+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 6 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 58

الموضوع: بلاغة القرآن في التعبير بالغدو والعشي والإبكار

  1. #1

    • عبير
    • Guest

    افتراضي بلاغة القرآن في التعبير بالغدو والعشي والإبكار



    إخوتي الأحبة في الله
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    أسعد الله أوقاتكم
    وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

    هذا مقال من إعداد الدكتور

    ( محمد محمد عبد العليم دسوقي )

    بعد اطلاعي عليه ارتيأت وضعه في هذا القسم من هذا الملتقى الخير
    وهو تحت عنوان




    من بلاغة القرآن في التعبير بالغدو والآصال والعشي والإبكار

    المقدمة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد :
    فما من شك فى أن معرفة مواضع ودلالات الألفاظ فى سياقاتها، وبخاصة ما اشتجر القوم فيه واشتد الخلاف على دلالته .. يتوقف أولأًً على تحرير معاني تيك الألفاظ في معجمات العربية وقواميسها، كما أن تدبر مواقع لفظة ما، بغية الوقوف على دلالتها ومدى أثرها في نسق الذكر الحكيم، هو من النصيحة لكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وتدعونا هذه التوطئة لأن أقرر أن الحديث عن سر مجيىء النظم الكريم معبَّراً فيه عن الطرف الأول للنهار بـ (الغدو) تارة، وبـ (قبل طلوع الشمس) أخرى، وبـ (الإبكار) ثالثة، وبـ (بالإشراق) رابعة، ومجيؤه معبّراً فيه عن الطرف الثاني بـ (العشي) تارة، وبـ (قبل الغروب) أخرى، وبـ (الآصال) ثالثة .. وكذا الحديث عن مقابلة (العشي) بـ (الإبكار) تارة وبـ (الغداة) أخرى وبـ (الإشراق) ثالثة، (ومقابلة (البُكرة) ببعض ما ذُكر تارة وبـ (الأصيل) أخرى .. وكذا مجيؤ تلك المفردات معرّفةً في بعض الأحيان ومنكرةً في بعضها الآخر إلى غير ذلك .. لهو مما يستدعي بل يستوجب الوقوف على أسباب هذا التنوع وعن أسرار مجيئه على الصورة التي ورد عليها، ذلك أن الألفاظ في هذا وما جاء على شاكلته "تختلف ولا تراها إلا متفقة وتفترق ولا تراها إلا مجتمعة، وتذهب في طبقات البيان وتنتقل في منازل البلاغة، وأنت لا تعرف منها إلا روحاً تداخلك بالطرب وتُشرب قلبك الروعة، وتنتزع من نفسك حس الاختلاف الذي طالما تدبرت به سائر الكلام وتصفحت به على البلغاء في ألوان خطابهم وأساليب كلامهم


    يتبــع


    كلمات البحث

    راعي عام زراعه عامة .انتاج حيواني .صور زراعية .الصور الزراعية .هندسة زراعية.ارانب. ارنب.الارنب.خضر.خضار.خضر مكشوفة.محصول.محاصيل.المحاصيل.ابحاث زراعية.بحث زراعي.بحث مترجم.ترجمة بحثية.نباتات طبية.نباتات عطرية.تنسيق حدائق.ازهار .شتلات.افات.افة.الافة.حشرات.حشرة.افة حشريا.نيماتودا.الديدان الثعبانية.قمح.القمح.الشعير.الارز.ارز.اراضي طينية. اراضي رملية.برامج تسميد.استشارات زراعية .برامج مكافحة.امراض نبات .الامراض النباتية.مرض نباتي.فطريات .بكتيريا.كيمياء زراعية .الكيمياء الزراعيه.تغذية .التغذية.خضر مكشوفة.صوب زراعية.السمك.زراعه السمك.مشتل سمكي. زراعة الفيوم.مؤتمرات زراعية.مناقشات زراعية.التقنية.براتمج نت.برامج جوال.كوسة, خيار,طماطم.بندورة.موز.بطيخ؟خيار.صوب.عنكبوت.ديدان.بياض دقيقي.بياض زغبي.فطريا



  2. #2

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وطبقات نظامهم مما يعلو ويسفل أو يستمر وينتقض أو يأتلف ويختلف ، فأنت ما دمت في القرآن حتى تفرغ منه، لا ترى غير صورة واحدة من الكمال وإن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب وموضع التأليف وألوان التصوير وأغراض الكلام (1).

