قيس بن سعد بن عبادة أكرم العرب الذي روض الإسلام دهاءه
كان الانصار يعاملونه علي حداثة سنه كزعيم، وكانوا يقولون:
" لو استطعنا ان نشتري لقيس لحيه باموالنا لفعلنا"، ذلك أنه كان أجرد
ولم يكن ينقصه من صفات الزعامة في عرف قومه سوى اللحية
التي كان الرجال يتوّجون بها وجوههم.
فمن هذا الفتي الذي ودّ قومه لو يتنازلون عن أموالهم لقاء لحية تكسو وجهه
وتكمل الشكل الخارجي لعظمته الحقيقية، وزعامته المتفوقة. قال عمرو بن دينار: "كان قيس بن سعد رجلا ضخما، جسيما، صغير الرأس
ليست له لحية، إذا ركب حمارا، خطت رجلاه الأرض فقدم مكة، فقال قائل:
"من يشتري لحم الجزور"
وكان ليس فِي وجهه لحية ولا شعرة، فكانت الأنصار تقول:
"وددنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا"
وكان مع ذلك جميلًا. من أجود بيوت العرب وأعرقها
البيت الذي قال فيه الرسول عليه الصلاه والسلام:
" إن الجود شيمة أهل هذا البيت".
ولم يكن الجود خلقا طارئا علي قيس، فهو من بيت عريق في الجود والسخاء
فابوه هو الصحابي الجليل سعد بن عباده سيد الخزرج،
وكان لاسرة قيس، على عاده اثرياء وكرام العرب يومئذ
مناد يقف فوق مرتفع لهم وينادي الضيفان الي طعامهم نهارا
أو يوقد النار لتهدي الغريب الساري ليلا، وكان الناس يومئذ يقولون:
" من أحبّ الشحم، واللحم، فليات اطم دليم بن حارثة". ودليم بن حارثة، هو الجد الثاني لقيس.
ففي هذا البيت العريق أرضع قيس الجود والسماح
وتحّدث يوما أبو بكر وعمر عن جود قيس وسخائه وقالا:
" لو تركنا هذا الفتي لسخائه، لاهلك مال أبيه".
منزلته عند رسول اللهوحين أسلم سعد أخذ بيد ابنه قيس وقدّمه إلى الرسول قائلا:
" هذا خادمك يا رسول الله"
كان قيس ملازمًا للنبي حتى قال عنه أنس:
كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.
[البخاري والترمذي].
دوره في المعاركعرف بشجاعته وبسالته وإقدامه، فكان حاملا للواء الأنصار مع رسول الله
وشهد مع الرسول الغزوات، وأخذ النبي الراية يوم فتح مكة من أبيه سعد
وأعطاها لابنه قيس؛ حيث كان بطلاً قويًّا وفارسًا مقدامًا ومجاهدًا عظيمًا.
داهية العرب لولا الإسلامإنه الداهية الذي يتفجر حيله، ومهاره، وذكاء
والذي قال عن نفسه وهو صادق:
"لولا الإسلام، لمكرت مكرا لا تطيقه العرب"
ذلك أنه حادّ الذكاء، واسع الحيلة، متوقّد الذهن. ولقد كان مكانه يوم صفين مع علي رضي الله عنه ضدّ معاويه رحمه الله
وكان يجلس مع نفسه فيرسم الخدعه التي يمكن أن يؤدي بمعاوية وبمن معه في يوم
أو ببعض يوم، بيد انه يتفحص خدعته هذه التي تفتق عنها ذكاؤه
فيجدها من المكر السَّيِّئُ الخطر، ثم يذكر قول الله سبحانه:
فيهبّ من فوره مستنكرا، ومستغفرا، ولسان حاله يقول:
"والله لئن قدّر لمعاويه أن يغلبنا، فلن يغلبنا بذكائه، بل بورعنا وتقوانا" وفاته رضي الله عنه روى قيس كثيرًا من أحاديث رسول الله
وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين.
وعاش قيس في المدينة، حتى توفي في آخر خلافة معاوية رحمه الله
مواقع النشر (المفضلة)