إن اللغة العربية لا تضاهيها أية لغة أخرى لا من حيث ثرائها اللغوي ولا البلاغي
إذ أنها تحمل بين معانيها دررا وبين تعبيراتها مما يتيح التبحر في بحرراقي جواهرها و الغوص في محيطات جمال نفائسها
الثمينة التي لا نجدها في غيرها من اللغات
وقد كان للغة الضاد فضل جم على كتاب وشعراء هاموا فيها حبا وأغرموا بجمالها فتفننوا وأبدعوا أيما إبداع فأتوا بما لم يسبقهم إليه غيرهم
إليكم بعضا مما راق لي وأعجبت به وعجبت له من إبداع هؤلاء المبدعين
مودته تدوم لكل هول ***** وهل كل مودته تدوم
موضع الغرابة في البيت أنه لا يستحيل بالانعكاس (أي يقرأ من الجهتين)
وأبرع منه في الصنعة قول الشاعر:
قمر يفرط عمدا مشرق ***** رش ما دمع طرف يرمق
قيل إفتح باب جار تلقه ***** قلت راجٍ باب حتف أليق
والجمل التي لا تستحيل بالانعكاس كثيرة مشهورة:
منها في القرآن (ربك فكبر)
وقول بعضهم (سر فلا كبا بك الفرس)
وقول بعضهم (دام علاء العماد)
وقول بعضهم (بكر معلق تحت قلع مركب)
وقول بعضهم (بلح تعلق بقلعة حلب)
وأعجب من ذلك أن تكون الأبيات إذا قرئت من اليمين مدحا، وإذا قرئت من اليسار هجاء
اقرأ في المدح:
باهي المراحم لابس ****** كرما قدير مسند
باب لكل مؤمل ****** غنم - لعمرك - مرفد
اعكسها تجد:
دنس مريد قامر ****** كسب المحارم لا يهاب
دفر مكر معلم ****** نغل مؤمل كل باب
هذا إذا عكست الحروف حرفا حرفا، ولكن ماذا عن عكس الكلمات؟
اقرأ في المدح:
حلموا فما ساءت لهم شيم ****** سمحوا فما شحت لهن منن
سلموا فما زلت لهم قدم ****** رشدوا ما ضلت لهم سنن
اعكسها كلمة كلمة تجد:
منن لهم شحت فما سمحوا ****** شيم لهم ساءت فما حلموا
سنن لهم ضلت فما رشدوا ****** قدم لهم زلت فما سلموا
وهذان بيتان كل حروفهما غير متصلة
دار ود إن أردت ورودا ****** واردع ودع دارا أوت داوودا
وإذا رأوا مرءا ودودا واردا ****** زادوه ودا أن رأوه ودودا
تأملوا معي عظمة وقدرة وبهاء وجمال لغتنا المخضرمة
مواقع النشر (المفضلة)