبا ما أو البرهان على قضية ما فليجعل مطلوبه مفروضا وينظر ما يلزم من ذلك ويلزم من لوازمه حتى ينتهي الى معلومات بسيطة. فإن كانت صادقة ركّب ما حلّله وابتدأ من حيث انتهى به التحليل. وإن كانت تلك البسائط كاذبة علم استحالة مطلوبه فأضرب عنه".

    ومما لا شك فيه أن السموءل بلغ درجة كبيرة من العلم وهو لا زال شابا وأنشغل بالطرق الهندية في الحساب وبالجداول الفلكية. ولم تكن آنذاك بغداد مركزا مزدهرا للعلوم فتعلم السموءل كل الرياضيات التي كانت معروفة لدي أساتذته الذين كانوا يلمّون بالعديد من المواضيع الرياضية منها البعض مما جاء في أصول
    أقليدسعن الهندسة.
    لكن السموءل لم يتوقف عند هذا الحد فعكف على دراسة الرياضيات معولا على نفسه فدرس بصفة خاصة أعمال أبي كامل و
    الكرجي وآخرين. وأصبح عالما يحيط بكل الأعمال الرياضية المتوفرة في ذلك العصر وعمره لم يتجاوز الثامنة عشر. ويذكر أن السموءل قد أعجب بأعمالالكرجيوانطلق في التأليف مبتدئا بمؤلفه الشهير "الباهر في الجبر" الذي كتبه وهو لم يتجاوز التاسعة عشر من العمر.
    كان هذا العمل بالغ الأهمية لأفكاره الأصيلة وكذلك لما ورد فيه من ذكر لأعمال الكرجي التي ضاعت واندثرت الآن.
    يتوزع كتاب الباهر، الذي اشتهر به السموءل، الى أربعة أقسام (مقالات) هي:
    1. في المقدمات والضرب والقسمة والنسبة واستخراج الجذور
    2. في استخراج المجهولات
    3. في المقادير الصماء
    4. في تقاسيم المسائل.

    وكان الرياضيون الذين سبقوا السموءل قد شرعوا في تطوير الطرق الحسابية، لكن السموءل يعتبر أول من حدد معالم هذا التطور. كما أسهم السموءل في تطوير دراسة كثيرات الحدود. فقد عرّف الأس (القوة) بالأعداد الطبيعية 1، 2، 3، ... ثم بالأعداد الصحيحة السالبة –1، -2، -3، ... وواصل تعريفاته بتناول عمليات جمع وطرح وضرب وقسمة كثيرات الحدود على بعضها البعض. ولم يهمل السموءل مسألة استخراج جذور كثيرات الحدود بل وضع قواعد لبعض طرقها.

    لكننا لا نستطيع رفع المجاهيل الى قوى مع وصف العمليات عليها دون تطوير الأعداد السالبة والخوض في خواصها. ولذا قام السموءل بتدقيق القواعد التي كانت معروفة عند سابقيه بشكل لم يتوصل إليه الأوربيون إلا عدة قرون بعد عهد السموءل. وفي هذا العمل استخدم السموءل مفهوم الصفر (المسمى "
    المرتبة الخالية") مشيرا الى أننا
    "
    إذا نقصنا زائدا من مرتبة خالية بقي فيها العدد بعينه ناقصا وإذا نقصنا الناقص من مرتبة خالية بقي فيها ذلك العدد زائدا"
    أي
    0-5=-5 و 0- (-5)=+5.

    ويلخص السموءل جملة القواعد المتعلقة بجمع وطرح الأعداد الموجبة والسالبة التي تعتبر أساس الحساب الجبري في هذه العبارات :
    "
    إذا نقصنا عددا زائدا من عدد ناقص بقي مجموع العددين ناقصا، وإذا نقصنا عددا ناقصا من ناقص أكثر منه بقي تفاضلهما ناقصا، وإن كان الناقص أقل من المنقوص بقي تفاضلهما زائدا، وإذا نقصنا الناقص من الزائد بقي مجموعهما زائدا".
    وبخصوص عملية ضرب تلك الأعداد الموجبة والسالبة يقول :
    "إن
    ضرب الناقص في الزائد ناقص وفي الناقص زائد". مضيفا بعد تقديم هذه القواعد :
    "قد أتينا على ما يحتاج إليه من حساب الأعداد المعلومة الصورة وبرهنا على ما ذكره المتقدمون وأوضحنا ما أغفله الأولون ..
    .".

