تستند هذه المدرسة التي ظهرت مع إميل زولا سنة1880 إلى العلوم البيولوجية والفلسفة التجريبية وأعمال داروين وكلود برنار وتين.
ويقرن زولا الأدب بالملاحظة والتجريب؛ وذلك بدراسة الشخصية في إطارها المكاني والزماني باستعمال التجربة وتكرارها قصد ملاحظة السلوك الإنساني الذي يخضع لما هو فردي واجتماعي قصد الوصول إلى الحقيقة والمعرفة الصادقة في فهم الشخصية وتفسيرها.
أي أن الفن الطبيعي هو الذي ينقل لنا الأحداث كما تقع في الطبيعة ودراسة آلياتها مع التحكم فيها من خلال تغيير العوامل المكانية والظرفية دون إبعاد قوانين الطبيعة.
وكل هذا من أجل معرفة الإنسان معرفة علمية بسلوكه الفردي والاجتماعي ودراسة أهوائه ونوازعه.
وقد بنيت الدراما الطبيعية على الاستقراء السيكولوجي والملاحظة الموضوعية لإيجاد حلول علاجية لشخصيات مرضية كأن المسرح علاج وشفاء تطهيري للأفراد والجماعات. وأصبح المسرح يبحث عن العلاج لكل الأدواء والجروح الاجتماعية. وكانت المسرحيات تقدم الحياة في ثوبها الطبيعي ولكن بطريقة فنية. وكانت كل العناصر الدرامية في المسرح الطبيعي تسعى إلى تطوير فعالية رسم القيم والأخلاق كما نجد في نصوص هنري بيك Henry Becque.
ومع المدرسة الطبيعية، ظهر المخرج بالمفهوم المعاصر. أما قبل ذلك، فكانت العملية الإخراجية يتكلف بها الكاتب أو الممثل الرئيسي حيث يقرأ النص ثم يوجه الممثلين أو الديكوري ويطبع لمجموعة العرض أسلوبا منسجما مرتجلا.
ولقد فرض تعدد الاختصاصات والبحث عن الواقعية الحقيقية وتطفل الكتاب على المسرح إيجاد مخرج متخصص في المسرح. ويعد دوق جورج الثاني Duc George بساكس مينشن Saxe- Meiningen بألمانيا الذي كان يسير مسرحه بمينشن أول مخرج حقيقي إذ كان يعتمد أسلوبا سلطويا وكان له تاثير على عدة أجيال.
وفي فرنسا، يعتبر أندري أنطوان André Antoine أول مخرج مسرحي الذي أخرج للمسرح الحر عدة مسرحيات طبيعية وكان يوجه ممثليه إلى تدقيق التفاصيل والسير بهم نحو تقليد وفي للحياة.
وقد ساهمت الواقعية السيكولوجية في تطوير المسرح ودراسة الشخصية دراسة سيكواجتماعية ولاسيما الشخصيات المعقدة والمركبة مع النرويجي هنريك إبسن Henrik Ibsen والسويدي أوغوست شتريندبرغ August Strindberg اللذين يعدان المؤسسين الحقيقيين للمسرح المعاصر.
وفي روسيا، ازدهر المسرح الواقعي في القرن 18م مع أوطروفسكي Ostrovski وجوجول Gogol؛ بيد أن الواقعية ستهيمن على المسرح الروسي مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي حيث سنجد مجموعة من الطبيعيين أمثال:
ليوتولوستوي وماكسيم كوركي وأنطوان تشيكوف وكذلك قسطنطين ستانيسلافسكي الذي أنشأ مسرح الفن بموسكو، وطور طريقة في التمثيل تعتمد على الاقتصاد في الإكسسوارات والتمسك بالواقعية الحقيقية في إظهار العواطف الحقيقية لدى الممثلين كما قدم مسرحيات طبيعية، ولا ننسى كذلك تشيكوف الذي حقق نجاحا كبيرا.
ظهرت الرمزية بعد هزيمة حرب1870 و مع الثورة ضد القيم البورجوازية المادية والتأثر برؤية الموسيقي الألماني ريشارد فاجنرRichard Wagner.
و يرى فاجنرأن الكاتب الموسيقي الدرامي عليه أن يرسم عالما مثاليا، وأن يخلق أساطير على غرار المسرح القديم، وأن يثير العالم الروحي الداخلي للشخصيات المرصودة، وألا يتم التركيز فقط على المظهر الخارجي. وكانت لهذه الآراء أثر كبير في الأوساط المثقفة في فرنسا سنة 1880؛ مما ساهم في إفراز تيار أدبي رمزي يدعو إلى اللامسرح الذي يعتمد على الروحانيات وتداعي اللاشعور واستعمال الصور الرمزية والإيحاءات الحدسية الانزياحية مع توظيف إيقاع بطيء واستقراء ما هو مضمر في النفس الإنسانية والتمرد على الواقع والجنوح نحو اللاعقلانية.
ونستحضر بالخصوص نصوصا ما بين1890/1900 لموريس ماتيرلنك Maurice Maeterlinck أو بول كلوديل Paul Claudel ونصوص تشيكوف وإبسن أو ستريندبرغ.
وقد ساهمت أفكار الرمزيين في بلورة نظريات السويسري أدولف آبياAdolph Appia والمخرج البريطاني إدوارد غوردون كرايج Edward Gordon Craig الذين ثارا ضد واقعية الديكورات الملونة مقترحين عناصر موحية ومجردة مع استعمال لعبة الإضاءة لخلق الانطباعات بدل الإيهام بالواقع.وفي 1896، قام المخرج الرمزي لونيي بو بتركيب مسرحية ألفريد جاري Alfred Jarry (أبو ملكا Ubu Roi) وهي مسرحية مهيجة وشاذة.
نشطت الحركة الانطباعية بألمانيا في سنوات1910 -1920 مصورة المظاهر القصوى والغريبة للروح الإنسانية خالقة عالما من الكوابيس المزعجة.
ومن الناحية السينوغرافية، تتميز التعبيرية بالانزياح والشذوذ والمبالغة في الأشكال واستعمال الظلال والأضواء بشكل إيحائي.
ومن النماذج التمثيلية لهذه التعبيرية نجد
جورج قيصر Georg Kaiser وإرنست طولر Ernst Toller.
وقد طبق أوجيل أونيل Eugene O’Neill هذه الطريقة منذ سنة 1930 في الولايات المتحدة الأمريكية
وخاصة في( الإمبراطور جون) و( الغريب الفاصل)
قصد توظيف سيكولوجية الشخصيات بشكل أفضل.
لم تظهر الدادية إلا كرد فعل على ويلات الحرب العالمية الأولى التي دمرت الإنسان الأوربي، و كرد فعل أيضا على العقل الغربي الذي استلب الإنسان الأوربي وجعلته بدون إرادة وحرية، ولم يجد له حلولا شفائية لمشاكله الروحية
لذا التجأت هذه المدرسة إلى التغني باللاعقلانية والثورة على الواقع الموبوء بالحروب والدمار والخراب.
ويعد الأديب الروماني تسارا أحد المبلورين لهذا المذهب سنة 1917م بعد أن اجتمع بمجموعة من الفنانين والأدباء بزيوريخ بسويسرا ناقمين على العقل الواعي والحروب الطائشة التي أرجعت العالم إلى عهد الطفولة
( كلمة دادا كلمة طفولية تقولها الأمهات للأطفال عند تعليمهن المشي لهم)
قصد إظهار موقفهم بكل صراحة من هذه الحرب الطاحنة.
وشكل هؤلاء المنعزلون عن الحرب الغاشمة حركة الدادية.
تبلورت هذه المدرسة كرد فعل على التيار الواقعي والطبيعي، وامتحت تصورها من سيكولوجية فرويد ومن اللاشعور والعقل الباطن واستلهام الذاكرة والأحلام.
وظهرت هذه الحركة في سنة 1919 ونضجت في العشرينيات.
ومن مبادئها التسلح باللاوعي واللاعقلانية وأن الحقيقة هي التي يعبر عنها العقل الباطن والأحلام و ذلك بالتحرر من سيطرة العقل والوعي والمنطق.
وقد أعطيت الأهمية الكبرى للنفس الإنسانية واستنطاق اللاوعي؛ لذلك تعتبر الفن نابعا من الفوضى والهذيان على غرار التحليل السيكولوجي القائم على تداعي المعاني تداعيا حرا بدون رقابة أو محاسبة عقلية واعية من قبل الأنا الأعلى.
ومن المنظرين لهذا المذهب الأدبي أندريه بريتون André Breton الكاتب الفرنسي الكبير، ومن رواده أيضا لويس أراغون Louis Aragon وفيليب صوبولت Philippe Soupault
وفي مجال الدراما نجد كيوم أبولينير( أثداء تيريزيا)
وروجر فيطراك Roger Vitrac( فيكتور أو أولاد السلطة)
ونجد كذلك جان كوكتو يكتب مسرحية بعنوان( الآباء المفزعون)
تسير في الاتجاه السريالي الثائر على الواقع الموجود.
المستقبلية أو المستقبليون عبارة عن مدرسة فنية وجمالية وأدبية إيطالية
انطلقت في باريس في سنة 1909 على يد مارينيطي Marinetti الذي كان يمجد الحركة والمستقبل والتقنية والحداثة.
وقد استفادت الفنون بهذه الحركة من بينها المسرح والتشكيل الذي برع فيه كل من
بالا Ballaوبوكشيوني Boccioni وسيفيريني .
Severini.
وفي روسيا، هي حركة أبية ظهرت ما قبل الحرب مع موياكوفسكي MAIAKOVSKI.
ظهر مسرح التغريب مع المنظر الألماني بريشت brechtكرد فعل على المسرح الواقعي.
ويرى بريشت أن الفن الدرامي وسيلة لتحويل المجتمع ووسيلة سياسية قادرة على تحريك الجمهور والسير به في السياق الاجتماعي.
وبهذا المنطق، كتب بريشت نصوصا ملحمية ( عكس النصوص السردية) التي تستدعي مشاركة الجمهور المتفرج لتقديم أحكامه العقلية على العروض المسرحية عن طريق عملية التغريب.
وكان يعتمد بريشت صاحب المسرح الملحمي السياسي على المسرح الفقير الذي يخلو من الديكورات المترفة
ويستند كذلك إلى عارض سينوغرافي شفاف مع التقريب بين المشاهد القصيرة ومزجها بتدخلات خارجية.
ومن أعمال بريشت نجد:
(أوبرا كاتسوquat’sous) المعروضة سنة 1928
و(الأم الشجاعة وأطفالها ) المكتوبة في سنة 1941.
مواقع النشر (المفضلة)