الشَرط الثامن عشر : انتشار الخمر

انتشار الخمر وكثرة شاربيه في هذه الأمة ، والأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها، نعم ولا غرابة أن يستحل بعض هذه الأمة ما حرم الله، روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أشراط الساعة)). وذكر منها: ((ويشرب الخمر)). وعند الإمام أحمد وابن ماجة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه " [ وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4945 ] .

ولقد أطلقوا اليوم على الخمر أسماءً متعددة من باب التغطية ، فكما جاء في الحديث يسمونها بغير اسمها ، فسموها المشروبات الروحية ، والوسكي ، وغير ذلك من الأسماء ، وقد فسر ابن العربي استحلال الخمر بتفسيرين :

الأول : اعتقاد حلها .

الثاني : أن يكون المراد بذلك الاسترسال في شربها ، كالاسترسال في الحلال .

ولقد ابتلي عدد غير قليل من المسلمين بشرب الخمر والعياذ بالله، وابتلي به أكثر أصحاب الأموال والترف، وأصحاب الوجهات، لأسباب :

منها : أن الحصول عليه يحتاج إلى ميزانية، لارتفاع سعره، وهذا ما لا يتمكن منه الفقير الفاسق .

ومنها : أن هذه الطبقة من المجتمع، تقليداً لأشباههم الكفار الغربيين، يعتبرونه من مكملات الوجاهة ومن تتمات البروتوكولات – زعموا – لكن مع ذلك الفرق كبير بين المُقلِدّ والمُقَلَّد، فالكفار مع كفرهم، لكنهم أعقل ممن قلدوهم من المسلمين في تناول الخمر، يذهبون عقولهم لكن بعقل، وفي أوقات محددة، وبعضهم تحت إشراف طبيب، أما أصحاب الترف، وأصحاب الملذات واللعب من هذه الأمة، مع كونهم مسلمين، ومع أنهم يعلمون حرمته، لكنهم يذهبون عقولهم بغير عقل ، وبعضهم يبقى بالأربع والخمس أيام فاقداً للوعي، لا يترك لنفسه فرصة ولا دقيقة واحدة ليعود إليه عقله ، فتفوته الصلاة تلو الأخرى ، وهو متعمد في ذلك ، فقد أذهب عقله بيده ، ومن ترك صلاة فرض واحدة متعمداً فهو كافر مرتد ، كما ذكر ذلك ابن حزم رحمه الله عن عدد من الصحابة ، وكما نقل شقيق بن عبد الله البجلي رحمه الله أنه قال : لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ، وجاءت الأدلة من الكتاب والسنة متضافرة في كفر تارك الصلاة ، قال صلى الله عليه وسلم : " من ترك الصلاة سُكراً مرة واحدة ، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسُلبها " [ أخرجه أحمد والحاكم وهو حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 608 ] ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ ، وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ، وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ " [ أخرجه ابن ماجة والبيهقي وهو حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 601 ] .



ومعلوم بالضرورة تحريم الخمر شربها وبيعها والتجارة فيها ، بل لعن الله في الخمر عشرة ، عن ابْنَ عُمَرَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وآكل ثمنها " [ أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وابن ماجة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5091 ] . ولقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان عمن يتعاطى الخمر والمسكرات والمخدرات ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] .

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخمر وشربها أو الاتجار فيها أو كل ما من شأنه أن يكون سبباً في انتشارها ، وحذر تحذيراً بليغاً لمتعاطيها حتى عده كمن يعبد صنماً ، ومعلوم أن من عبد صنماً من دون الله فقد كفر والعياذ بالله ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ " [ أخرجه أحمد واللفظ له ، وابن ماجة وابن حبان ، وقال الألباني رحمه الله : صحيح لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 600 ] ، فشارب الخمر المصر على شربها كمن أشرك بالله ، حتى عده الصحابة من ذلك ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما حُرمت الخمر مشى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض ، وقالوا :" حُرمت الخمر ، وجُعلت عِدْلاً للشرك " [ أخرجه الطبراني وصححه الألباني . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 602 ] .