    وفي القسم الثاني من كتاب الباهر في الجبر وصف السموءل نظرية المعادلات التربيعية التي عالجها بطرق هندسية.
    ومن المعادلات التي درسها السموءل موضوع إيجاد المجهول
    س بحيث يكون . كما درس المعادلات ذات الشكل ، حيث المقصود بالمربع هو مربع عدد طبيعي. ونجد في هذا الكتاب وصفا لقانون ثنائي الحد الذي يعيّن معاملاته المثلث المعروف بمثلث باسكال (
    Pascal (1623-1662 لكن السموءل ينسب هذا المثلث الى الكرجي
    . ومن المعلوم أن الكتب الرياضية الغربية أصبحت تذكر الكرجي وتعترف بفضله عند الإشارة الى هذا المثلث.

    ولعل أهم إنجاز في كتاب الباهر هو استخدام السموءل المغربي لمبدإ
    الاستقراءinduction
    (والذي يسمى أيضا مبدأ البرهان بالتراجع أو بالتدريج).
    وعلى الرغم من أن طريقة الاستقراء هذه ليست مطابقة لتلك التي يعرفها طلبتنا اليوم فإن عمل السموءل يعتبر خطوة جبارة في طريق وضع أسس مبدإ البرهان بالتراجع. وينبغي الإشارة الى أن الكرجي قد سبق السموءل في استخدام مثل هذه الطريقة في التبريرات الرياضية.

    ومن النتائج التي برهنها السموءل في هذا المؤلف كتابة المجموع في شكل جداء حيث أثبت أنه يساوي
    ن(ن+1)(2ن+1)/6. وكان السموءل فخورا بهذه النتيجة التي نجدها اليوم في كتبنا الجامعية وبعض الكتب الثانوية. كما تناول كتاب الباهر في الجبر موضوع الأعداد الصماء بدقة وعناية. لكنه لم يتضمن نتائج هامة من حيث الأصالة.
    عرف السموءل أيضا كطبيب عالج عنده الأعيان وأصحاب الحكم والجاه.
    وذكر في مؤلفاته أنه طوّر عدة أدوية ناجعة، غير أنه لم تصلنا تفاصيل عن هذه الأعمال.
    فالمؤلف الطبي الوحيد للسموءل الذي لم يندثر هو مؤلف حول الأمراض الجنسية. واهتم السموءل أيضا بالأمراض النفسية موضحا أن الإنارة الجيدة في البيوت والحمامات الساخنة والموسيقى والنظر الى الماء الجاري والخضرة عوامل تساعد على التخلص من الانهيار العصبي.
    لقد اندثرت معظم مؤلفات السموءل إذ يذكر أنه كتب قرابة
    85مؤلفا وصلتنا منها العديد من الأعمال الرياضية ذات المستويات المتفاوتة. ومن الكتب التي وصلتنا أيضا كتاب "كشف أعوار المنجمين" وهو مؤلف يدحض فيه السموءل القيم العلمية للمنجمين.

