أما الاتجاه الواقعي فكان قد ماز التجربة التشكيلية الروسية منذ بواكيرها الأولى سواء كانت تلك الواقعية موظّفة في خدمة التوجّهات السياسية الرسمية للدولة السوفييتية، أم كانت إخلاصاً فنّياً مارسه الفنان على قماش اللوحة وفق رؤاه الجمالية وقناعاته الفكرية.
فالفنان الروسي ماليافين أبدع أعماله قبل وصول البلاشفة إلى الحكم، وقد كانت الحياة الفلاحية الروسية موضوعه الأثير إذ رسم حشداً من صور الفلاحات الروسيات بوجوههنّ الطافحة (السمينة) وعيونهنّ الضيّقة وثيابهنّ الطويلة بألوانها القوية الحمراء والخضراء والخاضعة لما يسمّى بالذوق الفلاّحي.
ومع ذلك استطاع من خلال هذا الذوق الفلاحي أن ينشئ مهرجاناً فذّاً من البذخ اللوني والحفاوة الاستثنائية يجعل الألوان تقيم تجادلاتها الحادة فيما بينها من أجل تحريك المشهد، وضخّ كميّة كبيرة من البهجة والفرح والمشاعر القوية في جميع أرجاء اللوحة.