البطاطس في الاقتصاد العالمي 1- الإنتاج العالمي من البطاطس:
يبلغ الإنتاج العالمي من البطاطس نحو 310 مليون طن متري سنوياً. وتتصدر الصين الدول المنتجة للبطاطس، وتليها روسيا ثم الهند فالولايات المتحدة الأمريكية ثم بولندا فأوكرانيا
وقد بدأت زراعة البطاطس منذ ستينات القرن ٢٠ في التوسع في العالم النامي. حيث ارتفع الإنتاج الإجمالي في الهند والصين وحدهما من ١٦ مليون طن عام ١٩٦٠ إلى قرابة ١٠٠ مليون طن في عام ٢٠٠٦. كذلك باتت البطاطس محصولاً ربيعياً شتوياً ذا قيمة كبرى في بنغلادش، كما حظي مزارعو البطاطس في جنوب شرق آسيا في هذه الأثناء بطلب ضخم من جانب صناعات الأغذية. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعد البطاطس واحداً من الأغذية المفضلة في مناطق مدن كثيرة، كما تعد محصولاً مهماً في مرتفعات الكاميرون وكينيا وملاوي ورواندا.
تعد البلدان النامية الآن أكبر منتج للبطاطس في العالم – وكذلك أكبر مستورد لها – كما أن الطلب للاستهلاك يتحول بصورة مستمرة عن الدرنات الطازجة صوب المنتجات المصنّعة
في عام ٢٠٠٥، فاق إنتاج العالم النامي من البطاطس ولأول مرة نظيره في العالم المتقدم، وانحسرت الزراعة الكفافية للبطاطس في البلدان النامية نتيجة لقيام المزارعين بإعادة توجيه الإنتاج صوب الأسواق المحلية والدولية.
يتوسع الإنتاج والاستهلاك العالمي للبطاطس حالياً بوتيرة أقل من وتيرة النمو السكاني. حيث هبط إنتاج البطاطس في البلدان المتقدمة، على وجه خاص في أوروبا وكومنولث الدول المستقلة، في المتوسط بمقدار واحد في المائة في السنة على مدى ٢٠ سنة الماضية.
غير أن الغلة في البلدان النامية زادت بوتيرة بلغ متوسطها خمسة في المائة في السنة. وقد كانت البلدان الآسيوية، وعلى نحو خاص الصين والهند، هي التي أوقدت نار هذا النمو.
في عام ٢٠٠٥ وقف نصيب البلدان النامية من غلة البطاطس العالمية عند ٥٢ في المائة، وهو ما يفوق نصيب العالم المتقدم. ويعد هذا الأمر إنجازاً ملحوظاً بالنظر الى أنه قبل نحو ٢٠ سنة فحسب كان نصيب البلدان النامية من الانتاج العالمي لم يتجاوز حد ٢٠ في المائة إلا قليلاً
تعدّ آسيا وأوروبا أكبر إقليمين منتجين للبطاطس في العالم، حيث كانتا المسئولتين عن نحو ٨٠ في المائة من الانتاج العالمي في سنة ٢٠٠٧. كذلك سجلت أفريقيا وأمريكا
اللاتينية مستويات قياسية في الإنتاج على الرغم من أن حصادهما كان أقل من إنتاج آسيا وأوروبا بكثير. كما احتلت أمريكا الشمالية مركز الصدارة دون منازع في الغلال، حيث زادت على ٤٠ طن للهكتار.
الدولة كمية الإنتاج بالطن
١. الصين
72040000
٢. روسيا الاتحادية
36784200
٣. الهند
26280000
٤. الولايات المتحدة
20373267
٥. أوكرانيا
19102300
٦. بولندا
11791072
٧. ألمانيا
11643769
٨. بيلاروسيا
8743976
٩. هولندا
7200000
١٠. فرنسا
6271000
----------------------------------------------------------------------------------
2-الاستهلاك العالمي من البطاطس:
تستهلك آسيا نحو نصف الإمدادات العالمية من البطاطس ، غير أن ضخامة عدد سكانها تعني أن الاستهلاك للشخص في عام ٢٠٠٥ كان ٢٤ كغم، ما يعدّ استهلاكاً معتدلاً. كما كان الأوروبيون أكثر الناس نَهَماً بتناول البطاطس. أما في أفريقيا وأمريكا اللاتينية فقد كان الاستهلاك للشخص هو الأقل على الرغم من أنه في تصاعد.