    بعض مؤلفات السموءل

    1. الباهر في الجبر، تحقيق وتحليل صلاح أحمد ورشدي راشد، مطبعة جامعة دمشق 1972.
    2. بذل المجهود في إفحام اليهود، مخطوط بالمطبعة الظاهرية، دمشق، نشر موسى برلمان بنيويورك 1964 .
    3. الزاهر في الجبر، وهو كتاب مذكور في كتاب الباهر في الجبر.
    4. شرح لكتاب ديُوفَنْطَس الأسكندراني، مذكور في كتاب الباهر في الجبر.
    5. رسالة في التحليل والتركيب، مذكور في كتاب الباهر في الجبر.
    6. رسالة الموجز المضوي في الحساب (مخطوطة موجودة باسطنبول-فاتح رقم 3439 وبرلين رقم 5962 وأكسفورد 1.966.1). وهو كتاب مختصر لا يحتوي على براهين رياضية.
    7. التبصرة في علم الحساب.
    8. رسالة الى ابن خدّود في مسائل حسابية - جبر ومقابلة.
    9. كشف أعوار المنجمين (مخطوطة رقم 1074 بليدن، ورقم 1964 بأكسفورد).
    10. المفيد الأوسط في الطب (ألّف سنة 564 هـ).
    11. نزهة الأصحاب في معاشرة الأحباب (مخطوطة رقم 3054 بالمكتبة الوطنية الفرنسية).
    12. المنبر في مساحة أجسام الجواهر المختلفة لاستخراج مقدار مجهولها.
    13. كتاب إعجاز الهندسية (ألّف عام 570 هـ)
    14. المختصر في علم الحساب.
    15. كتاب المثلث القائم الزاوية.
    16. كتاب في المياه.
    17. كتاب القوامي في الحساب الهندي.


    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  8. #48

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: أعلام من العرب


    أبو القاسم الزهراوي
    الجراح الماهر الذى علم

    أطباء أوروبا




    لا ينسى التاريخ النوابغ والمخترعين
    ومن هؤلاء العباقرة

    أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوى

    الذى عاش فى الأندلس خلال القرن الرابع الهجرى


    وولد فى عام
    305 هجرية _937 ميلادية
    وتوفى فى عام
    404هجرية _ 1013 ميلادية

    لقد قضى الزهراوى حياة مليئة بالأعمال الجليلة وترك آثاراً عظيمة
    وكان طبيب (عبدالرحمن الثالث ) المعروف بالناصر
    ثم طبيب ابنه الحكم الثانى المعروف المستنصر


    لقد برع الزهراوى فى

    أغلب مجالات الجراحة وعلاج الكسور

    وابتكر طرقا جديدة للعلاج الجراحى مثل العلاج بالكى (Cauterization)
    والتى لا تزال تستخدم حتى اليوم لعلاج بعض المتاعب الصحية
    كعلاج بديل للعمليات الجراحية
    وابتكر اله جديدة لعلاج حالات الناسور
    كما يعتبر الزهراوى اول من اكتشف ووصف مرض الهيموفيليا(النزف المستمر)




    وكان من افضل ما كتبه كتابه الكبير المعروف باسم ( الزهراوي)

    وكتابه ( التصريف لمن عجز عن التأليف)

    وكان أثر الزهراوي عظيما فى أوروبا ، فقد ترجمت كتبه إلى لغات عديدة
    ودرست فى جامعات أوروبا واقتفى أثره الجراحون الأوروبيون
    واقتبسوا عنه ،حتى أنهم فى كثير من الأحيان انتحلوا بعض اكتشافاته
    من دون أن يذكروه كمصدر أوليّ

    وكان مؤلفه الكبير المرجع الأمين لأطباء أوروبا

    من أوائل القرن الخامس عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر





    طابع بريد يحمل صورته أصدرته االجمهورية العربية السورية

    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  9. #49

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: أعلام من العرب


    أبو الوفاء البوزجاني



    أبو الوفاء محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني
    (
    328 هـ - 388 هـ / 940 - 998م)عالِم رياضياتمسلم من فارس، وعالم فلك عمل فيبغداد
    ولد في مدينة بوزجانبخراسان سنة (328 هـ / 940م). بإقليم نيسابور.

    انتقل إلى
    بغداد عام 959 واستقر بها حتى وفاته (387 هـ / 998م، من أعظم رياضيي المسلمين
    ومن الذين لهم فضل كبير في تقدم العلوم الرياضية. ولد في
    بوزجان، وهي بلدة صغيرة بين هراة ونيسابور
    في مستهل رمضان سنة 328 هـ.

    قرأ على عمه المعروف بأبي عمرو المغازلي، وعلى خاله المعروف بأبي عبد الله محمد بن عنبسة
    ما كان من العدديّات والحسابيات.

