+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 58

الموضوع: بلاغة القرآن في التعبير بالغدو والعشي والإبكار

  1. #11

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وإن كان من فرق بين كلمة (بكرة) التي اتضح من خلال كلام أهل اللغة أن وقتها هو ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس وما راد فها مما وقع في مقابل العشي لكن بلفظ (الإشراق) هو أن الإشراق يكون عند من التزم جعل أول النهار من طلوع الشمس، إذ هو بهذا حقيقة فيه، ولذا قالوا في تفسير قول الله تعالى في حق داود عليه السلام :

    (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق .. ص/18)
    يعنى حين تشرق الشمس أي تضيئ ويصفو شعاعها

    يقال شرقت الشمس شروقاً: طلعت، وأشرقت: أضاءت(1)
    وأشرق القوم: دخلوا في وقت الشروق(2)، وأشرق الرجل: أي دخل في شروق الشمس، وفي التنزيل:

    (فأخذتهم الصيحة مشرقين .. الحجر/73) أي مصبحين

    (فأتبعوهم مشرقين .. الشعراء/60)
    أي لحقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها(3).

    مدلولات الغداة والعشي وما في معناهما بين الحقيقة والمجاز:

    والذي ينعم النظر في تتبع مقولات أهل التأويل من المفسرين والمشغولين بالدراسات القرآنية في معنى ما جاء في طرفي النهار، يلحظ أنهم لا يقصرون مدلولي الغداة والعشي على وقتيهما المعلومين والمخصصين لهما عند أهل اللغة على جهة الحقيقة، أعنى من الفجر إلى طلوع الشمس ومن العصر إلى انتهاء النهار. بل إنهم يتوسعون فيهما ليمتدا لديهم وليشملا سائر ساعات الليل والنهار، وما ذلك إلا حملاًَ لمعنى الأمر بالتسبيح بالغداة والعشيّ على معنى المداومة وفقاً لمدلولات النصوص وسياقات الآيات المُومِئَة إلى ذلك.

    (1) تمييز ذوي البصائر 3/311 .
    (2) اللسان 4/2245 .
    (3) السابق.


  2. #12

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    ولنتأمل في ذلك مثلا ما ذكره صاحب الكشاف تفسيرا لقول الله تعالى عن أهل الجنة:
    (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .. مريم/62)

    وقد تبعه فيه غيره، يقول: أراد دوام الرزق ودروره كما تقول: (أنا عند فلان صباحا ومساء وبكرة وعشيا)، تريد الديمومة ولا تقصد الوقتين المعلومين(1).

    وما ذكره الطاهر ابن عاشور في تفسيره لقول الله تعالى:
    (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه .. الأنعام/52)

    حيث يقول: الغداة: أول النهار، والعشي من الزوال إلى الصباح، والباء للظرفية .. والمعنى أنهم يدعون الله اليوم كله، فالغداة والعشي قصد بهما استيعاب الزمان والأيام كما يقصد بالمشرق والمغرب استيعاب الأمكنة، وكما يقال:
    الحمد لله بكرة وأصيلا(2)
    وفي معناه يقول الآلوسي تفسيرا لنفس الآية: والمراد بهما ها هنا الدوام كما يقال فعله مساء وصباحا إذا داوم عليه(3) وعلى هذا دأب جل المفسرين وربما كان مستندهم في هذا صحة ما ورد عن العرب "إني لآتيه بالعشايا والغدايا"(4) يقصدون بذلك استدامة المجيئ.
    (1) تفسير الكشاف 2/516،515وينظر الرازي 9/487 وحاشية الشهاب لى البيضاوي 6/292.
    (2) التحرير7/247 مجلد4.
    (3) الآلوسي 7/232 مجلد5.
    (4) اللسان 4/2962

  3. #13

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    والحق أن الأمر في هذا لا يعدو أن يكون كناية عن المداومة في فعل المجيئ، وفي استدامة الدعاء، وفي عدم انقطاع الرزق عن أهل الجنة، ولا يعني بحال أن يخرج اللفظان عن حقيقتهما الموضوعة لهما في اصطلاح التخاطب، إذ ليس من المعقول أن يظل هؤلاء المتحدث عنهم في آية الأنعام على حال واحدة لا يحيدون عنه ولا يميدون، كما لا يعقل أن يبقى أهل الجنة الوارد ذكرهم في آية مريم يطعمون ويشربون مدة خلودهم الأبدي وبقائهم السرمدي، إذ ذلك - مما لا شك فيه- مما يبعث على الملل ومما يتنافى مع خلق التوسط والزهادة اللذين تربوا عليهما في الدنيا، كما أن فيه مشغلة كذلك عن التمتع بسائر ألوان النعيم الأخرى التي أعدها الله لعباده الصالحين من نحو التسري بالحور العين والتقابل على السرر والأرائك والورود على الحوض ومصاحبة الأخلاء من المتقين والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، بل وفوق كل ذلك وأعلاه السعي لنيل رضا الله سبحانه والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - عن رب العزة سبحانه من أنه
    (يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير بين يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يارب وأي شيئ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا)(1)

    وقوله فيما رواه مسلم:
    (إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناديا يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم).