غير أن استهلاك البطاطس الطازجة الذي كان يوماً العمود الفقري لاستخدام البطاطس في العالم يمر في طور انحسار في بلدان كثيرة، وعلى وجه خاص في الأقاليم المتقدمة. حيث يجري تصنيع المزيد من البطاطس حالياً من أجل تلبية الطلب المتصاعد عليها من جانب صناعات الأغذية السريعة والوجبات الخفيفة والأغذية الجاهزة. ومن بين الدوافع الكامنة وراء هذا التطور النمو السكاني في المدن، وزيادة الدخل، وتنويع الوجبات، والوقت اللازم لتجهيز المنتج الطازج للاستهلاك.
3-التجارة الدولية في البطاطس:
في التجارة الدولية، تزيد قيمة وحجم المنتجات المصنّعة من البطاطس عن قيمة وكمية البطاطس الطازجة الداخلة في التجارة العالمية بصورة كبيرة.
تعد البلدان النامية مستوردة صافية في تجارة البطاطس الدولية، التي قدرت قيمتها عام ٢٠٠٥ بنحو ٦ مليارات دولار.
وتعد البطاطس عموماً سلعة ذات حجم كبير وسريعة التلف وعالية التكاليف من ناحية النقل، إضافةً الى إمكانيات تصديرها المحدودة التي تنحصر في الغالب في التعاملات عبر الحدود. غير أن هذه القيود لم تعق تجارة البطاطس الدولية، التي تضاعفت في حجمها، وارتفعت قيمتها أربعة أضعاف منذ أواسط ثمانينات القرن العشرين. ويعزى هذا النمو الى الطلب الدولي غير المسبوق على المنتجات المجهّزة (المصنّعة)، وبوجه خاص منتجات البطاطس المجمدة الى جانب البطاطس المجففة. غير أن البلدان النامية لم تكن حتى الآن من بين المستفيدين من هذا التوسع في التجارة. حيث أنها – كمجموعة – بزغت كمستورد صاف رئيسي لهذه السلعة.
من الملاحظ أن التجارة الدولية في البطاطس ومنتجاتها ما زالت ضعيفة إذا ما قيست بالإنتاج، حيث يجري الاتجار بنحو ٦ في المائة من الغلة فحسب. وتعد تكاليف النقل الباهظة، ومن ضمنها تكاليف التبريد، من المعوقات الرئيسية التي تحول دون توسيع السوق الدولية لها.
4-سياسات التجارة
من المؤسف أنه يجري استخدام رسوم حسب القيمة على الواردات من أجل حماية أسواق البطاطس المحلية. كما أن من بين السياسات التي تحد من الوصول الى الأسواق كذلك تدابير الصحة والصحة النباتية والحواجز الفنية أمام التجارة.
تفرض غالبية البلدان رسوم استيراد على البطاطس ومنتجاتها. كما أن معدلات الرسوم الإلزامية المتفق عليها بموجب منظمة التجارة العالمية تتفاوت بصورة كبيرة. وتقدم البطاطس هنا مثالاً كلاسيكياً على "تصعيد الرسوم"، حيث تقوم البلدان المستوردة بحماية الصناعات التجهيزية لديها من خلال فرض رسوم على المنتجات المصنعة تفوق ما تفرضه على المادة الخام. ومن خلال منع البلدان من تنويع قاعدة الصادرات لديها بحيث تضم المنتجات المصنعة الأعلى قيمة، يمكن أن يبقي هذا التصعيد تلك البلدان "عالقة في الشباك" كمقدمٍ للمواد الخام فحسب. كما تواجه البلدان التي ترغب في الانخراط في تزويد سلع البطاطس الى السوق الدولية – وبوجه خاص الى أسواق البلدان المتقدمة المربحة – كذلك مصاعب جمة تفرضها معايير صحة الأغذية واللوائح الفنية.