    ولما بلغ العشرين من العمر انتقل إلى بغداد حيث فاضت قريحته ولمع اسمه
    وظهر للناس إنتاجه في كتبه ورسائله وشروحه لمؤلفات
    إقليدس و ديوفنطسوالخوارزمي.

    وفي
    بغداد قدم أبو الوفاء سنة 370 هـأبو حيان التوحيدي إلى الوزير ابن سعدان
    فباشر في داره مجالسه الشهيرة التي دوّن أحداثها في كتاب الامتاع والمؤانسة وقدمه إلى أبي الوفاء
    في
    بغداد قضى البوزجاني حياته في التأليف والرصد والتدريس.

    وقد انتخب ليكون أحد أعضاء المرصد الذي أنشأه
    شرف الدولة، في سراية، سنة 377 هـ
    وكانت وفاته في
    3 رجب388 هـ على الأرجح.

    يعتبر أبو الوفاء أحد الأئمة المعدودين في
    الفلكوالرياضيات، وله فيها مؤلفات قيمة
    وكان من أشهر الذين برعوا في
    الهندسة
    أما في الجبر فقد زاد على بحوث الخوارزمي زيادات تعتبر أساساً لعلاقة الجبربالهندسة
    وهو أول من وضع النسبة المثلثية (ظلّ) وهو أول من استعملها في حلول المسائل الرياضية
    وأدخل البوزجاني القاطع والقاطع تمام، ووضع
    الجداول الرياضية للماس
    وأوجد طريقة جديدة لحساب
    جدول الجيب، وكانت جداوله دقيقة
    حتى أن جيب زاوية 30 درجة كان صحيحاً إلى ثمانية أرقام عشرية
    ووضع البوزجاني بعض
    المعادلات التي تتعلق بجيب زاويتين
    وكشف بعض العلاقات بين الجيب والمماس والقاطع ونظائرها.

    وظهرت
    عبقرية البوزجاني في نواح أخرى كان لها الأثر الكبير في فن الرسم. فوضع كتاباً عنوانه
    (كتاب في عمل المسطرة والبركار والكونيا)
    ويقصد بالكونيا
    المثلث القائم الزاوية
    .



    وفي هذا الكتاب طرق خاصة مبتكرة لكيفية الرسم واستعمال الآلات ذلك.

    أبصر البوزجاني النور في بوزجان سنة 940م ، وتوفي في بغداد سنة 998م
    وكان من ألمع علماء المسلمين الذين كان لبحوثهم ومؤلفاتهم الأثر الكبير في تقدم العلوم
    ولا سيما
    الفلك
    ، والمثلثات ، وأصول الرسم .

    وفوق ذلك كله كان من الذين مهدوا لإيجاد الهندسة التحليلية
    بوضعه حلولاً هندسية لبعض المعادلات الجبرية العالية
    وقد سحرت بحوثه بعض العلماء الغربيين فراحوا يدعون محتويات كتبه لأنفسهم .

    للبوزجاني ميزة على سواه من العلماء المسلمين هي أنه وضع مؤلفات ورسائل في الرياضيات
    والفلك للخاصة والعامة أفاد منها العلماء المتخصصون من جهة
    كما أفاد منها عامة الشعب ، من جهة ثانية في أعمالهم وحياتهم اليومية .


    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  10. #50

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: أعلام من العرب


    النابغة الذبياني




    زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، أبو أمامة.
    وبنو مرة بن عوف قوم النابغة أصل نسبهم يرجع إلى مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة
    من قبيلة قريش من بني كنانة ولكن عوف بن لؤي خرج من قومه ودخل في بني ذبيان الغطفانيين وانتسب إلى سعد بن ذبيان


    النابغة لقب بهذا اللقب لأنه نبغ في الشعر اي أبدع في الشعر دفعة واحدة
    واختلف النقاد في تعليله وتفسيره، أما
    ابن قتيبة فيذكر أنه لقب بالنّابغة لقوله:

