كان النوم يداعب جفونه بشدة بينما نشرة الأخبار تتابع أخر ماورد عن السحابة السوداء وبين لحظة وأخرى يفتح عينيه بالعافية ويطرطق آذانه لسماع الجديد
في الموضوع حيث اقتربت السحابة المشئومة من حدود بلاده ولكن كل قوى مقاومته انهارت تماما وراح فى نوم عميق
استيقظ على نداء زوجته إصحى يا منيل حد ينام لغاية الساعة تسعة أتفضل يالا
قوم شوف شغل المطبخ والبيت والله ما انا عارفه بعاملك بالحنية دى إزاى على الله تثمر فيك يا أحمد حرجع من بره الآقى الغدا جاهز والشقة بتبرق فاهم ؟؟
فتح عينيه مشدوها مما يسمع وسمع صوت الباب ونزل سريعا من الفراش يغلق خلف زوجته فجلس على اقرب مقعد ولمح الجريدة وبدأ التصفح فزادت دهشته
ونظر فى الصفحة الرئيسية تتوسطها صورة كبيرة لسيدة مكتوب اسفلها السيدة
حكمت هانم رئيسة الجمهورية فدعك عينيه بيديه ونظر مرة اخرى وتابع الخبر
اسفلها فالسيدة حكمت استقبلت زعماء الأحزاب ورئيسة مجلس النواب وناقشت
معهم استراتيجية التحرك فى اتجاه دعم الفقراء من الرجال وتخفيف العبء عن
السيدات لتمكينهن من رعاية اسرهن
وأولت السيدة رئيسة الجمهورية اهتماماً كبيرا لسماع وجهة نظر خديجة هانم رئيسة حزب الدفاع عن حقوق الرجل بخصوص رفع مستواه الإجتماعى والوظيفى
ومطالبة المجتمع بالرفق به
وظل يقلب الصفحات فوجد ان فريق الدولة الوطنى قد فاز فقط واحد صفر على الدولة الجارة واحرزت الهدف هدافة المنتخب اللاعبة المحترفة (كمونة) وانتقل الى صفحة الحوادث ليجد ثلاثة جرائم كلها تدور حول خطف واغتصاب الرجال
بواسطة سائقات التاكسى وأن وزيرة الداخلية تناشد الشعب الترفع عن مثل هذه الأموروسلامة المجتمع للمحافظة على حقوق الرجال
ظل صامتا لفترة وقام صاغرا لتنظيف الشقة وتجهيز الطعام ودلدل رأسه وبعد
ان انهى كل أعماله سمع اصواتا فى الشقة المجاورة لصديق عمره مختار فقفز
الى رأسه ضرورة لقائه حالا
وعندما فتح البابوجد عددا من السيدات تقفن امام باب مختارفى انتظار فتح الباب ووجهت احداهن الحديث اليه حاجة عجيبة انت واقف كده ليه ؟؟ خش واقفل الباب عليك احترم مراتك
الضيفة : يا دوبك الست تخرج من هنا والرجالة الملاعين يقعدوا يبصوا من الأبواب ولا كأن لهم اولياء أمور يترد عليهم زادت دهشته
فدق جرس الباب فتحت الباب اخت مختارإلا انه لم يتراجع عن الكلام مع مختار
اخت مختار : عايز أيه مش شايف عندنا ضيوف
أحمد فى صوت منخفض : ممكن أكلم مختار
أخت مختار : هو احنا فاضيين لكم ؟طيب حناديهولك بس ما تحصلش منك تانى
علشان تعرفوا قد ايه بنعطف عليكم وتبطلوا شكاوى فى الجرايد !!
مختار بصوت اكثر انخفاضا : أيوه يا أحمد عايز حاجة
أحمد هامسا : أيوه عايزك ضرورى ممكن تيجى معايا دقايق
مختار : لا صعب جدا عندنا ضيوف طيب تعالي معايا نتكلم فى المطبخ بس أرجوك محدش يشوفك ولا يسمع صوتك
ودخلا على أطراف أصابعهم ووجدا أبو مختار فى المطبخ أيضا يعد بعض أطباق الكيك والشاي للضيوف
أحمد : هو مين اللى عندكم
مختار : أصل فى ناس جاية تتكلم على مصطفي أخويا
أحمد سائلا برعب : هو فى أيه يا مختار
نظر مختار إلى أحمد نظرة بلهاء . ثم طلب منه أن يصمت ليستمعوا إلى ما يحدث بالصالة فى حين ذهب أبو مختار إلى مصطفى ليرى إذا ما كان قد أعد نفسه للظهور أمام العروس وتقديم الشاى للضيوف أم لا وأخرج مختار أذنه خارج المطبخ ليتصنت
أم العروس : سمعنا عنكم كل خير يا أم مصطفي وجايين نطلب ايد أبنكم لبنتنا هايدى وعلى الله يطلع زى ما وصفته
أم مختار : أهلا يا هايدي نورتى بس ممكن أعرف منك شوفتى مصطفى فين دا أحنا ولادنا ما بتظهرش قدام حد خالص
هايدي : والله يا طنط هي لحظة واحدة دا حتى كان بيجرى علشان يلحق الأتوبيس
فسألت عليه أبن مين الواد المؤدب ده دلونى عليكم
دخل مصطفى المطبخ وحمل صينية الشاى والكيك ويداه يرتعشان من الخوف والحياء بينما والده يراجع آخر تضبيطات ملابسه وتحرك مصطفي بالحمولة والجميع بالمطبخ والصالة واثقون ومتأكدون أن الصينية وحاملها سيكونا على الأرض بعد لحظات
اقترب مصطفى من العروس وهى تضع ساقا على ساق وتنفث فى وجهه دخانا
ازرق من سيجارتها فتناولت منه الطبق وهى تفحصه لأول مرة
طلبت منه ام هايدى الجلوس معهم للحظات بعد استئذان امه فجلس وهو ناظراللأرض إلا ان صوت امه جاء قاطعا اقعد متحشم يا ولد .
فربع يديه فورا على صدره وضم ساقيه وهو مازال محافظا لى نظره فى اتجاه
للأرض وما هى لحظات الا وأفاق على صوت السيدات يقرأن الفاتحه فوجد ابيه يسرع للبلكونة ويطلق زغروته عالية طويلة وما ان سمعتها بعض السيدات على القهوة اسفل البلكونة الا ومالت احداهن على زميلها على نفس المنضدة .
الأولى : هو ابن مين عندكم بيتخطب النهاردة ؟؟
الثانية بعد ان سحبت نفسا طويلا من الشيشة والله ما انا عارفة ما هو الاولاد
بقوا اكتر من الهم على القلب دا انا عندى فى العمارة بتاع تسعة معنسين .
لم يتحمل احمد كل هذاوعاد الى شقته على اطراف اصابعه بعد ان اطمئن على
مستقبل مصطفى وفتح التليفزيون وهو يتلفت خوفا من ان تكون زوجته قد جاءت
قبل عودته فوجد نشرة الاخبار المسائية تنقل على الهواء مباشرة مظاهرة للرجال فى اكبر ميادين العاصمة تطالب بالمساواة بالمرأة .
وتذكر فجأة انها طلبت منه احضار بعض اللوازم من السوبر ماركت فاخذ المفتاح وخرج من الشقة فوراوبعد خروجه من الاسانسيروجد زوجة البواب على مدخل العمارة وامامها كوب الشاى بينما زوجها يمسح جزءا من أرضية المدخل فى حين يعلو صوت زوجته اثناء حديثها فى الموبايل .
زوجة البواب : لا يا هانم اطمئنى حبعتلك شغال مية مية حيقلبلك الشقة وحتتبسطى ان شاء الله طبعاً طبعاًرجالة النهاردة مش زى زمان أنا والدتى الله يرحمها كانت بتوقفهم طابور من مائة واحد علشان تختار واحد يكون مخلص فى شغل المطبخ ونظافة الشقة .
خرج الى الشارع فوجد مجموعات من البنات موزعة على النواصى فى طريقه الى السوبر ماركت وعلى اقرب ناصية اضطر للمرور بمجموعة منهن اخذن يعاكسنه بالفاظ قبيحة وما ان تخلص منهم الا وشعر باحداهن تسير خلفه بهدوءسارع فى خطاه فى اتجاه السوبر ماركت لأن هذه المنطقة من الشارع كانت قد خلت تماما من المشاة ودخل السوبر ماركت على عجل مرعوبا ممن تلاحقه فاصطدم بأحد السيدات وهو يدخل فظل يعتذر لها وهى تنظر له فى هدوء وتركيز
السيدة : أنت أحمد
أحمد : أيوه يا هانم
السيدة : كانت مراتك طلبت منى ادور لك على شغل أنت أشتغلت ولا لسه ؟
أنت معاك شهادات أيه ؟
ظل احمد ينظر لها شارداوهو يعصر ذهنه ليتذكر اذا ما كان قد تعلم من الاصل واى شهادة حصل عليها وافاق على نداء صاحبة المحلبعد ان تركته السيدة واقفا
صاحبة المحل : ما انتوا خايبين بس شاطرين تطالبوا بالمساواة مساواة ايه ونيلة ايه اذا كنت مش فاكر شهادتك حنأتمنك على مصالح الناس ازاى.
الله يكون فى عونها مراتك مستحملاك على أيه اما تتعلموا تتحملوا المسئولية الاول ؟جتكوا نيلة رجالة خيخة كنت جاى عايز ايه ؟؟ ولا نسيت دى كمان ؟؟
وبالفعل نسى احمد ما كان قادما لشرائه وعاد فورا الى الشقة وفى بهو العمارة وقفت فتاة صغيرة تنتظر وصول الاسانسيرظلت تنظر له وعندما فتح الباب
الفتاة : أدخل أنت انا مش بركب مع رجالة كل يوم واحد منكم يدعى ان انا اتعديت عليه فى الاسانسير يلا اطلع انت وانا حستنى علشان تعرفوا احنا احسن منكم قد ايه .
وصل احمد الشقة وكأنه قادم من سفر طويل ودخل فورا الى الحمام وظل ينظرلنفسه نظرة طويلة ويحمد الله انه بلا اطفال حتى الآن مين يعرف
وبعد ان غسل وجهه جلس على المقعد قليلا وراح فى نوم عميق
احس احمد بهزات رقيقة وصوت ناعم وكلمات لم يتخيل انها له
زوجته : أحمد أصحي يا أحمد حد ينام لحد الساعة 4 بعد العصر ؟
أفاق أحمد فوجد نفسه على سريره وظل يهز رأسه ويفرك عينيه وصوت زوجته من بعيد
أنا عملالك النهارده أكل حتاكل صوابعك وراه يا حبيبى
يالا يا أحمد الغدا هيبرد
أحمد : أنتى متأكدة من كلامك ؟ هو أنتى رجعتي أمتى من بره ؟
مالك يا أحمد وبعدين أيه حكاية رجعتى من بره أمتى ده ؟
فنظر أحمد لزوجته وسمع الأثنان صوت زغاريد من عند الجيران
أحمد : دا مصطفي
زوجته : مصطفى مين سلامة عقلك ده حنان أخته جايلها عريس مصطفى لسه فى الأعدادية
أحمد : ربنا يستر على طول حد عارف
مواقع النشر (المفضلة)