وشدد النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم شرب الخمر حرم على شاربها دخول الجنة ، فشارب الخمر لا يمكن أن يعلم حرمتها في الكتاب والسنة واتفاق جميع أئمة المسلمين ، ثم يقوم بشربها ، إلا طاعة للشيطان ومعصية للرحمن ، فإن كان مقراً بحلها فقد حرم الله عليه دخول الجنة والعياذ بالله ، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَالْعَاقُّ ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ " [ أخرجه أحمد وغيره واللفظ له وهو حديث حسن لغيره . صحيح الترغيب والترهيب 2 / 600 ] ، فلا يمكن لعاقل أبداً أن يتعدى حدود الله ، ويدعي الإيمان ، لأن المعصية تجر المعصية حتى تطبق على الإنسان فلا يعود يعرف معروفاً أو ينكر منكراً ، فالخمر أم الخبائث وتجر معها الكثير من الكبائر .

و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجتنبوا الخمر ، فإنها مفتاح كل شر " [ أخرجه الحاكم وهو حديث حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 601 ] ، وقد ثبت لدى الناس اليوم مصداقية هذا الحديث ، فكم هم الذين يشربون الخمور أو يتعاطون المخدرات ، فلا يعرفون الحرام ، ولا يميزون الحلال ، فمن شرب الخمر ، وغاب عقله ، وفقد أهليته البشرية ، لا يتوانى عن ارتكاب أي منكر أو فاحشة دون شعور ، لأنه أذهب عقله بنفسه ، قال تعالى : " إنا هديناه النجدين " والنجدان : الطريقان ، أي طريق الخير وطريق الشر ، فكيف يُقبل من عاقل أن يختار طريق الشر الذي يؤدي إلى النار دون طريق الخير الذي يوصل إلى الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ملكاً من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلاً فخيره بين أن يشرب الخمر ، أو يقتل نفساً ، أو يزني ، أو يأكل لحم خنزير ، أو يقتلوه إن أبى ، فاختار الخمر ، وإنه لما شرب الخمر ، لم يمتنع من شيء أرادوه منه " [ أخرجه الطبراني بإسناد صحيح ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2695 ] .

وقد جاء في التحذير من شرب الخمر قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة ، ولا يموت وفي مثانيه منه شيء إلا حُرمت عليه الجنة ، فإن مات في أربعين ليلة ، مات ميتة جاهلية " [أخرجه الطبراني بإسناد صحيح وصححه الألباني في الصحيحة برقم 2695 ] .

عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ قَالَ نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ " [ أخرجه الترمذي ، وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وقال الألباني : صحيح لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2 / 606 ] ، لأن توبته ليست صادقة بدليل نقضه لها كل تلك المرات ، ونظير ذلك قوله تعالى : " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفروا لن تقبل توبتهم " .

فشرب الخمر أمارة من أمارات الساعة ، وإذن بقرب وقوعها .

الموضوع الأصلي: علامات الساعة // الكاتب: كريم يحيى // المصدر: خير بلدنا الزراعي

كلمات البحث

راعي عام زراعه عامة .انتاج حيواني .صور زراعية .الصور الزراعية .هندسة زراعية.ارانب. ارنب.الارنب.خضر.خضار.خضر مكشوفة.محصول.محاصيل.المحاصيل.ابحاث زراعية.بحث زراعي.بحث مترجم.ترجمة بحثية.نباتات طبية.نباتات عطرية.تنسيق حدائق.ازهار .شتلات.افات.افة.الافة.حشرات.حشرة.افة حشريا.نيماتودا.الديدان الثعبانية.قمح.القمح.الشعير.الارز.ارز.اراضي طينية. اراضي رملية.برامج تسميد.استشارات زراعية .برامج مكافحة.امراض نبات .الامراض النباتية.مرض نباتي.فطريات .بكتيريا.كيمياء زراعية .الكيمياء الزراعيه.تغذية .التغذية.خضر مكشوفة.صوب زراعية.السمك.زراعه السمك.مشتل سمكي. زراعة الفيوم.مؤتمرات زراعية.مناقشات زراعية.التقنية.براتمج نت.برامج جوال.كوسة, خيار,طماطم.بندورة.موز.بطيخ؟خيار.صوب.عنكبوت.ديدان.بياض دقيقي.بياض زغبي.فطريا