    وقد كان دافعي لخوض غمار هذا البحث مع الرغبة في استجلاء أسرار التنوع فيما ذكرت، واستكناه الحكمة من وراء اصطفاء هذين الوقتين وانفرادهما - دون سواهما – بالذكر ندرة بل لا أبالغ إن قلت انعدام تخصيصه - فيما أعلم - بدراسة مستقلة تكشف عن هذا الكم غير القليل من المترادفات والمتقابلات، ومن عجيب ما لاحظت أن الدراسات التي عنيت بالبحث عن مثل هذا، وحتى التي تناول مصنفوها ما اشتبه من النظم، وأفردوا لأجله العديد من الكتب والمجلدات من نحو ما فعله الإسكافي في كتابه
    (درة التنزيل وغرة التأويل)
    والدامغاني في كتابه (الوجوه والنظائر)
    والغرناطي في كتابه (ملاك التأويل)
    لم تعرض هي الأخرى لشيئ من ذلك، الأمر الذى دعاني للاعتماد كلية بعد الله أولا، على ما كتبه أهل التأويل على الرغم من تحفظي على كثير مما ذكروه في هذا الصدد


    يتبــع

  3. #3

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    هذا وقد اقتضى الحديث عن طرفي النهار في النسق الكريم وعن طرائق التعبير عنهما وسر تنوعها، أن تأتي تلك الدراسة في ثلاثة مباحث تناول أولها مدلولات هذه الألفاظ وأسباب تنوعها وتخصيصها بالذكر دون سائر الأوقات الأخرى، وجاء ثانيها متحدثا عما خص به هذان الوقتان من أمر التسبيح وما إذا كان المعنى فيه محمولا على ظاهره المعروف في اصطلاح التخاطب من التنزيه ومن قول (سبحان الله) أم غير ذلك من معانيه المستعمل فيها على جهة المجاز، كما تطرق المبحث الثالث للحديث عن المقامات التي ورد فيها التعبير عن طرفي النهار وكيف جاء كل منها متناغما مع ما ناسبه من هذه المتقابلات، ومع ما تلاءم وكان منه بسبب من تعريف أو تنكير ومن تقديم أو تأخير.
    والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

    المبحث الأول :

    مدلولات الألفاظ الواردة في معنى طرفي النهار وسر تنوعها وتخصيصها بالذكر

    مما تجدر الإشارة إليه أنه لا غناء عند تناول أي من الموضوعات التي تتنوع طرق الحديث عنه، من الوقوف أولا على معاني المفردات المعبرة عنه، وبخاصة عندما يتم التقابل بين بعضها البعض، إذ بغير الوقوف على دلالة هذه المتقابلات، بل وعلى دلالة كل مفردة مما احتوته واشتملت عليه لا يتسنى بحال استكناه ما بسياقاتها، ولا بحث ما بأسرار تنوعها وبلاغة مواقعها.
    والحق أن المفردات التي عبر بها عن طرفي النهار وقوبلت بأضدادها تمثل في موضوعنا هذا لآلئ متقابلة، نثرت حباتها المتطابقة في النسق الكريم هنا وهناك، في نظام بديع هو غاية في الدقة والإحكام.