    (1) رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

    وقد استشعرالبيضاوي كل هذه المعاني فراح يمرض حمل المعنى على الديمومة ويتورك على القائلين به، ويقدم عليه ما يفيد الحمل على الحقيقة، يقول: قوله (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا): على عادة المتنعمين والتوسط بين الزهادة والرغابة(1) وقيل المراد دوام الرزق ودروره(2)

    والعجيب أن يستنكر ابن منظور على من يذهب إلى إطلاق (العشاء) على فترة ما بين زوال الشمس إلى طلوع الفجر ولا ينكر بنفس القدر على من ذهب إلى أن العشي: من زوال الشمس إلى الصباح، مكتفيا في ذلك بلفظ التضعيف، إذ يقول: "وقيل العشي من زوال الشمس إلى الصباح، ويقال لما بين المغرب والعتمة: عشاء وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر وأنشد في ذلك:
    غدونا غدوة سحرا بليل عشاء بعد ما انتصف النهار(3).

    على الرغم من أن قول الشاعر: (بعد ما انتصف النهار) يفيد اقتراب ما بعد منتصف النهار إلى وقت العشاء، فيكون الحمل على المجاز لعلاقة المجاورة مستساغا لقرب المسافة الزمنية . وليس من هذا في شيئ القول بأن العشي هو ما يمتد وقته ليتسع لما بين زوال الشمس إلى صباح اليوم التالي ، والأعجب منه أن يورد في ذلك ما أنشده ابن الأعرابي من قوله:

    هيفاء عجزاء خريد بالعشي تضحك عن ذي أشر عذب نقي

    (1) وكان العرب يسمون الأكل مرة واحدة في اليوم والليلة (الوجبة) باعتبار أن أكلها يوجب زهادة، وكان إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبهم ذلك ويسمون ماعداهما (الرغبة) أي في كثرة الأكل، فأخبرهم سبحانه أن لهم في الجنة هذه الحالة التي تعجبهم [ينظر أضواء على متشابهات القرآن للشيخ خليل ياسين 2/10].
    (2) تفسير البيضاوي 6/292.
    (3) اللسان4/2962.

    فينفي عنه وضع العشي موضع الليل، ويتلمس له مخرجا ويعلق عليه بقوله: "فإن أراد (بالليل)، فإما أن يكون سمى الليل عشيا لمكان العشاء الذي هو الظلمة، وإما أن يكون وضع (العشي) موضع الليل لقربه منه من حيث كان العشي آخر النهار وآخر النهار متصل بأول الليل"(1)
    يقول: "وإنما أراد الشاعر أن يبالغ بتخردها واستحيائها، لأن الليل قد يعدم فيه الرقباء والجلساء وأكثر من يستحيا منه، فإذا كان ذلك مع عدم هؤلاء فما ظنك بتخردها نهارا إذا حضروا؟"(2).

    وإذا ما اتفقنا على أن لفظ (الأصيل) هو في معنى العشي كما قرر أهل اللغة وأهل التأويل وعلى ماسبق ذكره، فإن الزوال وما يقرب منه – على ماقرروا أيضا – لا يسمى أصيلا، وما قيل من أنه يسمى كذلك، لو سلم فهو ارتكاب لغير المألوف من غير ضرورة تدعو إليه(3)، وطرقا للباب على وتيرة واحدة وقياسا على ما سبق نقول:
    إن إطلاق العشي كذلك ليمتد إلى صباح اليوم التالي هو أيضا ارتكاب لغير المألوف من غير ضرورة تدعو إليه.