    وحلّت في بني القين بن جسر- فقد نبغت لهم منا شؤونوردّ ابن قتيبة هذا اللقب إلى قولهم: "ونبغ- بالشعر- قاله بعد ما احتنك وهلك قبل أن يهتر".
    وفي رأي البغدادي، أن هذا اللقب لحقه لأنه لم ينظم الشعر حتى أصبح رجلاً.
    وربّما كان اللقب مجازاً، على حدّ قول العرب:
    نبغت الحمامة، إذا أرسلت صوتها في الغناء، ونبغ الماء إذا غزر.
    فقيل: نبغ الشاعر، والشاعر نابغة، إذا غزرت مادة شعره وكثرت.

    ولا يعرف شيئاً يذكر عن نشأة الشاعر قبل اتصاله بالبلاط
    فيما خلال ما نقله صاحب الروائع عن المستشرق دي برسفال
    من مزاحمة النّابغة لحاتم الطائيّ على ماوية، وإخفاقه في ذلك.
    ويذكر ابن قتيبة أن النّابغة كان شريفاً فغضّ الشعر منه
    ويرى صاحب أدباء العرب أن النّابغة من سادات قومه
    ويخالف هذا الاتجاه حين يقول: نشأ النّابغة في الوسط من قومه
    لا في الذروة من الشرف.
    ويقول آخرون:
    ولا معنى لقول الرواة: أنه أحد الأشراف الذين غضّ الشعر منهم.
    والنابغة من سادات قومه، لما كان للشعراء من منزلة في الجاهلية
    وللدور الذي لعبه في توسطه لقومه عند الغساسنة ومنعهم من حربهم، في مواقف عديدة.

    أما لماذا "غضّ الشعر منه" فزعم لا يقبله النقد الحديث
    فقد كان النّابغة معزّزاً عند الملوك، ومكرماً في قومه
    وإنما هو حسد الحاسدين الذين لم يقووا على الارتفاع إلى منزلة الشاعر
    فراحوا يعيّرونه لتكسبه بالشعر
    وربّما قصد بتلك الغضاضة هروبه من بلاط النعمان إثر حادثة "المتجردة".

    كان أول اتصال النّابغة ببلاط الحيرة، دخوله على المنذر الثالث ابن ماء السماء في أواخر ملكه
    على ما يرجّح النقاد. ومع اندحار اللخميين أمام
    الغساسنة في معركة يوم حليمة
    التي دارت بين جيش المنذر الثالث وجيش الحارث بن جبلة الغسّاني
    فقد ظل النّابغة وطيد الصلة
    بالمناذرة إذ هنأ عمرو بن هند
    حين ارتقى العرش بعد أبيه.
    ولكن علاقة الشاعر بالمناذرة انقطعت بعد ذاك ولا سيما في الفترة بين (570- 580)
    وهي الفترة التي مثّل فيها دور الشاعر السياسي، لاهتمامه آنذاك بحوادث حرب السباق.
    ومن الطبيعي أن يمثل النّابغة في حرب "السباق" دوراً له شأنه، وهو الشاعر الرفيع المكانة.

    ولما كان للشعر، منزلته في نفوس القوم، ومكانته في مواطن المنافرة
    والخصومة إذ من شأنه أن يكسب القبيلة من القوة ومنعة الجانب
    ما لا تظفر به في قتال، رأينا النّابغة الذبياني، يهتم في ظروف هذه الحرب
    بأمور قومه فراح يخوض غمارها بشعره لا بسيفه
    فكشف لنا بذلك عن جانب حيّ من شاعريته، وناحية رئيسة من شخصيته.
    كان همّ الشاعر في تلك الرحى الدائرة، أن يرجّح كفة ذبيان
    على عبس فاستهدف في شعره "السياسي": اصطناع الأحلاف لقبيلته
    من أحياء العرب ومن بينها
    بنو أسد.