    يتبــع

  4. #4

    • د ربيع غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,030

    افتراضي

    الأخت الفاضلة عبير الخير
    دائما ما تنتقى موضوعات جميلة و خير الكلام هو القرآن و هل هناك بلاغة فى كلام أبلغ من كتابة القرآن
    إن الكلام فى هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات
    تحياتى لك
    د ربيع

  5. #5

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    تحرير القول في معنى ما ورد في طرفي النهار:

    ولتكن البداية تتبعاً لمعاني أكثر هذه الألفاظ وروداً في النظم القرآني، وهي كلمة (العشي) .. فقد وردت هذه الكلمة المراد بها آخر النهار في مقابلة أوله تسع مرات، أربعا منها قوبلت بـ (الإبكار)
    وذلك في قوله سبحانه: (واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار ) (آل عمران/41)، وقوله:
    (فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشياً (مريم /11)، وقوله:
    (لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) (مريم /62)، وقوله:
    (واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) (غافر/55)
    وثلاثا قوبلت فيها بلفظة (الغدو)، وهي قوله:
    (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) (الأنعام/52) وقوله:
    (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) ( الكهف/28) وقوله :
    (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً) (غافر/46)
    كما قوبلت مرة بـ (الإشراق)، وذلك في قوله:
    (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق (ص/18) وأخرى بالإظهار وذلك في قوله:
    (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون) (الروم/17،18)
    وقدمت كلمة (العشيّ) في هذه المرات التسع أربع مرات، وتأخرت عن أضدادها في الخمس المتبقية.
    والعشي في أصله من العشا وهو سوء البصر بالليل والنهار من غير عمى، ويكون في الناس والدواب والإبل والطير^يقال: (ركب فلان عُِشوة): إذا باشر أمراً على غير بيان^ومن أمثالهم السائرة:
    (هو يخبط خبْط عشواء)، يُضرب مثلاً للسادر الذي يركب رأسه، ولا يهتم لعاقبته، كالناقة العشواء التي لا تبصر فهي تخبط بيديها كلّ ما مرت به، وشبه زهير في قوله: رأيت المنايا خبْط عشواء من تُصبْ تُمِتْه ومن تخطىء يُعَمِّر فيهرِم شبه المنايا التي مُثّلت في صورة شاخصة للعيان وهي تطيح بكل ما اعترض طريقها فتأخذه دون ما مساءلة ودون ما استثناء، بالجمل الذي يخبط خبط عشواء .. وتتعدى تلك المفردة بنفسها فيقال: عشوته أي قصدته ليلاً، وتُعدى بـ (إلى) كما في قولهم: ( عشا إلى النار وعشاها)، إذا أتى ناراً للضيافة واستدل عليها ببصر ضعيف، و(عشا الرجل إلى أهله يعشو)، إذا علم مكان أهله فقصد إليهم أول الليل، كما تُعدى بـ (عن) إن صدر عنه إلى غيره كما في قول الله تعالى:
    (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين) (الزخرف/36)
    قال الفراء: معناه من يعرض عن ذكر الرحمن. قال: ومن قرأ (يَعْشَ عن ذكر الرحمن) فمعناه من يعمَ عنه، وقيل أي يظلم بصره^. فالمادة على ما هو متضح تدور حول ضعف الرؤية وقِصر النظر في البصر أو في البصيرة، ومن ثمّ أطلقت على ما يتحقق فيه ذلك في الحال أو الزمان، فإذا زالت الشمس فتحول الظلّ شرقياً وتحولت الشمس غربية دعي ذلك الوقت (العشي)، كذا قال أبو الهيثم فيما نقله عنه صاحب اللسان، وقال الأزهري فيما نقله عنه أيضاً: (يقع العَشِي على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، فإذا غابت فهو العِشاء)^. وهذا فيما أرى أدق مما ساقه صاحب اللسان وصاحب بصائر ذوي التمييز بأسلوب التضعيف^، بل وساقه الأصفهاني بدونه من أنه (من زوال الشمس إلى الصباح)، حيث أفرده الأخير بالذكر في الدلالة على هذا المعنى ولم يذكر غيره فإن ذلك يرد عليه ما أفاده سياق الآيات التي جاءت فيها هذه المفردة مع ما قابلها، حيث وقع التسبيح فيهما عطفاً على الذكر المطلق كما في نحو قوله تعالى:
    (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراُ وسبحوه بكرة وأصيلاً) (الأحزاب/41، 42)
    والعطف - على ما هو معلوم - يقتضي المغايرة، وعليه فالمعنى- والله تعالى أعلم بمراده-
    اذكروا الله أيها المؤمنون في كل وقت وخصوا هذين الوقتين بما هو أدل على كمال نعمته ودلائل قدرته وعجيب صنعه بتنزيهه تعالى وتسبيحه. كما يرد عليه الآية الكريمة:
    (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال) (الرعد/15)
    إذ وقوع الآصال الذي يفيده، في مقابلة ما يقابله غالباً وهو (الغدو)، يشير إلى تعيين المراد من العشي، ويوجب أن يكون المراد به ما قبل غروب الشمس لان ظلال الأشياء لا تحدث - كما هو متعالم لدى الخاصة والعامة- إلا فيما بين طلوع الشمس وغروبها. ويردعليه كذلك قوله تعالى:
    (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل ) (هود/114)
    لأن الإقامة: وهي إيقاع العمل على ما يستحقه، تقتضي أن يكون المراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة.

