نقش البردى تحية الى الكاتب
كم تبدو وكأنك تبصر ما لا يراه أحد
الناس ياتون الى الدنيا ويرحلون
وتبقى انت فى لفائف البردى
التى تنطق باسمك
فهل هناك من يستحق الذكرى
اكثر من ايموحتب
او بتاح حوتب
أن كتابة البردية أفضل من بناء ضخم
يستمتع الناس بسطورك
ويصبح كل اطفال الارض ابناءك
فانت حبيب وابن الشمس
إذ اصبح القلم ابنا لك
هذا النص هو تقدير للكاتب واحتفال بالكلمة التى تبقى
رغم الزمن وتقلباته ويرجع هذا النص الى الدولة الحديثة
والاسرة التاسعة عشرة بالتحديد
وبجانب هذا النص هناك الكثير من الاقوال التى تشير لهذه القيمة
التى اعطوها للادب وللمعرفة بشكل عام فنرى المصرى القديم يقول ....
علم قلبك يا بنى
حب الكتاب
فمكانه الكاتب ليس لها مثيل
سيكبر مع الايام
وتزداد عظمته
وسوف يكون سفيرا لبلاده ..
وفى مواقع اخرى نجده يقول "ان اللحظة التى يرى فيها الانسان الشمس
المقصود بها اللحظة التى يتعلم او يعلم فيها انسانا اخر
اكثر قيمة من عمر طويل لا نهاية له "
ومع كل هذا التقدير لم يهمل المصرى الاشارة الى مسئولية الكاتب
وخطورة الكتابة السيئة التى لا تعنى بالموضوع او قيمته وتهدف احيانا
الى الاضرار بعقل وفكر القارى كما جاء فى نص من النصوص على لسان
"تحوت" حامى المفكرين والكتاب الذى اتخذ من طائر "الابيس" ذى المنقار
الطويل رمزا له, يقول فيه..
لا تستخدم الحبر لتكتب شرا او ضررا ..
فإن منقارى.. منقار ايبيس هو اصبع الكاتب
فإذا راى ما يضر الانسان بإصبعه ..لن يحفظ له ابنه ما كتب .
تعاليم بتاح حوتب
أعطنى أذنك
وحاول أن تسمعنى
فالجاهل الحقيقى من يجهل نعمة الاستماع
ولا يعرف نوع الكلام
هؤلاء يموتون
وهم أحياء
أنا يا بنى
أريد لك المعرفة
فهى روح الحياة
وصناعة الكلام
أصعب من اى حرفة اخرى
أحترس منها ومن الايام
وإن اصبحت عظيما
لا تنس يوما حالك فى ماضى الزمان
اذا اردت ان تعرف الصديق
لا تساله من انت ..اقترب منه
وامتحن قلبه
ابحث لنفسك عن بيت صغير
وزوجة تحبها من قلبك
املأ قبها بالفرح
كى تكون لك حديقة ورود
يعتبر بتاح حوتب" من اهم الشخصيات المصرية القديمة
ربما يكون اهم ادبائها وقد شغل منصبا وزاريا فى الاسرة
الخامسة_الدولةالقديمة ويقال انه صاحب اشهر
نصائح او تعاليم فى التاريخ وهى عبارة عن اقوال ماثورة
تناقلتها الاجيال عبر العصور المختلفة
كان بتاح حوتب كاتبا وحكيمتوما زالت مقبرته موجودة فى منطقة سقارة ومن
الممكن زيارتها والتعرف على صورة هذا الرجل واسلوب حياته وبالرغم من قدم
هذه التعاليم فإن لغتها جميلة ومؤثرة خاصى عندما يتحدث بتاح حوتب عن شيخوخته
ويقول :
ظهرت التجاعيد فى وجهى واصابنى الكبر ...
واصبحت كثير النسيان
أنفى يصارع مع الانفاس نسمات الهواء
وعظامى لا تكف عن اخبارى
بأن الالم يسكن فى قيامى وقعودى
وانت الان يا بنى عكازى ..
اعطنى اذنك وحاول ان تسمعنى...
كم هو رائع هذا التركيز على "نعمة الانصات" من اجل اثراء الفكر !
وكم هو رائع ان يشير بتاح حوتب لفن الكتابة المهنه التى يسميها صناعة الكلام
ويشير الى مدى صعوباتها والمسئولية الملقاه على عاتق الكاتب !
ويذكر الكاتب ان يكون متواضعا اذا كبر شانه, وان يعطى الاخرين من علمه
ويعيش مرفوع الراس ليكون مثالا لأحفاد العلماء.
تحية الى الكاتب بتاح حوتب
المصدر كتاب نقش البردى
مرفت عبد الناصر
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رباب
مواقع النشر (المفضلة)