+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 10 من 46

الموضوع: تاريخ العالم

العرض المتطور

  1. #1

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    المجتمع الأول

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ

    إن تشكيل صورة عن الظروف المادية للحياة قديماً أسهل من تشكيل صورة عما كان يدور داخل الأدمغة الأكبر التي كانت تصارع تلك الظروف، وليس لنا إلا أن نتأمل بقاياها المادية علها تخبرنا بشيء عن ذلك. ومن المفيد هنا أن نعود للتفكير بصيد الطرائد الكبيرة، ما إن صار الإنسان المنتصب معتمداً على اللحم حتى أمسى طفيلياً على قطعان الطرائد، فبات مضطراً للحاق بها حيثما ذهبت، أو استكشاف أرض جديدة بحثاً عنها ، وصار أكثر قابلية للاستقرار والتكاثر في بعض الأماكن منه في بعضها الآخر. هناك كان يؤسس له بيوتاً يأوي إليها، ويبدو أن بعضها قد ظل مسكوناً طوال آلاف وآلاف السنين.

    وكانت العائلة المقيمة في البيت تتطور أيضاً، لأن وجود ذلك المأوى قد جعل تطور العائلة البشرية مختلفاً جداً عن عائلات الحيوانات. وازداد التباين بينهما مع ازدياد حجم أسلاف الإنسان العاقل، لأن زيادة حجم الدماغ تعني بالضرورة زيادة حجم الرأس، وبالتالي زيادة حجم الجنين قبل الولادة، وقد انعكس هذا الأمر في تغيرات حوض الأنثى سمحت بولادة صغار ذوي رؤوس أكبر، كما اقتضى استطالة فترة النمو بعد الولادة حتى يبلغ الأطفال سن النضج.
    ولم يكن بإمكان جسم الأنثى أن يتطور فيزيولوجياُ بحيث يحتضن الطفل حتى نضجه الجسماني قبل ولادته، لذلك يحتاج أطفال البشر إلى عناية طويلة من الأم بعد الولادة، بعكس أطفال أكثر الثدييات التي تنضج صغارها خلال أشهر قليلة.


    المجتمعات الأولى


    إن استطالة فترة الطفولة واعتماد الأطفال على دعم أسرتهم ومجتمعهم قبل نضجهم اقتضيا أن تتطور عائلة البشر بشكل مختلف كل الاختلاف عن عائلات الحيوانات الأخرى، وقد كان للاصطفاء الجيني هنا دور أيضاً، إذ لم تعد كثرة عدد الصغار طريقة لضمان بقاء النوع، بل تعلمت المجتمعات البشرية أن تعطي عناية أكثر وأطول لحماية صغارها وتربيتهم وتدريبهم وكثيراً ما تمتد هذه العناية في أيامنا حتى العشرينات، وظهرت أيضاً فروق أشد بين أنماط حياة الذكور والإناث، فصارت أمهات البشريات أكثر تقيداً من كثير من أمهات الرئيسات الأخرى، وأصبح الآباء أكثر انشغالاً بتأمين الطعام عن طريق الصيد، الذي يتطلب نشاطاً شاقاً وطويلاً يصعب على الإناث المشاركة فيه.
    من النتائج الأخرى لاستطالة فترة الطفولة أن التعلم والذاكرة قد صارا أكثر فأكثر أهمية، ويبدو أن الإنسان المنتصب قد عبر خطاً هاماًُ من هذه الناحية أيضاً، إذ زال السلوك المبرمج بالجينات عند أسلاف البشر، ليحل محله التعلم الواعي حول البيئة والتفكير فيها. وقد حدث تغير كبير حلت فيه التقاليد والثقافة
    أي الأشياء التي يتعلمها أفراد جماعة ما بعضهم من بعض، محل الميراث الفيزيولوجي كعامل في الاصطفاء التطوري
    ولو أننا قد لا نعلم أبداً متى حدث هذا التغير بالضبط.
    إلا أن الميراث الفيزيولوجي مازال هاماً جداً بالطبع. فقد كان هناك مثلاً صفة جنسية فريدة حصلت عليها إحدى السلالات الجينية في زمن بعيد جداً، وكان لها تأثير كبير في شكل المجتمع البشري في المستقبل، فعند جميع الثدييات الأخرى تكون جاذبية الأنثى للذكر وخصوبتها أيضاً محصورتين بفترات معينة من التهيج الجنسي، وتتعرض حياتها خلالها إلى اضطراب شديد، يمنعها من العناية بصغارها والاستمرار بتربيتهم.
    أما إناث البشر فليس لديهن هذه الدورة، ولهذا الأمر أهمية كبيرة، فلو كنَّ مثل غيرهن من الحيوانات لتعرض صغارهن للإهمال فترات طويلة يمكن أن تؤدي إلى صعوبة الاستمرار في الحياة. تسمى هذه الدورة "الدورة النزوية"، وربما احتاج ظهور سلالة جينية متحررة من "الدورة النزوية" حوالي مليون سنة، ولكنها عندما ظهرت كانت نتائجها على مستقبل تطور البشرية هائلة، وسوف تؤثر في نواح كثيرة من طريقة حياتنا نعتبرها اليوم عادية.