    ونظير ما مضى - مما يعد مقبولا- في الحمل على المجاز مع ما يفيده من الدلالة على الاستغراق والاستدامة على فعل الشيئ في الوقتين المذكورين، ما ذكره الرازي في تفسيره لقول الله تعالى:

    (واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار .. غافر/55)

    قال:الإبكار عبارة عن أول النهار إلى النصف، والعشي عبارة عن النصف إلى آخر النهار، فيدخل فيه كل الأوقات(4)

    وأحسب أن هذا هو الأليق فيما هذا شأنه وفيما يقتضي المقام حمله على معنى الاستغراق في الزمن وفاء بحق السياق، على اعتبار أن ما يقرب من الشيئ يطلق عليه اسمه، وقد نحا كثير من المفسرين هذا المنحى مقدمين إياه على القول بمغالطة أهل اللغة والجنوح بالعشي وجعله من زوال الشمس إلى الصباح.

    (1) السابق.
    (2) السابق بتصرف.
    (3) ينظر حاشية الشهاب9/363.
    (4) مفاتيح الغيب13/569.


    من هؤلاء صاحب التحرير والتنوير فقد ذهب في تفسيره لنفس الآية التي حمل الزمخشري فيها معنى العشي والإبكار على الاستدامة الشاملة لسائر ساعات اليوم والليلة، وهي قوله تعالى:

    (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .. مريم/62)

    إلى أن المقصود من (البكرة): النصف الأول من النهار، و(العشي) النصف الأخير(1).
    والجمع بينهما كناية عن استغراق الزمن(2)، أي لهم رزقهم غير محصور ولا مقدر بل كلما شاءوا(3)
    وإن كان يعاب عليه أنه لم يستمر على هذا المنحى وراح في مواضع أخرى يحمل معنى العشي على ما بين زوال الشمس إلى الصباح على نحو ما فعل في تفسيره لآية الأنعام.
    ولا يحتج لهذا أن المقصد من كلامه الذي أورده في تفسير آية الأنعام، وكذا كلام من حجل بقيده، التكنية عن الاستدامة، لأن الجواب عن ذلك أن الكناية لا تمنع من إرادة ظاهر اللفظ، وظاهر اللفظ يصعب حمله – على نحو ما ارتأينا- في آيتي مريم والأنعام على وجه الحقيقة.

    (1) ولعل هذا ما عناه ابن منظور بقوله: "إنما أراد لهم رزقهم في مقدار ما بين الغداة والعشي".
    (2) والأليق منه حمل المعنى على الحقيقة، لإفادة التوسط بين الزهادة والرغابة لما سبق ذكره.
    (3) التحرير والتنوير 16/138 مجلد8.



    يتبع .....

  4. #14

    • رباب
    • Guest

    افتراضي

    الله يعطيك العافية علي الموضوع الرائع....

    تحياتي لك حمامة السلام تاتين دائما بالقيم وله فائدة تسر كل قارئ

  5. #15

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    بارك الله فيك
    أيتها الرباب

    نسأل المولى عز وجل أن يهدينا جميعا للأقوم
    وأن يكون ما نختاره شاهدا لنا لا علينا

    شاكرة لك الحضور الغالي عزيزتي

    دمت بنعمة الله

  6. #16

    • م/ إيهاب عبد المؤمن غير متواجد حالياً
    • أبو حازم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    3,596

    افتراضي

    جزاكِ الله خيراً علي موضوعك القيم
    دعاء تفريج الكرب

    لا إله إلا الله الحليم العظيم لا إله إلا الله رب العرش العظيم

    لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش
    الكريم

  7. #17

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وجزاك الله خيرا أخي إيهاب
    على حضورك وتشجيعك الطيبين

    نسأل الله حسن الثواب

    ورزقك سعادة الدارين

  8. #18

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    على أن هذا المنحى قد يحمد في مثل قوله سبحانه:
    (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين... الأعراف/205)

    إذ الحمل فيه بضميمة قوله - صلى الله عليه وسلم -:
    (تنام عيني ولا ينام قلبي)

    وقوله سبحانه : (ولا تكن من الغافلين)
    على التكنية عن سائر أحواله - صلى الله عليه وسلم - يقظة أومناما سرا أو إعلانا ليلا أو نهارا لمما يدل عليه السياق ويومئ إليه، والشرط في ذلك ألا يوجد في سياق الكلام ما ينافيه أو يتماشى معه من نحو إطلاق الذكر وتقييد نوع منه بوقتي الغداة والعشي في نحو قوله سبحانه:
    (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا .. الأحزاب/41، 42)

    وكذا ما تعين الحمل فيه على الوقتين لكون الموقوت بزمنيهما مختص بهما لا يتعداهما، كما في قوله سبحانه:
    (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .. الرعد/15)