وقد اعترفت جولة الدوحة التنموية بالآثار السلبية لتصعيد الرسوم، كما تتضمن الجولة شروطاً هامة ترمي الى كفالة عدم تحول المعايير واللوائح الى حواجز أمرٍ واقعٍ أمام التجارة أو الى سياسات حمائية خفية، وذلك جنباً الى جنب مع وضع مصادر القلق المتصلة بالصحة
العامة على رأس سلم الاهتمامات. غير أن ما يؤسف له أن المفاوضات المتصلة بجدول أعمال جولة الدوحة قد واجهت سلسلة من العقبات ولم يتم الاتفاق على حل نهائي بعد.
5-تضخم أسعار البطاطس والأغذية الأخرى
تعدّ البطاطس محصول أمنٍ غذائي ملائمٍ تماماً في مقدوره أن يساعد على حماية الأقطار ذات الدخل المنخفض من الأخطار التي يتسبب بها ارتفاع الأسعار العالمية للأغذية،وإن أسعار الحبوب ترتفع بصورة أسرع من أسعار البطاطس ومحاصيل الجذور الأخرى.
في مقدور البلدان التي تتسم بانخفاض مستويات تنوع الوجبة الغذائية والاعتماد الكبير على الحبوب المستوردة أن تنتفع بصورة كبيرة من التوسع في زراعة البطاطس.
إن بالإمكان خلط دقيق البطاطس بسهولة مع دقيق القمح ما يقدم للبلدان وسيلة لتخفيض وارداتها المكلفة من القمح.
تعدّ البطاطس على نحو متصاعد مصدراً جيداً للدخل النقدي للأسر الزراعية ذات الدخل المنخفض.
6-الاستثمار في انتاج البطاطس
بالنظر الى ملاءمة البطاطس لمجموعة عريضة من الاستخدامات، يمكن لها أن تضطلع بدور كبير في النظم الغذائية في الأقطار النامية. غير أن صانعي السياسات دأبوا بصورة تقليدية على التركيز على المحاصيل الريعية المعدة للتصدير وعلى الحبوب، تاركين البطاطس ومحاصيل الجذور الأخرى على هوامش مجهودات التنمية الزراعية. ولكي تزدهر قطاعات البطاطس من الضروري تصويب هذا الاختلال في الموازين.
كما يتعين النظر الى الاستثمار في انتاج البطاطس على أنه تأمين ضد اضطراب الأسواق الدولية ووسيلة لحماية الأمن الغذائي. وفي ظل المناخ الحالي لارتفاع أسعار الأغذية كثيراً ما ينسى البعض أن الأسعار العالمية للحبوب وحتى فترة قريبة كانت قد وصلت مستويات منخفضة جداً حينما جرى تعديلها للتكيف مع التضخم. غير أنه من شأن الارتفاع الذي يتبعه انخفاض في أسعار الحبوب أن يدمر الاستثمار في قطاع البطاطس بسهولة إن عاد المستهلكون الى شراء الحبوب المستوردة المدعومة الرخيصة.
7- تقوية "سلسلة القيمة" الخاصة بالبطاطس
غالباً ما تباع البطاطس في البلدان النامية من خلال سلاسل تسويقية مفتتة تتسم بقليل من التنسيق وكذلك بنقص المعلومات عن السوق، ما يؤدي الى زيادة تعطل الإمدادات ورفع تكاليف المعاملات التجارية. كذلك كثيراً ما يجري استبعاد كثير من المزارعين صغيري النطاق من الأسواق نتيجة لانخفاض غلالهم وعدم كفاية وسائل التخزين والنقل لديهم. كما يؤدي التسعير غير الكفؤ وغير المنصف الى تثبيطهم عن الاستثمار داخل المزرعة من اجل زيادة انتاجهم.
غير ان تعزيز سلسلة القيمة يتطلب استثمارات ضخمة في القطاعين العام والخاص، وعلى وجه خاص في برامج التربية والبنية الأساسية، وذلك من اجل تدعيم وتنسيق النشاطات المختلفة على امتداد السلسلة كلها.
ويمكن تقوية المبادرات الإنتاجية من خلال البحوث التي تركز على استخدامات نهائية بعينها والإكثار السريع لمواد زراعة عالية الجودة واستخدام الأصناف المقاومة للآفات والأمراض.
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)