    يتبـع

  6. #6

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    فالطرفان ظرفان لإقامة الصلاة المفروضة، فعلم أن المأمور إيقاع صلاة في أول النهار وهي الصبح، وصلاة في آخره وهي العصر، ويكون ذلك هو المراد من الغداة والعشي الذي كثر ورودهما في آي التنزيل وفي السنة المطهرة ( والزلف جمع زلفة)، وهي الساعة القريبة من أختها، وهذا أيضاً يُعلم منه أن المأمور به، إيقاع الصلاة في طائفة من الليل الذي يبدأ من صلاة المغرب وهي - بالطبع- غير الصلاة التي في طرفي النهار(1)
    وفي بصائر ذوي التمييز قوله:

    (وأقم الصلاة طرفي النهار)

    أي الغداة والعشي(2) وفيه: قوله تعالى:

    (طرفي النهار) أي الفجر والعصر(3)

    روي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك ونص عليه الزمخشري والبيضاوي(4) واستظهره أبو حيان بناء على أن طرف الشيئ يقتضي أن يكون من الشيئ، والتزم أن أول النهار من الفجر(5). وعليه فقد وجب - على حد قول الرازي- حمل الطرف الثاني على صلاة العصر(6)، فيكون المراد

    (1) التحرير 12/179 من المجلد 6 بتصرف.
    (2) البصائر 3/503 وينظر الكشاف 2/296.
    (3) البصائر 3/503.
    (4) ينظر الكشاف 4/200 وتفسير البيضاوي بحاشية الشهاب6/256والآلوسي 12/234 مجلد 7.
    (5) ومن جعله من طلوع الشمس، عدّ الصبح كالمغرب طرف مجازي،وجعْله حقيقة فيهما، هو من زخرف القول لما ذكرنا من أدلة.
    (6) مفاتيح الغيب 8/631 .


    فيكون المراد به العشي، إذ ليس قبل غروب الشمس سواه.
    وأصرح من ذلك في دلالة (الطرف الثاني) على (العشي) المأمور فيه بالتسبيح، قوله تعالى في ذات الأمر، وفي إطلاقه على نفس الوقت:
    (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) (طه/130)
    وقوله في سياق مماثل:

    (وقبل الغروب) (ق/39)

    إذ ليس قبل الغروب- لتأدية ما صدر الأمر به في العشي من تسبيح- خلا العصر، وعليه فإنه لا يجوز أن يكون المراد من (العشي) صلاة المغرب، على ما هو المختار لدى الطبري وغيره والمروي عن ابن عباس، لأن ما ذكروه يعكر صفوه الأدلة التي سقناها، وكونها داخلة تحت قوله تعالى:

    (وزلفا من الليل)(1)