    إذ من المعلوم بداهة أن الفيئ لا يظهر بصورة كاملة تشعر بما يمليه النظم الكريم إلا في الوقتين بمعناهما اللغوي، ونظير ذلك ما كان منصوصا على وقتيه ببعض دلائله التي لا ينصرف بها المعنى إلا إليه، كما في الآية الكريمة الواردة في حق داود - عليه السلام -:
    (إنا سخرنا الجبال معه بالعشي والإشراق.. ص/18)

    ذلك أن ' وقت الإشراق محدود بوقت ارتفاعهما عن الأفق الشرقي وهو ما يسمى بالضحوة الصغرى'(1)
    وذلك لا يتأتى إلا وقت بدء طلوعها ولا يكون دون ذلك أو سواه بحال.
    من أسرار تقديم بعض مسميات طرفي النهار على بعض ووجه تنوعها:

    (1) روح المعاني 23/356 من المجلد 13 بتصرف.

    وإذا ما رمنا الإبحار في الكتاب العزيز بغية الوقوف على سر التنوع في التعبير عن الوقتين المنوط بهما هذا البحث، وأردنا الكشف عن علائق التراكيب التي قدم فيها بعض مسميات هذين الوقتين على البعض الآخر، وابتغينا الغوص للتعرف على وجوه اختلاف سياقاتها وتناغيها وتواصلها ، فإنه لا بد لنا أولا أن نستجلي الملابسات التي ورد فيها ذكر هذين الوقتين.
    والمتأمل للسياقات التي قدم فيها لفظ (العشي) على الإبكار كما في حق زكريا عليه السلام:

    (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار.. آل عمران/41)

    وقوله في مخاطبة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل هجرته إلى مكة:

    (واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار.. غافر/55)

    يبصر بضميمة ما جاء في قوله سبحانه في حق داود - عليه السلام -: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق.. ص/18)، أن الإبكار يدق جعله وصفا لأول النهار من بعد طلوع الشمس لا الفجر(1)، كما يرمق أن في اصطفاء مفردة (الإبكار)، وفي تقديم (العشي) عليها ما يصور حال الأمم السابقة المستضعفة وما كانت عليه من تلبس بالعبادة المفروضة، وكذا ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام قبل فرض الصلوات الخمس وقبل الجهر بالدعوة والصدع بها.

    (1) وسيأتي ما يفيد أن طرف النهار الأول يطلق ويراد به أحد معنيين:
    مابعد طلوع الفجر ومابعد طلوع الشمس، فعلى من التزم جعل أول النهار من طلوع الفجر جعل ما بعد طلوع الشمس مجازا فيه والعكس بالعكس.

    ونعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بأن يقتدي بالأنبياء من قبله وأن يعبد الله بالكيفية التي كانوا يعبدونه سبحانه بها(1)، وصلاة ركعتين في آخر النهار ومثلهما بأوله هو الأوفق لحال أولئك الأوائل الذين صدقوا بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر الإسلام فقد كان معظمهم خليط من الفقراء والضعفاء والأرقاء وليس بوسعهم مجابهة قوى الكفر المتعصبة لشركها ووثنيتها، بل ولا إظهار شعائر الدين الذي آمنت به، ولقد بلغ الضعف بهذه الثلة المؤمنة التي آمنت بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في بداية الأمر لحد أنه إذا أراد أحدهم ممارسة عبادة من العبادات التي كلف بها ذهب إلى شعاب مكة يستخفي فيها من عيون قريش . فمع انشغال أهل الكفر في أول هذين الوقتين بجلب الرزق والسعي على المعاش، وخلودهم في آخرهما للدعة والراحة بعد عناء يوم كامل من العمل، يمكن لأولئك المستضعفين أن يمارسوا بشئ من الحرية والبعد عن الضغط والتعرض للأذى، ما كلفوا به من قبل ربهم وما تعلموه من نبيهم .
    والبدء بالعشي أقدر على تصوير هذه الفترة، وأبلغ في بيان حالتي الإخفاء والهمس اللذين كانوا عليهما أثناء تأدية ما كلفوا به من صلاة، وترديد ما كان ينزل على نبيهم - صلى الله عليه وسلم - من آي الذكر الحكيم.

    (1) وذلك قوله سبحانه:
    (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.. الأنعام/90).