    وكما مثّل النّابغة دور الشاعر السياسي، في ظروف حرب داحس والغبراء
    فقد مثّل دور شاعر القبيلة، في التوسط لقومه عند الغساسنة في أكثر من موقف
    كانت بعض القبائل العربية، تنتهز فرصة انشغال الغساسنة في حربهم ضد المناذرة
    فتغير على أرض غسّان طمعاً في الغنيمة، ومن بين هذه القبائل، قوم الشاعر
    بنو ذبيان
    .

    وكان الغساسنة بكتائبهم، يوقعون بهؤلاء المغيرين، فيأسرون رجالاً منهم
    وكثيراً ما وقع رجال من فزارة أقرباء ذبيان، في قبضة الغساسنة
    فكان النابغة بما له من مكانة عند أمراء الغساسنة
    يتلطّف في الشفاعة لهم، ويتوسط للعفو عنهم.

    وعندما رقي النعمان الثالث، أبو قابوس عرش الحيرة، أراد أن يظهر بمظهر الملك العزيز الجانب
    وينافس أعداءه الغسانيين بمظاهر العظمة. وكان النعمان على ما يظهر محباً للأدب
    أو كان يدرك على الأقل ما للشعر من أثر كبير في الدعاية للبلاط وتصويره بصورة الفخامة
    وهكذا اجتمع في بلاطه جملة من الشعراء كان النّابغة أبرزهم وقد ترك آنذاك الغساسنة وعاد إلى الحيرة.

    وتتفق روايات المؤرخين على أن النّابغة نال حظوة كبيرة عند النعمان
    الذي قرّبه إليه بعد أن أحسن وفادته.
    ولا شك أن الشاعر نزل من نفس الملك منزلة طيبة فآثره هذا بأجزل عطاياه وأوفر نعمه
    مما لم ينله شاعر قبله.

    ويذكر أبو الفرج في أغانيه أن النّابغة كان يأكل ويشرب في آنية من الفضة والذهب.
    وعن ابن قتيبة عن ابن الكلبي الرواية الآتية التي تثبت مكانة الشاعر عند النعمان.

    قال حسان بن ثابت:
    رحلت النعمان فلقيت رجلاً فقال: أين تريد فقلت هذا الملك قال:
    فإنك إذا جئته متروك شهراً، ثم يسأل عنك رأس الشهر ثم أنت متروكد النابغة قوله:
    فإنك شمسٌ والملوكُ كواكب- إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُدفع إليه مائة ناقة من الإبل السود، فيها رعاؤها
    فما حسدت أحداً حسدي النّابغة لما رأيت من جزيل عطيته
    وسمعت من فضل شعره. واستبد النابغة بمودة الملك النعمان وجزيل عطائه وسابغ نعمه
    فلا عجب أن يثير هذا حفيظة الشعراء ليعملوا على إفساد علاقته ببلاط الحيرة.

    ومهما يكن من أمر فإن الدسيسة قد نجحت بعد لأي، وبات الشاعر مهدداً بدمه وحياته
    لكنّ حاجب أبي قابوس عصام بن شهبر الجرمي
    - وكان بينه وبين النّابغة إخاء وصداقة-
    حذّره من غضب النعمان، ونصحه بترك البلاط، فاضطر النّابغة إلى الفرار
    فلجأ إلى الغساسنة، وفي نفسه حسرة، وغيظ، وأمل في العودة.

    يذكر ابن قتيبة، أن الرواة اختلفوا في السبب الذي حمل الملك النعمان على أن ينذر دم شاعره
    على أننا نستطيع أن نحيط بأبرز الدوافع التي أوقعت الجفاء بين أبي قابوس والنابغة.
    وذكر قوم أن النابغة هجا الملك بقوله:
    نتت قبّح الله ثم ثنّى بلعن- وارثَ الصائغ الجبانَ الجهولا

    اجتمعت كلمة النقاد على أن النابغة أحد شعراء الطبقة الأولى
    إن لم يكن رأس هذه الطبقة بعد امرئ القيس
    وليس أدلّ على علو منزلته من ترأسه سوق عكاظ وفي ذلك يقول الأصمعي:

    كان النابغة يضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ
    فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها.