    اللهم إلا على سبيل الحمل على المجاز فإنه يسوغ حينذاك، لأن ما يقرب من الشيئ يجوز أن يطلق عليه اسمه(2) ولعل الذي حدا بمن ذهب إلى هذا لأن يقول به، ويجعله أحد قولين مشهورين في معنى التسبيح بالغدو والآصال كما سيأتي بيانه، تعذر العمل بظاهر هذه الآية لإجماع الأمة على أن إقامة الصلاة في ذلك الوقت غير مشروعة، فتعين من ثمّ تفسير الطرف الثاني بصلاة المغرب ، وجوابه أن هذا التعين محمول على المجاز، وذلك لا يمنع من أن يكون مراده على الحقيقة هو العصر، وعليه فإن كان النهار في أول الفجر إلى غروب الشمس فالمغرب (طرف)، مجازا وهو حقيقة طرف الليل، وإن كان من طلوع الشمس إلى غروبها فالصبح كالمغرب طرف مجازي(3) والحقيقة فيه هو ركعتا الضحى، يعضد هذا قوله سبحانه في حق داود عليه السلام :

    (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) (ص /18)

    وكذا ما ورد من الآثار ومن أدلة السنة المطهرة مما يفيد أن الإشراق مراد به صلاة الضحى.

    (1) مفاتيح الغيب 8/631 بتصرف.
    (2) السابق.
    (3) الآوسي 12/234 مجلد 7وينظرالوجوه والنظائر للدامغاني 2/49.


    كما يرد عليه الآية الكريمة:

    (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال)(الرعد/15)

    إذ وقوع الآصال الذي يفيده، في مقابلة ما يقابله غالباً وهو (الغدو)، يشير إلى تعيين المراد من العشي، ويوجب أن يكون المراد به ما قبل غروب الشمس لان ظلال الأشياء لا تحدث - كما هو متعالم لدى الخاصة والعامة- إلا فيما بين طلوع الشمس وغروبها، ويردعليه كذلك قوله تعالى:

    (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل) (هود/114)

    لأن الإقامة : وهي إيقاع العمل على ما يستحقه، تقتضي أن يكون المراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة، فالطّرفان ظرفان لإقامة الصلاة المفروضة، فعلم أن المأمور إيقاع صلاة في أول النهار وهي الصبح، وصلاة في آخره وهي العصر، ويكون ذلك هو المراد من الغداة والعشي الذي كثر ورودهما في آي التنزيل وفي السنة المطهرة - والزلف جمع زلفة- وهي الساعة القريبة من أختها، وهذا أيضا يُعلم منه أن المأمور به، إيقاع الصلاة في طائفة من الليل الذي يبدأ من صلاة المغرب وهي بالطبع غير الصلاة التي في طرفي النهار(1).

    وفي بصائر ذوي التمييز: قوله:

    (وأقم الصلاة طرفي النهار) أي الغداة والعشي(2).

    وفيه قوله تعالى:

    (طرفي النهار) أي الفجر والعصر(3).

    رُوي ذلك عن الحسن وقتادة والضحاك ونص عليه الزمخشري والبيضاوي(4) واستظهره أبو حيان بناء على أن طرف الشيئ يقتضي أن يكون من الشيئ، والتزم أن أول النهار من الفجر(5). وعليه فقد وجب - على حد قول الرازي- حمل الطرف الثاني على صلاة العصر(6)، فيكون المراد

    (1) التحرير 12/179 من المجلد 6 بتصرف.
    (2) البصائر 3/503 وينظر الكشاف 2/296.
    (3) البصائر 3/503.
    (4) ينظر الكشاف 4/200 وتفسير البيضاوي بحاشية الشهاب6/256والآلوسي 12/234 مجلد 7

    (5) ومن جعله من طلوع الشمس، عد الصبح كالمغرب طرف مجازي،وجعْله حقيقة فيهما، هو من زخرف القول لما ذكرنا من أدلة به العشي، إذ ليس قبل غروب الشمس سواه.

    (6) مفاتيح الغيب 8/631 .