    ولا يبعد أن يكون حال زكريا - عليه السلام - مع مناوئيه من اليهود شبيها بحال أولئك الصحب الكرام مع كفار مكة، فيكون في هذا أيضا الوجه في البدء بالعشي، بل إن هذا ما ينبئ به طبيعة هؤلاء القوم الذين تخصصوا في الإيذاء وفي قتل الأبرياء والأنبياء بغير حق، ففي تفسير ما أخبر الله به عن قتلهم أنبياء الله ذكر أهل العلم نصوصا تصرح بقتل سيدنا زكريا وابنه يحيى عليهما السلام على يد أولئك الأنجاس، ومن ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في قوله:
    'ومن تلاعب الشيطان بهم ما كان في شأن زكريا ويحيى عليهما السلام وقتلهم لهما حتى سلط الله عليهم بختنصر وسنحاريب وجنودهما فنالوا منهم ما نالوه'(1)

    كما حكى عنهم في موضع آخر أنهم
    'هم قتلة الأنبياء، قتلوا زكريا وابنه يحيى وخلقا كثيرا من الأنبياء حتى قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا في أول النهار وأقاموا سوق بقلهم آخره، كأنهم لم يصنعوا شيئا'(2).

    الأمر الذي يعكس مدى الهلع والخوف الذي كان ينتاب أهل الحق في تلك الأزمنة الغابرة، ويعكس بالتالي سر البدء بالعشي في آية آل عمران.
    ومما قيل في سر تقديم (العشي) مراعا فيه السياق ما ذكره البقاعي في حق آية غافر سالفة الذكر من أنه
    'لما كان المقام لإثبات قيام الساعة(3) وكان العشي أدل عليها قدمه'(4).

    (1) إغاثة اللهفان 2/319.
    (2) هداية الحيارى ص54 وينظر تفسير ابن كثير 1/102 ،355.
    (3) يعني قوله تعالى:
    (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب. وإذ يتحاجون في النار.. إلى آخر الآيات 46-51).
    (4) نظم الدرر 6/525.

    وأيا ما كان الأمر فإن السياق في الآيتين المذكورتين يختلف عنه في آية (ص) وإن كان منه بسبب إذ المناسب للبدء بالعشي قبل الإشراق، هو ما كان عليه داود - عليه السلام - من أوب إلى الله وترجيع، وقد كان يشاركه في ذلك الجبال والطير كما دل عليه قوله تعالى:
    (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب .. ص/17)
    وقوله:
    (يا جبال أوبي معه والطير.. سبأ/10)
    وقوله:
    (والطير محشورة كل له أواب.. ص/19)

    وظهور كل ذلك في وقت العشي أبين في تذكر المصير وما سيؤول إليه حال الخلق.

    يقول صاحب نظم الدرر -' لما كان - أي التسبيح- في سياق الأوبة، وكان آخر النهار وقت الرجوع لكل ذي إلف إلى مألفه مع أنه وقت للفتور والاستراحة من المتاعب قال (بالعشي). وكان من ثم البدء به "تقوية للعامل وتذكيرا للغافل"(1).
    وكان من ثم البدء به "تقوية للعامل وتذكيرا للغافل"(1).

    وإنما كان تقديم العشي - فيما هو قريب مما ذكرناه من أمر الإبكار والإشراق - أعني الإظهار في قوله جل وعلا:
    (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون ... الروم/17)

    لنفس ما سبق ذكره في آية غافر حيث الكلام عن القيامة وإثبات الحشر والبعث حتى ليكاد يكون متطابقا معه تمام التطابق، ومن ثم فملابساتها هي من ملابسات نظيرتها.


    (1) السابق 6/370.

    يتبع .....

  9. #19

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وفي مراعاة تقديم ما هو ألصق بالسياق في آية الروم وأدل عليه يقول الفخر الرازي: إنه قدم الإمساء على الإصباح ههنا وأخره في قوله تعالى:
    (وسبحوه بكرة وأصيلا .. الأحزاب/42)

    لأن ههنا، أول الكلام ذكر الحشر والإعادة من قوله تعالى:
    (الله يبدأ الخلق ثم يعيده) إلى قوله تعالى: (فأولئك في العذاب محضرون .. الروم/11-16)

    وآخر هذه الآية أيضا - يعني ما جاء عقبها - ذكر الحشر والإعادة بقوله تعالى:
    (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وكذلك تخرجون .. الروم/19)

    والإمساء آخر فذكر الآخر أولا لتذكر الآخرة (1) وهو في معنى ما ذكره البقاعي في حق آية غافر وفاء بحق السياق. ويريد الرازي بما ذكره أن مقابلة العشي بالظهيرة والإمساء بالإصباح وتقديم ما تقدم في كل جاء ملائما للسياق في التذكير بيوم القيامة، فعلى نحو ما يعقب الركون إلى الدعة والراحة والنوم والسكون في الإمساء والعشي حركة بعد الاستيقاظ وانتشار، يعقب الموت وإعادة إحياء الخلق من جديد، وإخراجهم من قبورهم، الحشر واجتماع الناس في يوم لا ريب فيه، ولما كان الموت الذي يمثل الإمساء والعشي، ويشبهه في ترتيبه الزمني بوقوعه قبل الحشر، وكان الغرض من السياق التذكير بالآخرة قدم من ثمت الإمساء والعشي، ردا على قالتهم السوء بإنكار البعث والحساب من ناحية، وإقامة للحجة عليهم بنصب الأدلة عليهما بتشبيههما بالاستيقاظ بعد الموتة الصغرى من ناحية أخرى.

    (1) الرازي 12/452.

    وفي البحر المحيط : 'قوبل بالعشي الإمساء وبالإظهار الإصباح، لأن كلا منهما يعقب بما قابله، فالعشي يعقبه الإمساء، والإصباح يعقبه الإظهار'(1)
    وفي معنى ما ذكريقول الآلوسي: "
    'قدم الإمساء على الإصباح لتقدم الليل والظلمة، وقدم العشي على الإظهار لأنه بالنسبة إلى الإظهار كالإمساء بالنسبة إلى الإصباح((2)
    ويعنيان بذلك أنهم في "الاستعمال العربي يعتبرون فيه الليالي مبدأ عدد الأيام(3)، فهو أسبق في حساب أيام الشهر، وفي التنزيل قال تعالى:
    (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين .. سبأ/18) (4)

    وقال أبو السعود بأن تقديم (عشيا) على (حين تظهرون) لمراعاة الفواصل وتغيير الأسلوب(5)، وليس ما ذكروه بالوجه بل هو - فيما أرى- على ما ذكرت، مراعاة لمكان النزول. وإن كنت لا أرى فيما ذكره الفخر الرازي - وفاء بحق السياق - بأسا، وفي محصلته يقول الطاهر في عبارة بليغة موجزة: "قدم فعل الإمساء على فعل الإصباح .. لأن الكلام لما وقع عقب ذكر الحشر من قوله:
    (الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون .. الروم/11)

    وذكر قيام الساعة، ناسب أن يكون الإمساء وهو آخر اليوم خاطرا في الذهن فقدم لهم ذكره(6).
    وهكذا يجيىء النظم غاية في التناسق بين مفرداته والتآخي بين جملة، كما يجيئ التقديم والتأخير للأوقات محققا الغرض الذي يهدف إليه سياق النص القرآني، وتلك - وأيم الله- آية من آيات الإعجاز في كتاب الله.

    (1) ينظر البحر المحيط الآية17 ،18من سورة الروم .
    (2) الآلوسي 21/45 مجلد 12، وينظر حاشية الشهاب على البيضاوي 7/379.
    (3) كما كانوا يؤرخون بالليالي ويبتدئون الشهر بالليلة الأولى التي بعد طلوع الهلال، وهو ما أقرهم الإسلام عليه واستمر عليه الحال.
    (4) التحرير 21/66 مجلد 10، 26/327 مجلد 12.
    (5) تفسير أبي السعود 7/55 مجلد4.
    (6) التحرير 21/66 مجلد 10.


    يتبع .....


  10. #20

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وتغيير الأسلوب في (عشيا) لما أنه لا يجيىء منه الفعل بمعنى الدخول في العشي كالمساء والصباح والظهيرة، ولعل السر في ذلك على ما قيل:
    إنه ليس من الأوقات التي تختلف فيها أحوال الناس وتتغير تغيرا ظاهرا مصححا لوصفهم بالخروج عما قبلها والدخول فيها، كالأوقات المذكورة، فإن كلا منها وقت يتغير فيه الأحوال تغيرا ظاهرا، أما في المساء والصباح فظاهر، وأما في الظهيرة فلأنها وقت يعاد فيه التجرد عن الثياب للقيلولة(1)، فهو وقت عورة كما صرح بذلك في سورة النور.

    وفي سر تخصيص الأولين في قوله تعالى:
    (حين تمسون وحين تصبحون) في آية الروم بالتنزيه

    والأخيرين (عشيا وحين تظهرون) بالتحميد، يقول البيضاوي:

    إن تخصيص التسبيح بالمساء والصباح، لأن آثار القدرة والعظمة فيهما أظهر، وتخصيص الحمد بالعشي الذي هو آخر النهار .. والظهيرة التي هي وسطه، لأن تجدد النعم فيهما أكثر'(2) .