    ومما روي عن أبي عبيدة قوله:

    يقول من فضّل النابغة على جميع الشعراء:
    هو أوضحهم كلاماً وأقلهم سقطاً وحشواً، وأجودهم مقاطع، وأحسنهم مطالع ولشعره ديباجة.

    وذكر
    أبو عبيدة أيضاً أنه سمع أبا عمرو بن العلاء يقول:
    "كان الأخطل يشبّه بالنابغة".

    وعن أبي قتيبة، قال الشعبي:
    دخلت على
    عبد الملك بن مروان وعنده رجل لا أعرفه
    فالتفت إليه عبد الملك فقال: من أشعر الناس فقال:
    أنا، فأظلم ما بيني وبينه، فقلت:
    من هذا يا أمير المؤمنين فتعجب عبد الملك من عجلتي فقال:
    هذا
    الأخطل
    ، فقلت أشعر منه الذي يقول:
    هذا غلام حسن وجهه- مستقبل الخير سريع التمّام.

    فقال الأخطل: صدق أمير المؤمنين، النابغة أشعر مني، فقال عبد الملك:
    ما تقول في النابغة قلت قد فضله
    عمر بن الخطاب على الشعراء غير مرّة.

    ولم تكن منزلة النابغة عند المحدثين بأقل منها عند الأقدمين
    فقد شهد كثيرون منهم بما في شعره من إيقاع موسيقي، وروعة في التشبيه
    وبراعة في أغراض الشعر المتباينة ولا سيما في الوصف والمدح والاعتذار
    وفي ديوانه من هذه الفنون العديد من القصائد الدالة على نبوغه وشاعريته
    في مخاطبة الملوك وكسب مودّتهم والاعتذار إليهم حتى قيل
    "وأشعر الناس النابغة إذا رهب"

    وقال عنه
    بديع الزمان الهمذاني
    : والنابغة "لا يرمي إلا صائباً".

    وفي طليعة العوامل التي أسهمت في تفوق شاعرية
    أبي أمامة في ضروب المعاني ومختلف الأساليب
    رجاحة فكره، إذ كان ذا بصيرة بمواطن الكلام، متميزاً بنظرته الثاقبة
    والقدرة على الملاءمة بين الأقوال والمواقف
    يحسن بباعث الموهبة والذائقة التي صقلتها الدربة والمراس
    الملاءمة بين ركني المقال أي بين الصورة والجوهر
    فهو يؤدي الدلالات دقيقة لأنه يجيد انتقاء الألفاظ الدالة
    ووضعها في مواضعها الصحيحة في سياقه الشعري العام.

    ولعلّ السمة اللافتة في شعره ذاك التأثر بالظروف المكانية والزمانية
    الذي حمله على أن يضفي على فنونه طابعاً من الواقعية
    مستمداً من البيئة البدوية أو الحضرية، فهو جزل شديد الأسر في أوصافه الصحراوية
    رقيق عذب واضح العبارة بعيد عن الخشونة ممعن في السهولة
    في وصف حالات الوجدان، وفي أداء الخواطر أو إرسال الحكم
    إلا إذا اقتضت البلاغة الإبقاء على لفظة غير فصيحة لكنها دالة
    كلفظة الشعثِ في قوله:

    ولستَ بِمُسْتبْق أخا- لا تلمّه على شَعَثِ.
    أيّ الرجل المهذّبُ.


    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

+ الرد على الموضوع
صفحة 5 من 5 الأولىالأولى ... 3 4 5

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. العرب في رسوم
    بواسطة الصباح النجار في المنتدى أخبار الدنيا
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-09-2009, 05:36 PM
  2. من أمثال العرب
    بواسطة عبير في المنتدى المنتدي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-08-2009, 02:00 PM
  3. من فخر العرب
    بواسطة عبير في المنتدى عذب الكلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30-07-2009, 07:34 PM
  4. أثر العرب في الحضارة الأوروبية
    بواسطة زهرة الحياة في المنتدى مكتبة المنتدي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-06-2009, 06:51 PM
  5. أعمال الشاعر سيد حجاب
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى منتدى أبداعات شعرائنا
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-05-2009, 08:35 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك