كما توصل درويش إلي الحصول علي ألوان أشبه بطوق الحمامة وهي الألوان المتدرجة من الأسود إلي الأزرق إلي البنفسجي إلي الأخضر ذي البريق عن طريق النار، وأيضاً حقق الرسم بالاختزال بتوجيه الكربون إلي الآنية داخل الفرن أثناء الحرق، استكمالا لطريقة أستاذه شيخ الخزافين سعيد الصدر(1909-1986)، كما لعب بعنصر التطعيم وهو خلط اللون بالطينة وتزجيجها بعمل أشكال فنية علي الدولاب أي أن اللون جزء من صلب البنية الأساسية وليس إضافة وتوصل إلي ( الكاراكليه )، وهو الإيهام بتشققات في الآنية، واللون الأحمر الرائع.
فوجود عمل خزفي متميز مرهون بتحقق معادلة صعبة تجمع بين جودة الخامة وقوة خطوط الشكل وجماليات التصوير، سواء كان هذا العمل الخزفي نفعياً يستخدمه الإنسان في حياته اليومية أو يحمل قيمة جمالية خالصة.. هذه الحقيقة المركبة أدركها الخزاف "نبيل درويش" الذي جاء من رحم ريف دلتا النيل في مصر، حيث ولد في عام 1936 بمدينة السنطة- غربية، القريبة من بلد السيد البدوي طنطا، حيث خضع للدراسة في كتاب القرية ككل الأطفال في ذلك الوقت، لكن الشيخ في الكتاب طالما تشدد معه بسبب استخدامه يده اليسري في الكتابة، إلي الدرجة التي لجأ فيها إلي أن يربط اليد اليسري للطفل الصغير باحكام إلي جانبه، حتي لا يستخدمها، وهو الأمر الذي دفع الطفل إلي الهرب من الكتاب بسبب إحساسه بالألم المبرح، ووجد ملاذه في الحقول الخضراء، حيث الهواء والحرية، كما وجد في الطين متنفسا ليده اليسري واليمني بدون قيود فراح يشكل من الطين حيوانات وطيور، ويشترك في ذلك مع مثال مصر الأول محمود مختار، في قريته نشا مع بداية القرن العشرين.