فقد أثبتت التجارب والإحصائيات العلمية التي أجراها الباحثون أثر التربية في تكوين الفرد والمجتمع فجاءت متطابقة مع تشخيص الرسالة الإسلامية ومقرراتها العلمية في التربية :
تقول معظم الدراسات التي أجريت في العالمين العربي والغربي بأن سني الطفولة الأولى هي سني تكوين الشخصية الإنسانية وتنمية المواهب الفردية.

فالولد يكتسب من احتكاكه بمحيطه ردات فعل على المثيرات الخارجية بحيث تكتمل نصف ردات فعله الثابتة في حياته في السنوات الاولى من حياته. وبديهي أن يكون للقيم السلوكية الايجابية والسلبية السائدة في محيطه العائلي دور فعال ومؤثر في تكوّن طريقة تعامله مع الغير.
وتثبت الأبحاث التربوية أيضاً أن تكوّن الصورة الذاتية لدى الطفل منذ حداثة سنه تؤثر في نظرته إلى نفسه طيلة سني حياته.

فإذا تكونت لديه صورة سلبية عن مقدرته ومكانته في عائلته بأن شعر نفسه مهملاً، دون دور معين في محيطه العائلي لايثير اهتمام أحد كأن وجوده أو عدمه سيّان نمت لديه صورة قاتمة عن مكانته في المجتمع، ماتلبث ان تترجم بتصرفات تؤدي إلى إثبات الوجود عبر سياق تعويضي يتصف بالعنف أو بالمشاكسة أو بالانحراف.

وبالعكس إذا وجد الرعاية والمحبة والعاطفة والتقدير والتشجيع بين أفراد أسرته زهت صورته عن نفسه ونمت مقدراته ومواهبه وأصبح يشعر باشراقة مضيئة تشع من شخصيته فتؤهله للقيام بدور فعال في حياته العائلية ومن ثم المدرسية والمهنية والاجتماعية.


أثبت التقرير الذي وضعه كولمان نتيجة لأبحاثه التربوية المؤيدة بالأبحاث التي قام بها المجلس الاستشاري المركزي للتربية في إنكلترا أن خمسين بالمئة من ذكاء الأولاد البالغين السابع عشرة من عمرهم يتكون بين فترة تكون الجنين وسن الرابعة. وأن خمسين بالمئة من المكاسب العلمية لدى البالغين ثمانية عشر عاماً تتكون ابتداءً من سن التاسعة. وأن 33% من استعدادات الولد الذهنية والتصرفية والمقدامية والعاطفية يمكن التنبؤ بها في سن الثانية، وتصبح درجة التنبؤ 50% في سن الخامسة.
وتضيف دراسة أخرى أن نوعية اللغة التي يخاطب بها الأهل أولادهم تؤثر إلى حد كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب وللقيم السلوكية لديهم ولمفاهيمهم ودورهم وأخلاقيتهم.
ويعتبر الإسلام أن من أهم مكاسب الإنسان في الدنيا أن يكون له ولد صالح، سوِّي الشخصية والسّلوك.
فقد روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قوله:

(من سعادة الرجل الولد الصالح).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله:

(ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له)


بقلم الدكتور

محمد السقاعيد