ويقولون لمَنْ أتى الذنبَ مُتعَمِّداً: أخطأ، فيُحَرِّفون اللفظَ والمعنى
لأنه لا يقال أخطأ إلا لمَنْ لم يتعمد الفعلَ، أو لمَن اجتهد فلم يُوافِق الصوابَ
وإياه عَنى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله:
(إذا اجتهدَ الحاكمُ وأخطأ فلَه أجْر)..
وإنما أوجبَ له الأجرَ عن اجتهاده في إصابة الحقّ الذي هو نوع من أنواع العبادة،
فأما المُتَعَمِّدُ الشيء فيقال له: خَطِئَ فهو خاطِئٌ والمصدر الخِطْء بكسر الخاء وإسكان الطاء
كما قال تعالى:
((إنّ قَتْلَهُم كان خِطْئاً كَبيراً))
وقال الحريريّ رحمه الله تعالى:
لا تخطُوَنّ الى خِطْءٍ ولا خَطأٍ * مِن بعدِ ما الشّيبُ في فَوْدَيْكَ قد وَخَطا
وأيُّ عُذْرٍ لمَنْ شابتْ مَفارِقُهُ * إذا جرى في مَيادينِ الهَوى وَخَطا
ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات:
ما أبيضَ هذا الثوبَ وأعورَ هذا الفرس.
وذلك غلَطٌ، لأن العرب لم تَبْنِ فعل التعجب إلاّ من الفعل الثلاثي الذي خصّتْه بذلك لخفته.
والغالب على أفعل الألوانُ والعيوبُ التي يدركها العِيانُ
فإن أردتَ التعجب من بياض الثوب قلت:
ما أحسنَ بياضَ هذا الثوب وما أقبحَ عَوَرَ هذا الفرس.
قلت: يجوز أن تقول:
ما أبيضَ هذا الطائر، إذا تعجبتَ من كثرة بَيْضِه، لا من بَياضِه.
ويقولون: جاء القومُ بأجمَعِهم
لتوهم أنه أجمَع الذي يؤكَّدُ به في مثل قولهم :
هوَ لكَ أجمَع، والاختيار أن يقال بأجمُعِهم، بضم الميم
لأنه مجموعٌ جُمِع فكان على أفْعُل، كما يقال فرْخ وأفْرُخ، وعبْد وأعْبُد
ويدل على ذلك أيضاً إضافته الى الضمير وإدخالُ حرف الجرّ عليه.
مواقع النشر (المفضلة)