إن الشعوب المغلوبة على أمرها تميل إلى تقليد الأمم الغالبة عليها .
وهذا القول لم يأْتِ من فراغ بل كان نتيجة لاستقراء التاريخ وقوانينه
وهكذا نجد عبر جميع المراحل التي مرت بها البشرية
أن الأمم كانت دائما تميل إلى تقليد غيرها ممن كانت لها الغلبة عليها
وهذه الغلبة تكون أحيانا بالفكر والعلم وأحيانا كثيرة بقوة السلاح .
فانظر حينما بسط الرومان سلطانهم وغلبوا من دونهم
سادت أنماط وطرق معاييشهم بين الأمم التي استعمروها
فقلّدوهم في أزيائهم وأعيادهم وموائدهم وتعلموا لغتهم بل واستعاروا آلهتهم
وانظر كيف أن العرب عمود الإسلام وسنامه
نشروا لغتهم وأدبهم في الأمصار المفتوحة
وقس على ذلك أيام الدولة العثمانية وصولا إلى أيامنا هذه.
والتقليد لا يكون درجة واحدة بل يتخذ أشكالا عديدة
تختلف باختلاف نفسية الفرد عامة والأمة خاصة
ويختلف كذلك باختلاف الطبقات الإجتماعية داخل
البلد الواحد بل قد يختلف هذا التقليد داخل النسيج الإجتماعي الواحد.
كما أن التقليد يتخذ أنواعا عديدة ويتلون بأكثر من لون من تقليد فكري
فقط لا يصل حد الممارسة إلى تقليد يذوب فيه الكائن الإنساني
فيخرج من جلده ويستعير جلدا آخر.
والناقد لأمور الحياة ومجرياتها يجد أن أكثر الناس إغراقا
في التقليد هم في غالب الأحيان من الطبقة الغنية
والذين يتاح لهم أكثر من غيرهم سبل التعرف على ثقافة غيرهم
فيتخذونها نموذجا يتبنونه ويحذون حذوه من مهدهم إلى لحدهم
فتجدهم يتكلمون لسانا غير لسانهم ويتصرفون تصرفات ليست من محيطهم .
أما الطبقات الأخرى فهي تأخذ من الغير ما استطاعت أن تصل إليه حواسها
فلا يتأثرون إلا بما يتلاءم وإمكانياتهم وظروفهم التي تقيدها قوانين وأحكام مختلفة .
والتقليد كغيره من الأمور الأخرى يندرج تحت مسألة ناقشها المفكرون والفلاسفة
منذ قرون ألا وهي علاقة الفكر بالواقع
وما الذي يؤثر في صاحبه هل الفكر هو الذي
الذي يؤثر في الواقع ويحركه أم أن الواقع هو الذي يحرك الفكر .
عبير العبير
جميل جدا هذا السرد لموضوع هو صميم حال الامة العربية
فقد قلدنا بغباء كل ماجاء من الغرب
لم ناخذ منهم الحسن ونقلده
وننبذ السىء منه ونتركه
ولكن للاسف تركنا الحميد وقلدنا السىء
جميل جدا ورائع عبير
سلمت يداكى
مواقع النشر (المفضلة)