    كانت إناث البشر إذن تجتذب الذكور دائماً، ولم يكن ذلك محصوراً بفترات يخضع فيها كلا الجنسين إلى آليات أوتوماتيكية من الانجذاب، ولابد أن يكون هذا الأمر قد جعل الخيار الفردي عاملاُ أهم بكثير في التزاوج. كانت تلك بداية طريق غامضة وطويلة جداً سوف تؤدي إلى مفاهيم الحب الجنسي فيما بعد، تتضافر مع الطفولة الطويلة والاعتماد المتزايد الناتج عن تحسن عملية جمع الطعام، لكي تسير باتجاه الوحدة العائلية البشرية الثابتة والمستمرة، والمؤلفة من الأب والأم وذريتهما الذين يبقون معاً ويؤلفون جماعة مشتركة حقيقية. إن هذه المؤسسة لا توجد إلا عند البشر، ولو أن عائلات البشر ليست كلها على هذه الصورة، كما أن الترتيبات الاجتماعية الحديثة كثيراً ما تنتقص منها.

    ومن جديد نجد أنفسنا تحت رحمة التخمين، ويجدر بنا أن نكون حذرين جداً. إن الأشياء الأكيدة التي نستطيع معرفتها عن الحياة الاجتماعية لأسلافنا قليلة جداً، ولكننا نشعر في الوقت نفسه أن ما حدث للبشريات الباكرة مهما كان بطيئاً قد وضع الخطوط الأساسية لقسط كبير من حياة البشر قبل وجود أناس مثلنا بزمن طويل. لقد أخذت الثقافة والتقاليد رويداًً رويداُ دور الطفرات الجينية والاصطفاء الطبيعي كمصدر أساسي للتغير بين البشريات، أو يمكننا القول إن التعليم قد صار يمثل أهمية الميراث البيولوجي من أجل البقاء. فالجماعات التي استطاعت تذكر الطرق الفعالة في أداء الأمور والتفكير فيها بأفضل من غيرها قد حملت تطور البشرية إلى الأمام بشكل أسرع. وقد جرت محاولات لتتبع ذلك في التطور الفيزيولوجي لقشرة المخ، أي كتلة الخلايا التي تكون الدماغ نفسه.
    ولكننا عندما نحاول التفكير بالعمليات الذهنية في مرحلة ما قبل التاريخ، فإن الشيء الوحيد المؤكد الذي نعلمه هو أنها كانت بعيدة كل البعد عن عمل أذهاننا. وكل ما يمكننا أن نقوله هو إن حياة الإنسان المنتصب تبدو أقرب إلى حياة البشر منها إلى أسلاف البشر، فمن الناحية الجسدية كان حجم دماغه على مستوى يقارب دماغنا نحن، ولو أن شكل جمجمته مختلف عنا بعض الشيء. كما أنه يصنع الأدوات بأساليب تختلف من مكان لآخر، ويبني الملاجئ ويحتمي في المخابئ الطبيعية باستخدام النار، ثم ينطلق منها ليصطاد ويعود بالطعام، وهو يقوم بهذا كله في جماعات على درجة من التنظيم وقادرة على نقل الأفكار عبر الكلام، ومبنية على أساس وجود بيت وتمييز بين أنشطة الذكور والإناث. بل ربما كان هناك تخصصات أخرى أيضاً، لأن حملة النار والأفراد الأكبر سناً الذين تختزن ذاكرتهم خبرة مجتمعاتهم كانوا يعتمدون في معيشتهم على جهد الآخرين إلى حد ما.
    من العبث أن نحاول البحث عن خط فاصل في مرحلة ما قبل التاريخ، إذ ليس ثمة دليل على شيء من هذا القبيل، وكل ما يمكننا أن نقوله بثقة هو إن الأمور قد سارت باتجاه معين. وعندما تطور أخيراً نوع فرعي أو أكثر من الإنسان المنتصب إلى نمط جسماني جديد هو الإنسان العاقل، كان يملك في حوزته إنجازاً وميراثاً كبيرين.
    إن الأفراد يأتون إلى العالم عراة، أما البشرية فلم تأت عارية بل إنها قد حملت معها من الماضي كل ما يجعلها بشرية.