    يتبــع


  7. #7

    • عبير
    • Guest

    افتراضي


    وأصرح من ذلك في دلالة (الطرف الثاني) على (العشي) المأمور فيه بالتسبيح، قوله تعالى في ذات الأمر، وفي إطلاقه على نفس الوقت :

    ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) (طه/130)

    وقوله في سياق مماثل:

    (وقبل الغروب) ( ق/39)

    إذ ليس قبل الغروب- لتأدية ما صدر الأمر به في العشي من تسبيح- خلا العصر، وعليه فإنه لا يجوز أن يكون المراد من (العشي) صلاة المغرب، على ما هو المختار لدى الطبري وغيره والمروي عن ابن عباس، لأن ما ذكروه يعكر صفوه الأدلة التي سقناها، وكونها داخلة تحت قوله تعالى:

    (وزلفاً من الليل)(1)

    اللهم إلا على سبيل الحمل على المجاز فإنه يسوغ حينذاك، لأن ما يقرب من الشيئ يجوز أن يطلق عليه اسمه(2)
    ولعل الذي حدا بمن ذهب إلى هذا لأن يقول به، ويجعله أحد قولين مشهورين في معنى التسبيح بالغدو والآصال كما سيأتي بيانه، تعذر العمل بظاهر هذه الآية لإجماع الأمة على أن إقامة الصلاة في ذلك الوقت غير مشروعة، فتعين من ثم تفسير الطرف الثاني بصلاة المغرب ، وجوابه أن هذا التعين محمول على المجاز، وذلك لا يمنع من أن يكون مراده على الحقيقة هو العصر.
    وعليه فإن كان النهار في أول الفجر إلى غروب الشمس فالمغرب (طرف) مجازا ، وهو حقيقةً طرف الليل، وإن كان من طلوع الشمس إلى غروبها فالصبح كالمغرب طرف مجازي(3)
    والحقيقة فيه هو ركعتا الضحى، يعضد هذا قوله سبحانه في حق داود عليه السلام :

    (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) ( ص /18)

    وكذا ما ورد من الآثار ومن أدلة السنة المطهرة مما يفيد أن الإشراق مراد به صلاة الضحى.

    (1) مفاتيح الغيب 8/631 بتصرف.
    (2) السابق.
    (3) الآوسي 12/234 مجلد 7وينظرالوجوه والنظائر للدامغاني 2/49.



    والأصيل هو في معنى ما ذكر، يقول الزمحشري:
    الآصال جمع أُصُل وهي العشي(1)، وإن كان من فرق بينهما فيكمن في أنه يتوسع في العشي بما لا يتوسع في الأصيل، وفي اللسان:

    الأصيل: العشي

    والأصيل: الوقت بعد العصر إلى المغرب(2) والجمع أُصُلٌ وأُصلان ، قال الزجاج :
    آصال جمع أُصُل فهو على هذا جمع الجمع(3)، وإنما سمي كذلك لالتصاقه واتصاله بما هو الأصل لليوم التالي وأوله وقالوا في تصغير الأصيل أصيلانُ وأصيلال على البدل، أبدلوا من النون لاماً، ومنه قول النابغة:

    وقفتُ فيها أصيلالاً أسائلها عيَّت جواباَ وما بالربع من أحد(4)

    (1) الكشاف 3/68.
    (2) لسان العرب 1/89.

    (3) وحاصل ما ذكره وغيره في (آصال) أنها جمع أُصُل، وأُصُل جمع أصيل فهي بذلك جمع الجمع، أو هي جمع أصيل كيمين وأيمان، أو هي جمع أُصُل مفردا كعنق وأعناق وهذه تجمع أيضا على أُصلان.

    (4) لسان العرب 1/89 وينظر الكشاف 3/68ومفاتيح الغيب 11/594 ونظم الدرر3/179 والتحرير 9/242 مجلد 5 ومفردات الراغب ص19 والوابل الصيب ص192 والآلوسي 9 /224مجلد 6، 18/258 مجلد 10.


    ومحصلة ما ذكر أن وقت (العشي) و(الأصيل) هو ما بعد صلاة العصر إلى ما قبيل غروب الشمس وتلك هي حقيقتهما على ما تقضي به لغة العرب و تفيده سياقات الآيات الوارد فيها ذان اللفظان ، وإذا ما أُطلقا - سيما الأخير منهما - على ما بعيد غروب الشمس وهو ما يوافق صلاة المغرب، فإنه يكون على سبيل المجاز المرسل لعلاقة المجاورة، وقد يكنى بهما عن استغراق الشطر الثاني للنهار إذا اقتضاه المقام وأومأ إليه السياق(1).


    (1) وأغرب من قال بأن معنى (العشي) هو ما كان وقتا لصلاة الظهر قاله مجاهد ومحمد بن كعب القرظي وابن عطية، لـ"أن في جعل الظهر من الطرف الثاني خفاء، وإنما الظهر نصف النهار، والنصف - على حد قول صاحب روح المعاني- لايسمى طرفا إلا بمجاز بعيد [تفسير الآلوسي 12/234من المجلد 7]

    وأُضيف بأن لو كان هذا صحيحا لما كان هناك معنى للعطف في قوله تعالى:

    (وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون ) ( الروم/18)

    إذ يصير من عطف الشيىء على نفسه، وهو مما لا يسوغ القول به، و أغرب منه للسبب ذاته ما ذكرناه من حده من الزوال إلى الصباح- كذا فعل الراغب في المفردات (ص 335) دون أن يذكر غيره، وابن عاشور في التحرير
    - 7/247من المجلد 4- الذي ناقض نفسه فذكر في قوله تعالى:

    (يسبحن بالعشي والإشراق)

    وقوله:

    (إذ عرض عليه بالعشي) (ص/31)

    أنه ما بعد العصر إلى الغروب [ينظر التحرير 23/228 مجلد 11،
    23/254 مجلد 11].




    يتبــع

  8. #8

    • د. محمد سعيد عيسى غير متواجد حالياً
    • مشرف

    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    العمر
    75
    المشاركات
    1,147

    افتراضي



    عبير الفردوس
    حقا إنه التميز بأبهى صوره
    سلمتى وسلم قلمك
    وجعل الله ذاك العرض ذادا لكى وقت الشدائد

  9. #9

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    الفاضل
    د/ محمد سعيد عيسى

    شكر الله لك كلامك الخير
    أطيب دعاء هو ما دعوت لي به سيدي
    ولك مني مثله إن شاء الله

    جزاك الله كل خير


  10. #10

    • عبير
    • Guest

    افتراضي

    وابتناء على ما سبق ذكره يكون وقت الغداة والإبكار، والمراد منهما حقيقة:
    الطرف الأول من النهار، وهو ما يكون من النهار من أول الفجر إلى ما قبيل طلوع الشمس إذ هو المقابل للطرف الثاني منه، و يطلق على ما بعيد ذلك على سبيل المجاز لعلاقة المجاورة أيضاً، وقد يكنى بهما كذلك عن الاستغراق لجميع أجزاء الشطر الأول من النهار إذا اقتضى المقام ذلك وأملاه السياق ، يقول ابن منظور :

    "الغُدوة بالضم: البُكرة. وهي ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس ، والغداة كالغدوة وجمعها (غدوات) "

    وقال الليث:" الغُدوة جمعٌ مثل الغدوات، والغُدى جمع غُدوة ، وأنشد (بالغُدى والأصائل)".

    وقالوا: إني لآتيه بالغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على الغدايا ولكنهم كسَّروه على ذلك - أي جمعوه جمع تكسير- ليطابقوا بين لفظه ولفظ العشايا، وليزاوجوا بينهما، فإذا أفردوه لم يكسِّروه ، ويستعمل مصدراً، يقال:
    غدا عليه غَدْوة وغُدُوّاً، واغتدى: بكَّر، والاغتداء (الغدو)، وغاداه باكره وغدا عليه ، وقوله تعالى:
    (بالغدو والآصال)
    أي بالغدوات(1)، فعبر بالفعل عن الوقت - إذ الأصل فيه : يغدون بالتسبيح أول النهار أي بعيد طلوع الفجر- كما يقال: أتيتك طلوع الشمس أي وقت طلوع الشمس، ويقال: غدا الرجل يغدو فهو غادٍ، وفي الحديث:
    (لغدوة أوروحة في سبيل الله..)، والغدوة: المرة من الغُدُوِّ وهو سير أول النهار، نقيض الرواح(2)".

    (1) وفي حال جعل (غدو) مصدراً لا جمعاً. يقدر معه مضاف مجموع أي أوقات الغدو، ليطابق قوله (الآصال) كذا في روح المعاني 9/224 مجلد 6.
    (2) اللسان 6/3220، 3221 بتصرف وينظر تمييز ذوي البصائر 4/122 والرازي 7/424 والآلوسي 9/224 مجلد 6.

    ويكشف - رحمه الله - في كتابه لسان العرب عن معنى البكرة مفصحاً عن مرادفتها لصاحبتها فيقول: إنها تعني "الغداة .. والبكور والتبكير: الخروج في ذلك الوقت، والإبكار: الدخول فيه، قال سيبويه: لا يستعمل إلا ظرفاً، والإبكار كالإصباح هذا قول أهل اللغة، وعندي - والكلام لا يزال لابن منظور- أنه مصدر أبكر،(1) وبكَرَ على الشيئ وإليه يبكر بكوراً، وبكّر تبكيراً وابتكر وأبكر وباكره: أتاه بكرة .. وكلُّ من بادر إلى شيئ فقد أبكر عليه، وبكّر أي وقت كان، يقال: بكِّروا بصلاة المغرب أي صلوها عند سقوط القرص، وقوله تعالى: (بالعشي والإبكار) جعل الإبكار وهو فعل، يدل على الوقت وهو البُكرة – يريد أنه كسابقه، الأصل فيه: يبكرون بالتسبيح أول النهار أي بُعيد طلوع الفجر- والباكور من كلّ شيئ المعجل المجيئ والإدراك وبَكْرُ كل شيئ أوله"(2) ومنه قوله تعالى :

    (ولقد صبّحهم بكرة عذاب مستقر...القمر /38) يعني أول النهار وباكره(3).

    فالمادة على هذا تدور حول معنى الإسراع والمبادرة والمعاجلة في أول الوقت وهي إن نُوّنت صارت ظرفاً أو مصدراً، وأريد بها وقت الغدوة، وفي معنى ذلك يقول الراغب:
    "أصل الكلمة هي البُكرة التي هي أول النهار فاشتق من لفظه لفظ الفعل فقيل: بَكَرَ فلان بكوراً إذا خرج بُكرة، وتُصُوِّر منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار"(4).


    (1) وعليه فإذا قوبل بالعشي كان على تقدير: وقت الإبكار، واللفظان (بكرة وعشياً) هما على أيّ حال معربان غير منصرفين، ويطلقان ظرفاً وعلماً للجنسية على وقتيهما سواء قصد تعيينهما ليوم معين أو لم يقصد، ويجوز تنوينهما على الحالين اتفاقاً [ينظر البحر 2/ 453 ودراسات لأسلوب القرآن د/ عضيمة 9/ 727].
    (2) اللسان1/332 وينظر مفاتيح الغيب 4/205.
    (3) الكشاف 4/401.
    (4) المفردات ص57

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 6 1 2 3 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. القرآن و النبات
    بواسطة أم محمد في المنتدى علم النبات
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-03-2011, 12:33 AM
  2. القرآن فلاش
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى المنتدي الديني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 16-01-2011, 05:00 AM
  3. قالوا عن القرآن
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى المنتدي الديني
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-01-2011, 06:36 PM
  4. التعبير بأقل الالفاظ
    بواسطة البسيط في المنتدى عذب الكلام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-08-2009, 10:37 PM
  5. القرآن كائن حي
    بواسطة كريم يحيى في المنتدى قسم الكتب الدينية
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 05-07-2009, 09:43 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك