اتجه "نبيل درويش" منذ حصوله علي بكالوريوس كلية الفنون التطبيقية عام 1962 إلي اكتشاف خامات طينية مناسبة سواء داخل الوطن أو في الخارج كتلك التي عثر عليها في الكويت وتحتوي علي طينة ذات طبيعة رملية صالحة للإبداع الخزفي تلائم القيم النفعية.
توج "نبيل درويش" رحلة بحثه في عالم الخزف عندما أنجز أول رسالة دكتوراه في فن الخزف عام 1981، وكشف فيها عن طريقة المصريين القدماء في صنع فوهات سوداء للأواني الخزفية وهو الكشف العلمي الذي توصل إلي الطريقة التي اتبعها المصريون القدماء في صنع فوهات سوداء، علاوة علي أن الكشف عن الطريقة الجديدة يعد إنجازا علي المستوي التقني والفني الإبداعي وأيضا الثري، بل الإضافة إلي أنه أستطاع أن يرسم الإناء مثل الرومان، والإغريق ولكن بالكربون، وليس بالأكسيد، وهي بالإضافة التي سجلت علي نحو عالمي في تاريخ الخزف، وتعد نصراً تشكيلياً وخزفياً، عندما أعطي للرسم بالدخان مذاقاً جمالياً جديداً عبر تلوين الجسم الفخاري بالكاراكلية، فحقق تفرداً يحسب له علي مدار القرن العشرين كله.

إذا كان الصينيون قد توصلوا في فن الخزف إلي طينة زرقاء خاصة بهم وتوصل الإنجليز قبل مائتي عام إلي طينة زرقاء أيضاً، فقد توصل الخزاف نبيل درويش إلي أزرق يعد جديداً في درجته وعمقه، وابتكر طريقة لصق طينة بيضاء علي طينة سوداء أو زرقاء.
وعلي الرغم من المنطلقات الفنية للخزاف الفنان "نبيل درويش" تعتمد علي حرية التشكيل بتلقائية إلا أنه واحد من القلائل الذين أتقنوا التحكم والعمل علي الدولاب الدوار التقليدي، سواء بفعل الممارسة الدءوبة الطويلة، أو بفرض الإنتاج الكمي، كما تميز بأسلوب التطعيم.
وإذا كان "نبيل درويش" قد أبحر في اتجاه البحث عن هوية للخزف المعاصر عندما وجه بصلته ناحية الموروث الفرعوني والإسلامي، فقد ذهب أيضاً علي الفنون الشعبية، يستخلص منها الأصيل المبتكر كالعرائس والرسوم علي الأواني والأشكال النحتية التي استمدت إلهاماتها من الجوامع، والعمارة الإسلامية.
وروي لي نبيل درويش": دائما كنت أذهب إلي معلمي سعيد الصدر، فجرا بالدراجة من الجيزة وعبر النيل في المعدية من الروضة: لكي أطلعه علي كشف خزفي، وأحد هذه الاكتشافات كان موضوع بحثي في الدكتوارة الذي كان موضوعا لرسالة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة حلوان.

وفي معرضه بقاعة المسار عن عبقرية أحد أحفاد الفراعنة، الذي رحل في صيف 2004، تاركا إبداعا خالدا، وأبحاث علمية تقنية، ومتحف علي طريق سقارة، يحتاج من يتولاه بالرعاية.