    الموضوع الأصلي: رد: تاريخ العالم // الكاتب: عبير العبير // المصدر: خير بلدنا الزراعي

    كلمات البحث

    راعي عام زراعه عامة .انتاج حيواني .صور زراعية .الصور الزراعية .هندسة زراعية.ارانب. ارنب.الارنب.خضر.خضار.خضر مكشوفة.محصول.محاصيل.المحاصيل.ابحاث زراعية.بحث زراعي.بحث مترجم.ترجمة بحثية.نباتات طبية.نباتات عطرية.تنسيق حدائق.ازهار .شتلات.افات.افة.الافة.حشرات.حشرة.افة حشريا.نيماتودا.الديدان الثعبانية.قمح.القمح.الشعير.الارز.ارز.اراضي طينية. اراضي رملية.برامج تسميد.استشارات زراعية .برامج مكافحة.امراض نبات .الامراض النباتية.مرض نباتي.فطريات .بكتيريا.كيمياء زراعية .الكيمياء الزراعيه.تغذية .التغذية.خضر مكشوفة.صوب زراعية.السمك.زراعه السمك.مشتل سمكي. زراعة الفيوم.مؤتمرات زراعية.مناقشات زراعية.التقنية.براتمج نت.برامج جوال.كوسة, خيار,طماطم.بندورة.موز.بطيخ؟خيار.صوب.عنكبوت.ديدان.بياض دقيقي.بياض زغبي.فطريا



    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  2. #2

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    الإنسان العاقل

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ

    إذا نظرنا إلى العمر الذي عاشه نوعنا، أي الإنسان العاقل حتى الآن بالقياس إلى طول الأزمنة قبل التاريخية وجدناه عمراً قصيراً، فالإنسان المنتصب قد عاش على الأرض واستغلها بنجاح لفترة أطول منا بحوالي عشر مرات.



    ولكن كما قلنا في السابق لا توجد خطوط فاصلة واضحة، ولابد أن تكون أنواع مختلفة وكثيرة من البشريات قد عاشت على الأرض طوال آلاف السنين وبصورة متداخلة، بحيث عاصرت الأجيال الأخيرة من بعض فصائلها الأجيال الأولى من فصائل أخرى.
    وهذا واحد من الأسباب التي تجعل من الصعب تحديد زمن ظهور النوع التالي الهام من البشريات، وكل ما يمكننا أن نقوله هو إنه ازدهر بين عامي 250.000 و 50.000 قبل الميلاد
    وفي هذا التاريخ الأخير كان المجال مفسوحاً لوجود كائنات بشرية تشبهنا بشكل أوضح.



    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  3. #3

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    النياندرتاليون

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ

    تبدأ القصة باكتشاف جمجمتين في أوروبا عمرهما حوالي ربع مليون سنة، كان شكل هاتين الجمجمتين مختلفاً عن جمجمة الإنسان المنتصب، كما كان دماغهما أكبر منه، ولكنهما لا تشبهان جمجمة البشر الحديثين كثيراً، وكل ما دلتنا عليه هو وجود شيء مختلف عن الإنسان المنتصب. بعد ذلك يحل عصر جليدي جديد ويسدل الستار، فتختفي بقاياه وبقايا البشريات إلى أن تعود المستحاثات لتظهر منذ حوالي عام 100.000 قبل الميلاد، أي في منتصف المرحلة الدافئة التالية. تدل هذه الآثار الجديدة على قطع خطوة كبيرة نحو الأمام، لأنها أول أثر ضمن فصيلة الإنسان على النوع المسمى الإنسان العاقل. ويسمى هذا النوع تحديداً الإنسان العاقل النياندرتالي، على اسم المكان الذي اكتشفت فيه أول جمجمة تنبئ بوجوده أي وادي نياندرتال في ألمانيا، غير البعيد عن دوسلدروف.

    كان شكل النياندرتاليين مختلفاً بعض الشيء عن شكل أكثر البشر الحديثين، إذ كانت ذقنهم صغيرة جداً وكانوا ذوي بنية غليظة جداً، والحقيقة أن شكل أول جمجمة وجدت كان غريباً إلى حد أن بعض العلماء حسبوها جمجمة إنسان حديث متخلف عقلياً. ولكن ربما كان بعض البشر الحديثين يشبهون النياندرتاليين قليلاً، فلا داعي إذاً للمبالغة بالفروق بيننا وبينهم، كما أننا نعلم أنهم كانوا يستخدمون اليد اليمنى مثل أكثر البشر الحديثين، أي أن نقاط التشابه بيننا عميقة, إن الفرق الحاسم الذي يميز النياندرتاليين عن البشريات الأبكر إنما هو حجم دماغهم الأكبر.
    ولما كان من الصعب ربط النياندرتاليين بالبشريات الأسبق فقد مال البعض في البداية إلى الظن أنهم انفصلوا عنها لسبب ما ربما بسبب الجليد، ولكن مع تزايد المعلومات بات من الواضح أنهم كانوا منتشرين انتشاراً واسعاً جداً، من أوروبا الغربية والمغرب وحتى الصين، وكانت لهم مستوطنات غيرها في الشرق الأدنى 200.000 ق.م.
    من المؤكد على كل حال أنهم كانوا يعيشون في قسم كبير من أوروبا وآسيا في حوالي 80.000 ق.م، أي مباشرة قبل بداية عصر جليدي آخر( كان الأسوأ) .

    صحيح أن شكل النياندرتاليين يبدو لنا بدائياً، إلا أنهم كانوا في الحقيقة على درجة كبيرة من النجاح، وأكثر قدرة وتطوراً ذهنياً من أي كائن ظهر على الأرض قبلهم، وعندما عاد الجليد لم يتجهوا إلى الجنوب، بل بذلوا قصارى جهدهم للتعايش مع البرد، فانتقلوا إلى الكهوف بحثاً عن الحماية، واستخدموا النار التي كانوا يبقونها مشتعلة في حفر جعلوها بأرض كهوفهم تلك.



    إنسان نياندرتال


    ولا يمكن لحياة الكهوف أن تكون مريحة، فالنار تملؤها بالدخان، كانوا على الأرجح يحرقون دهن الحيوانات وعظامها لأن الخشب ازداد ندرة في سهول التندرة الجديدة الناتجة عن الجليد.
    عدا عن الرائحة الكريهة المنبعثة من الفضلات على الأرض، والرطوبة الكامنة من أعماقها حيث لاتصل حرارة النار.
    إلا أن الكهوف قد سهلت بقاءهم، وكانوا في جميع الحالات تقريباً يختارونها متجهة نحو الجنوب لكي يضمنوا أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس، وربما غطوا مداخلها بستائر من الجلد في أشهر الشتاء.


    لقد كان هذا استخداماً للتقنية بطريقة جديدة، كان النياندرتاليون يرتدون الجلود أيضاً، وكانت أدواتهم الحجرية أفضل شكلاً من أدوات أسلافهم. ويوحي تزايد سلطتهم على الطبيعة بأنهم كانوا يملكون لغات معقدة، ولو أن بعض العلماء يقولون إن جماجمهم توحي بأن أجزاء الدماغ التي تعالج الكلام كانت أقل تطوراً من الأجزاء الأخرى، ومع هذا فلابد أنهم كانوا يملكون بعض الأفكار المتقدمة جداً وبالتالي الكلمات اللازمة للتعبير عنها، لأنهم أيضاً كانوا يمارسون أمراً جديداً كل الجدة:
    لقد كانوا يدفنوا موتاهم
    تدل بعض قبور النياندرتاليين على عناية كبيرة بالدفن، فقد وجد قرب سمرقند مثلاً جسم طفل نياندرتالي دفن ضمن حلقة من قرون الحيوان، بينما نجد في العراق قبراً آخرا يضم جسد رجل محاط بأكداس الأزهار والأعشاب البرية وضعت في القبر قبل دفنه. إن هذه الأمور مهمة، لأنها أولاً أقدم حالة تمكننا من معرفة حقائق عن الماضي من خلال القبور وكثيراً ما تعطينا القبور معلومات غنية، كما أنها من ناحية أخرى تدل على تغير هائل في التفكير، فلماذا كان النياندرتاليون يدفنون موتاهم؟؟!!


    إننا لا نملك الجواب الدقيق، ولن نعرفه على الأرجح ، ولكن ربما كان بعض النياندرتاليين قد بدؤوا بتجريب الطقوس، فربما كانوا يحاولون التحكم بالطبيعة عبر القيام بأفعال معينة من أجل إحداث أشياء ما، بل ربما كانت عمليات الدفن هذه والآثار الضئيلة لطقوس متعلقة بالحيوانات في مواقع أخرى لهم علامات على بدايات الدين.
    وربما بعضهم قد بدأ يؤمن بعالم آخر غير منظور ولكنه قوي، بل كانت الحياة بعد الموت ممكنة فيه.
    إننا لا نعلم الحقيقة، إلا أن التأمل في هذا الموضوع يبين بصورة واضحة أن النياندرتاليين قد بلغوا مستوى جديداً من العقل. إن العلامات الجديدة ، مثل حجم جمجمتهم ودماغهم الكبير، تدل على أنهم كانوا بشراً يستطيعون بطريقة ما أن يفكروا بشكل مجرد، كما نفعل نحن، كانت مواردهم العقلية على مستوى جيد مكنهم من مواجهة تحديات آخر العصور الجليدية، فتأقلموا معها بنجاح وعاشوا ردحاً طويلاً ضمن الحقبة الباردة. لقد عاشوا على الأرجح إلى جانب سلالات بشرية أخرى، وربما تزاوجوا معها أحياناً، وربما تنازعوا معها، إلا أنهم في النهاية قد هزموا من الناحية الجينية.


    وحل محلهم فرع من الفصيلة ننتمي إليه نحن، ألا وهو الإنسان العاقل العاقل. ويبدو أن هذا الفرع الجديد قد نشأ بشكل منفصل عن النياندرتاليين، وأنه يمثل خطاً مختلفاً من تحدر البشريات، خطاً ذا جماجم أخف ووجوه أصغر وأطراف أكثر استقامة. وتجد أقدم أفراد هذا النوع في شرق المتوسط
    * والشرق الأدنى والبلقان بين عامي 50.000 و 40.000 ق.م، وربما تقدموا نحو الشمال والغرب مع انحسار الجليد.




    إنسان كرومانيون

    في التاريخ الأخير كانوا قد ثبتوا أقدامهم في غرب أوروبا حيث يسمى الإنسان العاقل أحياناً "إنسان كرومانيون" ويبدو أن وصولهم إلى الشرق الأقصى قد حصل في زمن لاحق. وفي حوالي 30.000 ق.م كان بعض البشر قد عبروا مضيق بيرنغ بعد انسحاب الجليد فدخلوا الأمريكيتين، ولم يكن فيها في ذلك الحين سكان من البشريات على ما نعلم، وخلال الخمس عشرة ألف سنة التالية انتقل خلفاؤهم رويداً رويداً نحو الجنوب حتى صار البشر يعيشون في كافة أنحاء الأمريكيتين، وفي تلك الأثناء كان غيرهم قد بلغوا أستراليا، حيث أُرِّخت أول بقايا البشر بحوالي عام 25.000 ق.م.
    لقد كان هذا الإنجاز عظيماً، إذ لا يوجد نوع آخر من الرئيسات انتشر مثل هذا الانتشار الواسع، ولن ينتشر أي منها مثله، إلا بواسطة البشر، ولكن رغم أن البشر قد انتشروا في كافة أنحاء العالم، وبسرعة كبيرة مقارنة بالأنواع الأسبق، فقد بقيت أعدادهم قليلة لزمن طويل.
    يقدّر أحد العلماء العدد الكلي للبشر أنه لم يتجاوز العشرة ملايين في عام 40.000 ق.م، كما قدر غيره أن عددهم لم يتجاوز العشرين ألفاً في فرنسا كلها في الأزمنة النياندرتالية أي أن ذاك العالم كان مختلفاً كل الاختلاف في عالمنا. إلا أن البشر كانوا قد حققوا فيه أشياء مدهشة، وكانت قدرتهم على تغييره لصالحهم تزداد وضوحاً.




    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  4. #4

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    النمط الجسماني

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ


    يعتبر علماء البيولوجيا جميع البشر أفراداً في نوع واحد. صحيح أن التشابه بين أي شخصين قد لا يكون إلا ضئيلاً ماعدا حالة التوأم الحقيقي، وأنه لا يوجد حيوان تختلف أفراده في الشكل إلى هذه الدرجة، ولكننا نبقى جميعاً بالرغم من هذا كائنات بشرية. إن الفروق اللافتة فيما بيننا من ناحية المظهر (في لون الجلد، وشكل العينين والأنف وملاسة الشعر أو تجعده وغيرها لا تمنع البشر من اختيار شركاء ذوي ملامح جسدية مختلفة عن ملامحهم، ومن إنجاب أطفال يحملون صفات جسدية مأخوذة عن الوالدين بدرجات متباينة. ومن الضروري ألا تغيب هذه الحقيقة عن بالنا، لأن بعض الناس ظنوا في مراحل عديدة من الماضي أن الفروق الأساسية في المظهر بين البشر بناء على صفات عرقية تعكس فروقاً أعمق هي أيضاً جزء من ميراثهم الجسدي. ولكن هذا الرأي لم يعد مستحسناً اليوم، ولو بقي له مؤيدوه. إن الفروق في طرق سلوك الجماعات المختلفة من البشر هي فروق حقيقية تماماً، لكن يعتبر الآن أن أصولها تكمن في اختلاف ظروف العيش والتقاليد وأساليب الحياة، أي في الثقافة، وهي مجمل ما يتعلمونه من جماعاتهم، وليس في الميراث الجيني كما هي الحال في لون الجلد أو شكل الملامح.

    مازالت هذه الفروق الجسمانية تقسم الجنس البشري إلى مجموعات كبرى معينة متباينة في المظهر، ويقع أكثر الناس ضمن واحد مما اصطلح على تسميته منذ زمن طويل "العروق" البشرية الأساسية، فيما يتعلق بالمظهر. صحيح أن هذه التقسيمات ليست مطلقة من الناحية الجينية، وأنها اليوم غير محبذة لأنها تتخذ أحياناً أساساً للتمييز العنصري الظالم، إلا أنها تبقى الملامح التي رآها البشر واعترفوا بها طوال الحقبة التاريخية. فعلى هذا الأساس، وبعد استبعاد فروق أخرى أكثر تعقيداً هي في أغلب الحالات أكثر أهمية، يقع القسم الأكبر من سكان العالم في ثلاث مجموعات أساسية، هي المجموعات الزنجانية والقوقاسية، والمغولانية. فالزنجانيون ذوو بشرة سوداء أو داكنة جداً وشعرهم صوفي عادة، ويتباينون كثيراً من ناحية القامة، ويكون أنفهم عادةً واسعاً ومسطحاً وشفاههم ثخينة، ونجد أكثر شعوب هذا النمط الجسماني في المناطق الاستوائية من أفريقيا، إلا أن بينهم شعوباً تعيش على الطرف الآخر من المحيط الهندي حتى غينيا الجديدة وجزر فيجي والفيليبين
    بل وحتى تسمانيا
    *. أما القوقاسيون فكانوا موزعين منذ وقت مبكر على امتداد رقعة واسعة إلى الشمال من الشعوب الزنجانية، في شمال أفريقيا وأوروبا وغرب آسيا، وكثيراً ما يطلق على هذه المجموعة اسم "البيض" مع أن لون بشرتهم يتباين بين الفاتح جداً الذي لا يصطبغ بأشعة الشمس، إلى الأسمر الداكن جداً، بل إنك تجد قوقاسيين في الهند وسيلان ذوي بشرة سوداء، ولكنهم يشبهون الأوروبيين كثيراً إذ تكون أنوفهم وشفاههم رفيعة نسبياً وشعرهم أملس أو متموج
    كما أن شعر لحيتهم كثيف عادةً. وبالمثل فإن لون جلد المغولانيين يتباين من الأصفر إلى الأسمر الداكن أما صفاتهم الأخرى فهي الشعر الأملس والأسود عادة، وقلة شعر اللحية، والوجه المسطح، والعينان المائلتان اللوزيتا الشكل، ومواطنهم الأساسية في آسيا الوسطى والصين واليابان، ولكنهم يعيشون أيضاً في ماليزيا وأندونيسيا. ويعتقد بعض العلماء أن هنود أمريكا الأصليين في كل من الشمال والجنوب كانوا أيضاً مغولانيين ، ولكن هذا الأمر لم يحسم بعد، فربما كان المهاجرون إلى أمريكا منذ حوالي 20.000 سنة مضت في مجموعات أقرب إلى القوقاسيين من ناحية الشكل.


    لقد توزعت هذه المجموعات الأساسية الثلاث اليوم في أنحاء الأرض، وتزاوحت فيما بينها كثيراً، فأمست البشرية معقدة جداً من ناحية المظهر، عدا عن تعقد ميراثها الجيني، كما أن هناك شعوباً في أماكن أخرى، خاصة في نصف الكرة الجنوبي، لايمكن تصنيفها في أي من هذه المجموعات الثلاث، مثل سكان أستراليا الأصليين وشعب البُشمان
    * في صحراء كالاهاري. أما كيف ظهرت تقسيمات الجنس البشري الأساسية الثلاثة هذه فلا نعلم عنه الشيء الكثير؛ إن جسم الإنسان لا يحافظ على نفسه بعد الموت باستثناء العظام، فالجلد والدهن وغيرها من الأنسجة تتحلل بسرعة.
    إن بحوزتنا جماجم تعود لأزمان قديمة جداً، أما الأجسام المحفوظة والتي تسمح لنا باستنتاج بعض الحقائق حول المظهر فلا تتوفر إلا منذ آلاف قليلة من السنين فقط، أي بعد أن كانت الفروق الأساسية في المظهر قد رسخت تماماً. ولكن من المرجح أن تكون المجموعات الأساسية الثلاث قد ظهرت في أماكن مختلفة ثم انتشرت منها حتى التقت بالأخريات وامتزجت بها أحياناً.

    وكانت الآليات الأساسية في البداية هي على الأرجح آليات الاصطفاء الطبيعي من خلال البيئة لسلالات جينية ملائمة لبعض المناطق والمناخات وأنواع الطعام والارتفاعات وخطوط العرض وغيرها، بعد أن كان البشر الأوائل قد اكتسبوا وسائل البقاء فيها. ففي المناخات الباردة مثلاً يستطيع المغولانيون العيش بكفاءة عالية، لأن لديهم تحت الجلد كمية من الدهن أكبر من القوقاسيين والزنجانيين، أما القوقاسيون فلم يكونوا بحاجة لهذا لأنهم كانوا يعيشون غالباً في مناطق أكثر اعتدالاً، كما أنهم لم يكونوا بحاجة لصباغ الجلد الذي يحمي الشعوب السوداء من أشعة الشمس، فالشمس ليست شديدة في أوروبا وغرب آسيا.ولكننا نعلم أيضاً أن تغيرات الطعام والبيئة قد تعطي تغيرات لافتة في البنية والمظهر خلال أجيال قليلة فحسب.
    لذا يبدو أن ما نعتبره فروقاً جسمانية دائمة بين البشر لم يظهر إلا بعد حوالي عام 40.000 ق.م، أي أن الحقبة التي انتشر فيها الإنسان العاقل ليثبت أقدامه في كافة أنحاء الأرض ويواجه الظروف الجديدة.
    وإن هذه الفروق هي التي مكنت البشر من الاستقرار بسهولة في بعض المناطق أصلاً. وبعدما استقروا سرعان ما توزعوا توزعاً عرقياً بقي ثابتاً حتى وقت قريب جداً، فهو لم يتغير كثيراً إلا منذ حوالي عام 1500 للميلاد.



    جزيرة في أستراليا
    شعب من القناصين الرحل- المورد




    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  5. #5

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم

    التسلسل الزمني في العصر الحجري

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ


    التسلسل الزمني والتسميات العلمية

    في العصر الحجري (الباليوليتي)


    600.000 ق.م بداية المرحلة الباليوليتية السفلى
    600.000 – 540.000 ق.م عصر جليدي
    540.000 – 480.000 ق.م مرحلة بين عصرين جليديين
    480.000 – 430.000 ق.م عصر جليدي
    430.000 – 240.000 ق.م مرحلة بين عصرين جليديين
    240.000 – 180.000 ق.م عصر جليدي
    180.000 – 120.000 ق.م مرحلة بين عصرين جليديين
    120.000 – 100.000 ق.م عصر جليدي
    100.000 ق.م بداية المرحلة الباليوليتية الوسطى
    50.000 ق.م بداية المرحلة الباليوليتية العليا
    إنسان كرومانيون يحل محل الإنسان النياندرتالي
    10.000 ق.م بدايات الثورة النيوليتية مع انحسار الجليد
    وبداية المستوطنات البشرية




    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  6. #6

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    البشرية في العصر الحجري القديم

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ

    يقع القسم الأكبر من حياة الإنسان على الأرض فيما يسمى "العصر الحجري"، وهي تسمية قديمة ومألوفة ولكنها تستخدم استخداماً مطاطاً جداً. وتسمية العصر الحجري واحدة من ثلاث تسميات اخترعت للحديث عما قبل التاريخ: أي عصور الحجر والبرونز والحديد، وكثيراً ما يعود العلماء إلى هذا التقسيم لأن الطرق الأدق والأكبر تعقيداً في وصف ما قبل التاريخ لا تخلو من العيوب. إن هذه التقسيمات مبنية على حقيقة أن البشرية قد تعلمت بالتسلسل كيف تستخدم الحجر أولاً ثم البرونز ثم الحديد، أي أنها تصنيف لتطور البشرية، وهي تريحنا من التقسيمات الزمنية المبنية على أنواع الصخور أو البيولوجيا أو المناخ التي يستخدمها الجيولوجيون وعلماء المستحاثات القديمة، كما أنها تركز على ما فعله البشر وعلى الأدوات التي يستخدمونها. إلا أن هذه الطريقة في النظر لماضي البشر لها هي الأخرى بعض المتاعب رغم فائدتها، لأن هذه التقسيمات ليست لها نهايات وبدايات واضحة، فقد استمر العصر الحجري في بعض أنحاء العالم حتى وقت قريب جداً، بل مازال هناك حتى اليوم عدد قليل ممن يستخدمون أدوات ليست أفضل بكثير من أدوات إنسان ما قبل التاريخ، ولو أن أعدادهم تتقلص بسرعة.

    ثم إن هناك مشكلة أخرى في تسمية " العصر الحجري" هي أنها تغطي امتداداً هائلاً من الزمن، صنعت فيها الأدوات الحجرية واستخدمت من قبل كائنات عديدة، ولكننا غير واثقين من أنها كلها بشر بالمعنى الكامل للكلمة كالإنسان المنتصب مثلاً، فلهذه الأسباب قسم علماء ما قبل التاريخ العصر الحجري تقسيمات أدق، ولا حاجة بنا في هذا الكتاب لأكثر تلك التسميات، إلا أن بينها واحدة هي تسمية "العصر الباليوليتي" وهي كلمة مشتقة من اليونانية تعني العصر الحجري القديم، وهي تشمل القسم الأعظم مما قبل تاريخ الإنسان وتستمر حتى حوالي 10.000 ق.م، ويضم هذا العصر آخر الحقب الباردة والمرحلة التي ثبّت فيها الإنسان العاقل قدميه بشكل واسع، وهي مرحلة فرعية تسمى أحياناً " العصر الباليوليتي الأعلى" لأن آثارها توجد عادة في الطبقات الأعلى من الحفريات، وهذه المرحلة طويلة جداً ربما بلغت 30.000 سنة، لذلك يجب أن نكون حذرين في وصف الحياة خلالها.
    كانت المناخات تختلف كثيراً من منطقة إلى أخرى في العالم، وكانت الحيوانات والنباتات تقدم فرصاً مختلفة وتحديات مختلفة، بينما كان البشر يزدادون تنوعاً في أساليب أداءهم للأشياء، التي يمكن أن نسميها ثقافاتهم التقليدية.

    أدوات حجرية








    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

  7. #7

    • عبير العبير غير متواجد حالياً
    • مساعد الادارة

    تاريخ التسجيل
    Apr 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    5,146

    افتراضي رد: تاريخ العالم


    صنع الأدوات

    كتاب تاريخ العالم - الفصل الأول - قبل التاريخ


    من المؤكد أن سرعة التغير في العصر الباليوليتي الأعلى كانت بطيئة جداً. وكانت حياة الناس أثناءه قليلة التنوع إلا ما يفرضه توفر الغذاء، ولابد أن العيش على الصيد وجمع الطعام كان هو القاعدة. ويبدو أن إنسان كرومانيون في أوروبا كان خبيراً في صيد الأسماك والحيوانات، وأنه طور تقنيات جديدة باستخدام الشباك والرماح المشوكة. وكانت أدوات الإنسان العاقل خيراً من أدوات أسلافه كما أنها استمرت بالتحسن. وقبل ذلك بوقت طويل، في الأزمنة قبل البشرية، كانت أولى الأدوات القاطعة تصنع من أية مادة مناسبة تقع بمتناول اليد، فقد وجدت أدوات مصنوعة من الحصى والكوارتزيت وحتى من مستحاثات الخشب. ولكن بمرور الزمن صار استخدام الصوان يزداد بشكل مستمر. وربما صارت كمياته نادرة في بعض الأماكن بعد مئات الألوف من السنين، لأن الطرق الباكرة في تشكيله كانت تهدر كميات كبيرة منه، فأحياناً كانت تسعة أعشار الكتلة تقشر عنها لإعطائها حداً قاطعاً.
    وفي العصر الباليوليتي الأعلى بدأ الحرفيون البدائيون بابتكار طرق جديدة في صنع أدوات الصوان، فكانوا يصنعون منه لباً بشكل أنبوب مخروط بحيث يمكن أن ينزعوا عنه " شفرات" ذوات وجهين متوازيين وسماكة متجانسة، فكانت هذه طريقة اقتصادية، كما صار بالإمكان تحسين الشفرات من أجل صنع أدوات رقيقة وجميلة، ويبدو أن أفضلها كانت تصنع في أوروبا وشرق المتوسط. ومن بين هذه الأدوات الجديدة والمتخصصة التي أمكن صنعها إزميل لحفر الخشب والعظم يسمى "المنقاش". كان للمنقاش حواف ضيقة للقطع والتقعير والحفر، تدعمها حواف عريضة تكسبها القوة، ولابد أن يكون قد ساهم في تقدم البشر ضمن مناطق جديدة، خصوصاً نحو الشمال، لأنه مكّن من استخدام قرون الوعل وأنياب الماموث لصنع رؤوس الرماح والحرابين*. إن العاج وقرن الوعل أقوى من الخشب وأكثر مرونة من الصوان، فكانت هذه الأدوات أطول عمراً من الأدوات السابقة.



    أدوات من العصر الباليوليتي


    لقد وجدت آثار تقنية صنع المنقاش على امتداد نصف الكرة الشمالي من أوروبا حتى مضيق بيرنغ وألاسكا، وقيل إنها ربما هي التي مكّنت البشر من غزو الأمريكيتين. أما في نصف الكرة الجنوبي فلا تجد أثراً للمنقاش، فربما كان هذا دليلاً من النوع السلبي على أهميته الخاصة في شغل المواد من أجل تأمين الطعام واللباس في المناخ الباردة.

    ثم إن هناك مهارة أخرى جديدة في شغل الصوان، هي صنع "شفرات" دقيقة منه تثبت في الأسلحة وغيرها من الأدوات المصنوعة من الخشب أو العظم. من تلك الأدوات المنجل، كان مستخدماً في قطع النباتات في أماكن عديدة عند نهاية العصر الحجري القديم. ولا يدل استخدام المنجل على أن الناس كانوا يزرعون المحاصيل، بل على أنهم كانوا قد تعلموا تمييز بعض نباتات الحبوب البرية التي تصلح للطعام وجمعها.
    وقد صار صيد الحيوانات أسهل أيضاً، لأن الصيادين باتوا مزودين بالأقواس وبالسهام والرماح ذوات الرأس الصواني وبقاذفات الرماح. وكانت هذه الأسلحة على درجة كبيرة من الأهمية، لأن القوس وقاذف الرمح قد ازدادت سرعتهما بدرجة كبيرة، فاتسع بالتالي المجال الذي تبلغه الأسلحة القاذفة كما ازدادت دقتها وقدرتها على القتل، وكان الكثير من هذه الأدوات الجديدة يصنع من مواد جيدة، مثل العظم وقرن الوعل والخشب.
    وكان بالإمكان استخدام بعضها للحصول على مصادر جديدة من الغذاء بصنع خطافات وحرابين لصيد الأسماك.
    وقد مكن العظم أيضاً من صنع الإبر، ومازالت هناك نماذج دقيقة جداً منها تعود لثقافات الصيد الأخيرة في العصر الباليوليتي.








    لِنسعَ إخوتي إلى العلا هيا
    نتجاوز الضياء مداه ونعدو الثريا

+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. تاريخ ونشأة الزّراعة في العالم
    بواسطة عبير العبير في المنتدى الزراعي العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-12-2012, 11:40 PM
  2. تاريخ صناعة السكر في العالم
    بواسطة محمد كامل في المنتدى المنتدي العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-04-2011, 11:54 PM
  3. تاريخ مصر القديم
    بواسطة الصباح النجار في المنتدى أخبار الدنيا
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-10-2009, 06:34 PM
  4. تاريخ مصر القديمة
    بواسطة الصباح النجار في المنتدى أخبار الدنيا
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-09-2009, 07:04 PM
  5. تاريخ الأسكندرية
    بواسطة خالد محمد كمون في المنتدى أخبار الدنيا
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 13-05-2009, 09:25 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك