أهلا بكم

نستأنف مسيرتنا مع شاعرات عربيات نظمن الشعر فأبدعن فيه وتوفقن
وهذه شاعرة من هؤلاء الشاعرات لكنها من المعاصرات
وقد جددت في نظم الشعر الحر وذلك بشهادة النقاد في هذا المجال

نازك الملائكة



نازك صادق الملائكة الشاعرة العراقية المميزة التي صنعت ثورة جديدة في الشعر المعاصر, حيث أثارت نازك الملائكة مع الشاعر العراقي بدر شاكر السياب ثورة في الشعر العربي الحديث بعد نشرهما في وقت واحد قصيدة"الكوليرا" عام 1947 للملائكة وقصيدة"هل كان حبًا" للسياب, لينوها عن بدء مرحلة جديدة في الشعر العربي الذي عُرف حينذاك بالشعر الحر



النشأة

ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم الثالث والعشرين من أغسطس عام 1923 في أسرة لها باع طويل في الثقافة والشعر؛ فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية, كما أصدرت ديوان شعر في الثلاثينيات اسمه "أنشودة المجد" وذلك تحت اسم أدبي هو "أم نزار الملائكة", أما والدها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة "دائرة معارف الناس" في عشرين مجلدًا، ومن هنا يأتي سبب تسمية العائلة بهذا الاسم "الملائكة" فهو لقب أطلقه على العائلة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء وسكينة, ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية للعائلة.
أما خالها جميل وعبد الصاحب الملائكة من الشعراء المعروفين أيضا، وعرف عن شقيقها الأوحد نزار الملائكة، الذي كان يعيش في لندن بأنه كان شاعراً أيضًا.



حياتها ودراستها
بدأت نازك الملائكة كتابة الشعر وهي في العاشرة من عمرها, أتمت دراستها الثانوية والتحقت بدار المعلمين العالية التي أصبحت حاليًا كلية التربية, وتخرجت منها عام 1944 بدرجة امتياز, والتحقت بعد ذلك بمعهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى تخصص "عود" عام 1949, درست الملائكة اللغة العربية في كلية التربية جامعة بغداد, ولم تتوقف في دراستها الأدبية والفنية إلى هذا الحد حيث درست اللغة اللاتينية في جامعة برستن بالولايات المتحدة الأمريكية, ثم حصلت على درجة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة وينكسونسن بالولايات المتحدة أيضًا، كذلك درست اللغة الفرنسية وأتقنت الإنجليزية, وترجمت بعض الأعمال الأدبية عنها, عملت نازك مدرسة للأدب العربي في جامعتي البصرة وبغداد.
غادرت العراق في الخمسينيات وذلك لأسباب سياسية واتجهت إلى الكويت واستقرت هناك فترة طويلة حيث عملت مدرسة للأدب المقارن بجامعة الكويت.
مثلت الملائكة العراق في مؤتمر الأدب العربي المنعقد في بغداد عام 1965، ثم غادرت العراق مرة أخرى في ظل الحرب الأمريكية العراقية لتتوجه إلى القاهرة وتستقر بها وذلك في عام 1991, حيث أقامت هناك في حي سرايا القبة شرق القاهرة حتى توفتها المنية.
مُنحت جائزة البابطين للشعر عام 1996وذلك تقديرا لدورها في ميلاد الشعر الحر، كما أقامت دار الأوبرا المصرية احتفالاً كبيرًا تكريمًا لها, وأيضًا بمناسبة مرور نصف قرن على بداية الشعر الحرفي الوطن العربي, ولكنها لم تحضره بسبب ظروفها الصحية, وذلك في عام 1999.



نازك والشعر الحر
شنت حرب أدبية بين نازك الملائكة مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر, فقالت نازك في كتابها قضايا الشعر المعاصر: " كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947، ومن العراق، بل من بغداد نفسها، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة الكوليرا" والتي تضمنّها ديوانها الثاني "شظايا ورماد".
ثم كتبت عام 1962 في مقدمة الطبعة الخامسة من كتابها المذكور: " أدري أن هناك شعراً حراً نظم في العالم العربي قبل سنة 1947 سنة نظمي لقصيدة الكوليرا وفوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة ظهرت في المجلات الأدبية منذ 1932، وهو أمر عرفته من الباحثين لأنني لم أقرأ بعد تلك القصائد في مصادرها".
وقد كتبت نازك هذه القصيدة متأثرة بوباء الكوليرا الذي انتشر وقتذاك في مصر, وجاءت الصدفة أن في نفس هذا الوقت كتب الشاعر بدر شاكر السياب قصيدته المعروفة "هل كان حباً" التي نشرت في ديوانه الأول "أزهار ذابلة"، والتي قال فيها:


هَلْ تُسمّينَ الذي ألقى هياما ؟
أَمْ جنوناً بالأماني ؟ أم غراما ؟
ما يكون الحبُّ ؟ نَوْحاً وابتساما ؟
أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرَّى ، إذا حانَ التلاقي
بين عَينينا ، فأطرقتُ ، فراراً باشتياقي
عن سماءٍ ليس تسقيني ، إذا ما ؟
جئتُها مستسقياً ، إلاّ أواما

والذي جمع بين قصيدتي الملائكة والسياب هو خروجهما عن المألوف في بناء القصيدة العربية.
وقد أكدت نازك على ضرورة التزام الشعراء الجدد بعنصري الوزن والقافية وان كان ذلك في سطر شعري واحد وليس في بيت من شطرين, ودون الالتزام بذلك العنصرين تنتفي صفة الشعرية عن كل كتابة تدعي ذلك؛ لأن الوزن والقافية في نظرها هما أساس الإيقاع الداخلي للقصيدة وأساس الميثاق الذي يربط الشاعر بالملتقى.