    وما جاء في الحواشي الشهابية وكذا ما ذكره الآلوسي من أن هذا يرد عليه عطف ظرف الزمان (عشيا) على المكان
    (في السموات)، وأن هذا وعكسه لا يجوز(3)، جوابه أنه يمكن جعله معطوفا على مقدر أي (وله الحمد في السموات والأرض) دائما (وعشيا)، على أنه تخصيص بعد تعميم، والجملة اعتراضية(4) وعليه يكون العطف في (وحين تظهرون) على قوله قبل: (وحين تمسون وحين تصبحون)، ويكون التخصيص في الثلاث بالتنزيه، وفي العشي بالتحميد.


    (1) الآلوسي 21/45 مجلد 12.
    (2) تفسير البيضاوي 7/380.
    (3) حاشية الشهاب 7/380، والآلوسي 21/45 مجلد 12.
    (4) السابقان.

    وعلى نحو ما جاء الترتيب في تقديم العشي في حال الاستضعاف والخوف - أعني على الوجه الذي تراءى لنا- متناغما مع سياق الآيات التي قدمت فيها ومع نظمها.. يجيىء الترتيب كذلك في تقديم المقابل للعشي عندما يزال ذلك ويستشعر بدلا عنه معاني الأمن والقوة، والأمان والكثرة. ولعلك تجد صدى هذا في حديث القرآن عن أهل الجنة وتحديدا في قوله سبحانه عنهم:

    (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .. مريم/62)

    وفي حديثه عما كان من أمر زكريا عليه السلام عندما
    (خرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا .. مريم/11)

    وفي حديثه عن أهل الإيمان بعد أن مكن الله لهم وذلك في قوله:
    (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا.وسبحوه بكرة وأصيلا ..الأحزاب/41، 42).

    فقد أضحى الذين زحزحوا عن النار وأدخلوا الجنة في مأمن من عناء الدنيا ومن عذاب جهنم
    (لايسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون. لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون .. الأنبياء/102، 103)

    وأضحى زكريا عليه السلام في مأمن عن أعين الرقباء والأعداء، وفي منعة من قومه الذين 'كانوا من وراء المحراب ينتظرونه أن يفتح لهم الباب فيدخله ويصلوا'(1).
    كما تغير حال المؤمنين في المدينة بعد أن تهيىء لهم المجتمع الآمن المستقر، وبعد أن أذهب الله عنهم ما كان بهم من ضعف وصاروا ذوي بأس شديد ومنعة، ويمكن لك أن تستكنه هذه المعاني وتستشعر أنفة العظمة والعزة التي انخلعت على الصحب الكرام، وأنت تقارن ما جاء في آية الأحزاب بما جاء في قوله سبحانه عنهم:

    (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس .. الأنفال/26).

    (1) تفسير أبي السعود 5/258 مجلد 3.
    الأمر الذي يؤكد على أنه حتى عندما يكون أمر تقديم كلمة على كلمة متعلقا بما ذكره العلوي في الطراز تحت باب
    (ما يجوز تقديمه ولو لم يفسد معناه)(1)، فإن بلاغة النظم القرآني تقتضي أن يجيىء التناسق والترتيب بين الكلمات تحقيقا للغرض، وأنه عندما يتغير الغرض من موضع إلى موضع آخر لا جرم يتغير معه ترتيب النظم. وإلا فـ"لو كان القصد بالنظم إلى اللفظ نفسه دون أن يكون الغرض ترتيب المعاني في النفس، ثم النطق بالألفاظ على حذوها لكان ينبغي - كما ذكر شيخ البلاغة - أن لايختلف حال اثنين في العلم بحسن النظم أو غير الحسن فيه لأنهما يحسان بتوالي الألفاظ في النطق إحساسا واحدا ولا يعرف أحدهما في ذلك شيئا يجهله الآخر(2).
    وجه تخصيص طرفي النهار بالذكر دون سواهما:
    ولا يعني هذا العنوان بحال أن يقصر التسبيح لله تعالى على الوقتين ويترك فيما عداهما. بل مراده البحث عن سر إفرادهما بالذكر، وبيان أنهما في ذلك وفي الدلالة على أهميتهما كإفراد التسبيح من بين الأذكار مع اندراجه فيهما لكونه العمدة(3).
    هذا وقد تعددت الأقوال في سر تخصيص وقتي الغداة والعشي بالذكر ليكونا وما في معناهما زمنا لتسبيح الله وتنزيهه دون سائر الأوقات الأخرى. فمن قائل أن الوجه في ذلك:

    (1) ينظر الطراز للعلوي 2/73.
    (2) دلائل الإعجاز تحقيق محمود شاكر ص 51.
    (3) تفسير الآلوسي 22/61 مجلد 12، وينظر 9/224 مجلد 6، والبيضاوي 7/495.

    1- كونهما مشهودين أي يحضرهما ملائكة الليل والنهار، يلتقون فيهما ويتعاقبون على ابن آدم على نحو ما ورد في حديث أبي هريرة بلفظ : 'يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم، وهو أعلم. كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون'(1).
    ولا وجه لما ذكره الشهاب من أن دلالة الحديث على ما ذكر محل نظر(2) على اعتبار أن عروجهم يتنافى مع كون الوقتين مشهورين بحضورهم ، ذلك لأن الحديث نص في الطريقة التي يكونون عليها أثناء حضورهم وشهودهم على بني البشر فضلا عن أنه كذلك نص في الصلاة التي تكون بوقتي الغداة والعشي. إذ ليسا إلا الفجر والعصر كما سبق تقريره، قال ابن بطال فيما نقله عنه ابن حجر:
    'خص هذين الوقتين لاجتماع الملائكة فيهما ورفعهم أعمال العباد لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم'(3).


    (1) أخرجه البخاري 555 ،7429، 7486، 7223، ومسلم 632، والنسائي 1/240، 241، وأحمد 2/486، 257، 344، وابن حبان 1737، ومالك 1/170، والبغوي 380.
    (2) حاشية الشهاب 7/495.
    (3) فتح الباري 2/26.


    2- أنهما مجامع أوقات الصلاة يقول الآلوسي فيما نقله عن بعض أهل العلم: يجوز أن يقال:
    ' تخصيص هذين الوقتين بالذكر دل على اختصاصهما بمزيد شرف، فيصلح ذلك الشرف سببا لتعيينهما للصلاة والعبادة، فإن لفضيلة الأزمنة والأمكنة أثرا في فضيلة ما يقع فيهما من العبادات'.
    ويعلق الآلوسي على ذلك بالقول:
    'وهذا عندي أصفى مما تقدم'(1) يعني من حمل التسبيح على ظاهر معناه من التنزيه والتسبيح لله سبحانه، ويشعر به ما أخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردوديه عن ابن عباس في فضل صلاة الضحى وتعيين وقتها والاستدلال عليها من خلال قوله تعالى:
    (يسبحن بالعشي والإشراق .. ص/18)

    على ما سيأتي بيانه، كما يشعر به ما ورد عن بعض أهل العلم في المراد بالوقتين فقد قال الحسن:
    ' أريد بهما ركعتان بكرة كانتا قد فرضتا بمكة وركعتان مثلهما عشية '(2).
    وقال قتادة: أريد بهما صلاة الغداة -أي الفجر- وصلاة العصر'(3).

    ومن الأحاديث التي وردت في فضلهما وفي تعيين وقتهما قوله- صلى الله عليه وسلم - (4):
    (من صلى البردين(5) دخل الجنة) زاد في رواية مسلم: (يعني العصر والفجر).

    وأصرح منه حديث عمارة بن روبية وفيه: (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)(6) يعني الفجر والعصر، ورواه الشيخان بلفظ: (من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وجبت له الجنة)(7)
    وليس في هذا من الإشكال في الحمل على الحقيقة أوالمجاز.


    (1) الآلوسي 23/257 مجلد 13.
    (2) ينظرالآلوسي 24/118 مجلد 13.
    (3) السابق.
    (4) فيما أخرجه البخاري 574، ومسلم 635، وأحمد 4/80، والدارمي 1/331، وابن حبان1739.
    (5) قال الخطابي فيما نقله عنه ابن حجر سميتا بردين لأنهما تصليان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء ويذهب الحر [ينظر فتح الباري 2/42].
    (6) أخرجه مسلم634وأحمد4/261وأبو داود427وابن أبي شيبة2/386وابن حبان1738.
    (7) أخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع 1/318 برقم 1789 من حديث عمارة بن رويبة أيضا.




    يتبع .....

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. القرآن و النبات
    بواسطة أم محمد في المنتدى علم النبات
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-03-2011, 12:33 AM
  2. القرآن فلاش
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى المنتدي الديني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 16-01-2011, 05:00 AM
  3. قالوا عن القرآن
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى المنتدي الديني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-01-2011, 06:36 PM
  4. التعبير بأقل الالفاظ
    بواسطة البسيط في المنتدى عذب الكلام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-08-2009, 10:37 PM
  5. القرآن كائن حي
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى قسم الكتب الدينية
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 05-07-2009, 09:43 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك